الصراع بين الروح والعقل.. كيف يتواصل الشباب مع الله؟
الأحد، 15 أكتوبر 2017 11:10 م
تعددت المناقشات الفلسفية حول وجود الله والاعتراف به، فقد يرى البعض أن العلم وكثرة القراءات الفلسفية هو الطريق الوحيد لتدليل المادي والمحسوس على وجود الله، لذلك سعى عدد كبير من الشباب للقراءة عن ماهيته وخلقه ووجوده والذات الإلهية، ولكن كل هذه القراءات باتت دون جدوى، ودون إجابة صريحة، دون أدلة منطقية توضح أين الله في عالمنا، وماهي ماهيته؟ وذلك لأن هؤلاء الشباب أغفلوا الجانب الروحاني الذي يقوم على أساسه التواصل مع الله، فالروح هى ذات معنوية قائمة بذاتها، تنفصل كل الانفصال عن العقل، فالعقل يهتم بالبحث في الماديات فقط، بينما الروح تصل إلى ما يعجز العقل عن الوصول له، ويمكن الجزم بأن العقل يتأثر بالروح والعكس ليس بصحيح على الإطلاق.
تذبذبت الركائز الدينية للشباب الذين يحاولون الوصول إلى الله، حول كونهم مسلمين بالفعل أم مسحيين، أم ملحدين، أم من الفئات اللادينية، والحقيقة أن هؤلاء الشباب يؤمنون بوجود الله والتواصل الروحانى معه، لكنهم يريدون رؤيته، تجسيده، تلمسه، ليس لإثبات عدم وجوده لكن للتقرب منه، إذ فهؤلاء ليسوا ملحدين لأن الإلحاد هو عدم الاعتقاد في وجود الله، وعدم الإيمان به، وليس من اللادينين لأن كافة الأديان السماوية تؤمن بوجود الله، مع اختلاف كيفية التواصل معه.
- كيف يتواصل الشباب مع الله؟
يقول «محمد. ج» البالغ من العمر 25 عامًا، والمنتمي للديانة الإسلامية، إنه مؤمن بوجود قوة إلهية تسيطر على العالم، وهي الذي خلقت الكون، «لكن لا زلت أجتهد في محاولة للوصول إلى ملامح واضحة لهذه القوة»، مشيرًا إلى أنه يتواصل مع الروح الإلهية من خلال الجلوس أمام المياه في لحظات تأملية، أما عن الصلاة فقال: «الصلاة تعني الصلة.. وهى إننى أصل الله دائمًا واشعر بوجوده».
وتضيف «هاجر. أ» 21 عامًا، إنها «دائما ماتتواصل مع الله من خلال الاستماع إلى القرآن الكريم، واصفة له بأنه يعيد ترميم الروح من جديد، ويبعث الطمأنينة والسلام الداخلي لها.
ويقول «سعيد. ن» 29 عامًا، إنه مؤمن بوجود الله، وإنه المتحكم الأساسي فى كافة الأمور الدنيوية، مشيرًا إلى أنه أطلع على غالبية الأديان ووجد إن جميعها تدعو لتوحيد الله، ووجود إله واحد، وعن اتباعه لأي دين فأجاب بإن جميع الأديان تدعو إلى الإنسانية وتنظيم العلاقة بين الناس وبعضها البعض.
إجابة الإسلام عن ماهية الله
فسر الدكتور على عبد الباقي أمين مجمع البحوث الأسلامية الأسبق، مفهوم الدين الإسلامي بإنه دين المعاملة، حيث جاء الإسلام لدعم الأخلاق والتربية وتقويم النفس، وتعزيز قيمة الإنسانية في المجتمع؛ فالإسلام هو إعلاء قيمة الإنسان عند الإنسان، مشيرًا إلى أن الإسلام هو الديانة الوحيد التى ترسى مبادئ الإنسانية ولكن كافة الرسالات السماوية جاءت لنفس السبب.
وأكد أمين مجمع البحوث الإسلامية الأسبق، في تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»، أن الإسلام هو كل عمل صالح ينتج عنه قيمة خيرية صالحة يمثل نوع من العبادة، كما أن الإسلام ينبذ العنف والتطرف والتحيز عن الحق حيث ذكر في القرأن الكريم في سورة النساء «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرً»، وذلك يعني أن القران دائما مايسمو بالأخلاق والإنسانية، فالدين اختص بالإنسان وليس المسلم فقط، لذلك يأمرنا الله تعالى بالتعامل مع كافة الأديان دون تحيز أو اختلاف.
ويشير «عبد الباقي»، إلى أن هناك العديد من الشباب يؤمنون بوجود قوة قاهرة تتحكم في الإنسان سوء مسلم أو غير مسلم، ويحاولون البحث والوصول لهذه القوة المتمثلة في الله، فهؤلاء الشباب يتبعون أهوائهم لأن هذه القوة لا يمكن الوصول إليها بالعقل، لأن الله أسمى واعظم من ذلك، مؤكدًا إن التواصل مع الله يتم عن طريق الروحانيات وهو الشق الذي يغفله هؤلاء الشباب، فالإسلام جاء ليسمو بأرواحنا.
ويوضح «على»، أن أسباب ظهور جماعات متطرفة تعمل تحت أى مسمى يرجع إلى اتباعهم لتعصب علماء ومشايخ قاموا بنقل الفكر المتطرف لهم من خلال تفسيرهم لآيات القران الكريم، وإصدار الفتاوى المعارضة للإسلام، لافتًا إن مثل هذا التطرف بالتأكيد لا ينتمى للإسلام لأن الإسلام بعث ليتتم مكارم الأخلاق.
ويشير إلى أن أصل الجماعات الإرهابية يعود إلى السلفين الذين اتخذوا من الوهبية نهجًا لهم، فهو لا يدعون لعبادة الله ولا يبتغون السماحة الدينية ونشر الإنسانية، لكنهم يبغون تثبيت فكر محمد بن عبد الوهاب، والاسلام لم ينزل لتحيز لمذهب دون الأخر ولكن نزل للسمو بروحانيات المجتمع.
ويتابع: «تفسير مفهوم الإسلام بكافة جوانبه وتوصيله للشباب يحتاج إلى مجهود من قبل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، والعلماء الشرفاء الذين يبغون نشر سماحة الدين الإسلامى وليس الشهرة وكسب المال والنفوذ».
- الذات الإلهية والقدرة الإلهية
وقال الدكتور شعبان عطية أستاذ علوم القرأن الكريم بجامعة الأزهر، إن محاولات الشباب للبحث والوصول إلى الله أمرًا إيجابي، ويعنى أن الشباب أصبح مهتم بالإيمان والعقيدة، وحرية الفكر والتفكر، مشيرًا إلى أن دلائل وجود الله كامنة في كافة ملموسات الحياة المادية.
وأكد «شعبان»، في تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»، على ضرورة الفصل بين محاولات البحث للوصول إلى الذات الإلهية، والقدرات الإلهية؛ فالقدرة هي كل دلائل وجود الله حولنا المتمثلة في الخلق العظيم لتكوين الإنسان بهذه الدقة، أما الذات الإلهية فلا يمكن الوصول لها لأن العلم يعجز عن التحقق في هذا الأمر، فعلوم الفلسفة تقف عند حد معين لا يمكن تعديه.
وناشد أستاذ علوم القران، الشباب بالتفكر والتدقيق فيما يؤمنون به حتى يتمكنوا من تكوين العقل السليم.
أما عن إجابة المسيحية
قال القس رفعت فكري، مسئول لجنة الإعلام بسنودس النيل الإنجيلي، إن إيمان الفرد بوجود الله ينبع من اليقين الروحاني في التواصل معه وليس عن طريق العقل والبحث والعلوم والتكنولوجيا، مشيرًأ إلى أن العقل يهتم بكل ماهو ملموس ومتجسد على أرض الواقع هو مايعني الوصول لليقين .
وأكد القس رفعت فكري، في تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»، أن لا يوجد قدرة في الكون تساوى القدرة الإلهية، والدليل على ذلك قدرة الفرد على التواصل الروحاني مع الله دون غيره، لذلك لا يمكن استخدام العلم لتدليل على وجود الله .
وأوضح إن الوجود الإلهي لا يمكن الوصول إليه، ولكن كل مانستطيع القيام به هو التدليل على وجوده، وهذا مايقوم به العلم هو البحث في مخلوقات الله وليس ذاته الإلهية.
القس رفعت فكري
تجدر الإشارة إلى أن قبل أشهر أطلق مجموعة من الطلاب الألمان إحصائية عن نسبة اللادنين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ووفقا لهذه الإحصائيات جاءت المغرب فى المركز الأول فى عدد «اللا دينيين» بنسبة 26.5%، ثم سوريا فى المركز الثانى بنسبة 13.8% ثم العراق فى المركز الثالث بنسبة 13.5% ثم مصر فى المركز الرابع بنسبة 8.4% وتونس فى المركز الخامس بنسبة 5.9%.
ووصف هذه المجموعة الملحدين بأنهم اللادنين لانهم لم يحددون أى درجة من الإلحاد ينتمي هؤلاء اللادنين فهناك نوعين من الميل عن الدين، الأول الألحاد القوي وهو نفي وجود القوة الإلهية تمامًا وعدم الإعتراف بها، أما النوع الثاني هو الإلحاد الضعيف والذي يعني عدم الاعتقاد في وجود الله، والفرق بينهم أن الملحد القوى يجتهد في تقديم الدلائل من نظريات علمية وفلسفية تُثبت عدم وجود الله، اما الملحد الضعيف فيكتفى بعد الإعتقاد في وجود الله.
اقرأ أيضًا: