مفتي اليونان: الفتاوى الشاذة سمٌ قاتل

الأربعاء، 18 أكتوبر 2017 01:47 م
مفتي اليونان: الفتاوى الشاذة سمٌ قاتل
مؤتمر الافتاء
منال القاضي

قال الشيخ حافظ جمالي مجو مفتى مدينة كوموتينى بشمال اليونان، إن الشذوذ في الفتوى له مفاسد جسيمة، وأخطار عظيمة لا تقل خطورةً عن العولمة، ومما يزيد خطورته، أنه يمس جميع الأبواب الفقهية، فيدلس على المتلقين دينهم، ويهدد أمنهم واستقرارهم من خلال التغرير بهم وتحريضهم على الإفساد وإعطائه صبغة شرعية في ظل استمرار سكوت العلماء، وتضخيم وسائل الإعلام.
 
وأضاف في كلمته بالجلسة الأولى باليوم الثانى لمؤتمر دور وهيئات الإفتاء في العالم المنعقد بعنوان "دور الفتوى في استقرار المجتمعات"، حيث تنعقد الجلسة بعنوان "الفتاوى الشاذة وأثرها السلبى على الاستقرار"، إذا كان الصحابة خافوا من الإفتاء وتحاشوه قدر المستطاع وكان الواحد منهم يتمنى أن يكفيه صاحبه الفتوى، وحذروا منه، فهذا الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول: "إياكم والرأى، فإن أصحاب الرأى أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم، فضَلُّوا وأضلوا".
 
وقال مفتى اليونان: من مخاطر البرامج الإفتائية المباشرةِ صعوبة تدارك زلة العالم، وتجرُّأ المتعالم، حيث تنتشر فتاويهم بين الناس انتشار النار في الهشيم، ولن ينفع آنذاك لا رد العلماء عليها، ولا حتى رجوع العالم عنها، حيث خلقت الفتاوى الشاذة جوًّا مشحونًا بالمهاترات بين العلماء، صَرفهم عن المعضلات الخطيرة التي تمر بها الأمة، وإذا كان هذا حالهم وهم العلماء فإن أحدًا لا يلوم عامة المسلمين حين يراهم يعظمون سفاسف الأمور، ويتجاهلون عظائِمها، منشغلين بالسعى وراء غذاء الجسم ومتجاهلين غذاء الروح.
 
ومن أمثلة ذلك ما حدث بين الدكتور القرضاوى والهيئة العامة للإفتاء بالمغرب، حين أباح القروض البنكية للمواطن المغربى في الحالات الاضطرارية، قياسًا على فتوى صدرت في السابق واتهم المسلمين المقيمين في ديار المهجر، وقد ردت هيئة الإفتاء المغربية بسرعة وبلهجة شديدة متهمة إياه بالغرور والسعى وراء المناصب، حيث جاء في بيانها: "إن الفتوى أصبح يتولاها كل من هبَّ ودبَّ، وقد صار أمرها بيد متنطعين مغرورين أساء بعضهم استخدام العلم في غير ما ينفع الناس، واتخذه سلمًا لاعتلاء كرسى الرئاسة والزعامة العلمية، فأعطى لنفسه الحق في إصدار فتاواه لأهل المغرب، ونصب نفسه إمامًا عليهم متجاهلًا ما للمغرب من مؤسسات علمية وشيوخ أعلام متخطيًا بذلك كل الأعراف والتقاليد التي احتكم إليها العلماء قديمًا وحديثًا".
 
وأوضح المفتى اليونانى: فلما صارت الفتوى سلعة رخيصة وانتحلها من ليس لها بأهل، فزخرفت القنوات الفضائية بالعديد من الفتاوى التي ضلت طريقها وانحرفت عن جادة الصواب، ففتحوا ثغرات عديدة على الأمة، فكانت أشبه بموجة التسونامى أدت إلى زعزعة الثقة بين المفتى والمستفتى، وكثرت بسببها البدع، ومثل هذه الفتاوى تخدم العلمانيين الذين ديدنهم التكالب على الإسـلام بتصيُّد العثرات والأخطاء لجعل الدعاة تحت مطحنة النقد والتقريع والتشويه، وما يحدث عبر الفضائيات من مناظرات هي أقرب إلى صراع الديوك منه إلى الجلسات العلمية خير شاهد على ذلك.
 
ولفت إلى أن الفتاوى الشاذة سمٌّ قاتل ينتشر في جسد الدول ويشلها تمهيدًا للقضاء عليها سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا من خلال العبث بمقدراتها واستغلال مواردها، ويتجلى ذلك في استنزاف ثرواتها في إعادة بناء ما خرَّبه التدمير بدل إنفاقها في مجالات التقدم والتطور.
 
وشدد في ختام كلمته على ضرورة ضبط الفتوى وتضييق دائرتها، حتى لا يتصدر لها هواة التميُّز والباحثون عن الشهرة وخُدام الأنظمة، حتى نحافظ على أمن واستقرار مجتمعاتنا والعالَم كله من العبث، مضيفا أن ظاهرة التنطع والغلو في الدين من أكبر التحديات الفكرية التي يواجهها شباب الأمة الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة التطرف وسندان الانحلال الدينى والخلقى، حيث يجب الأخذ بأيديهم إلى بر الأمان، من خلال الاهتمام بهم واحتوائهم، ولا بد من الاهتمام بالمناهج التربوية في جميع المراحل الدراسية، وبخاصة التربية الإسلامية من أجل تحصين أفكار طلابنا ضد المفاهيم المنحرفة والتطرف الفكرى الذي نشر العنف بين الناس.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق