في ذكرى نوبل.. نجيب محفوظ الروائي الحي (بروفايل)
الجمعة، 13 أكتوبر 2017 09:00 ممحمد أبو ليلة
في يوم الـ 13 من أكتوبر عام 1988، قبل هذا اليوم بـ 29 عاماً وبينما الجميع ينتظرون الفائزون بـ جائزة نوبل للعام نفسه، ظهر أمين السر الدائم للأكاديمية السويدية على خشبة المسرح ليعلنها "بموجب قرار الأكاديمية السويدية هذا العام مُنحت جائزة نوبل للآداب لأول مرة إلى مواطن مصري.. نجيب محفوظ المولود في القاهرة، هو أيضاً أول فائز لغته الأدبية الأم هي اللغة العربية".
كانت الثلاثية "بين القصرين وقصر الشوق والسكرية" التي كتبها "محفوظ" في خمسينيات القرن الماضي، واعتبرها اتحاد كتاب العرب أفضل رواية في تاريخ الأدب العربي، سبباً رئيسياً في وصوله للعالمية وفوزه بجائزة نوبل في الآداب.
الثلاثية
وفي الثلاثية تأثر محفوظ بثلاث مدارس غربية هي المدرسة الواقعية الفرنسية متمثلة في أونوريه دي بلزاك وجوستاف فلوبير، والمدرسة الطبعانية متمثلة إميل زولا، ومدرسة الروائيين الإنجليز الإدوارديين مثل جلزورذي وبنيت.
"في الثلاثية أتاح محفوظ للقصة أن تبلغ من الإتقان والروعة ومن العمق والدقة ومن التأثير الذي يشبه السحر ما لم يصل إليه كاتب مصري قبله".. هكذا قال عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين تعليقاً على ثلاثية محفوظ.
محفوظ الذي وُلد في ديسمبر من عام 1911، بحي الجمالية بدأ كتابته الأدبية في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة، وفي 1939، نشر روايته الأولى "عبث الأقدار" التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية، ثم نشر كفاح طيبة ورادوبيس، منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة.
ومنذ عام 1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية القاهرة الجديدة، ثم خان الخليلي وزقاق المدق،جرب نجيب محفوظ الواقعية النفسية في رواية السراب، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية وثلاثية القاهرة.
واقعية محفوظ
فيما بعد اتجه محفوظ إلى الرمزية في رواياته "الشحاذ"، وأولاد حارتنا، التي سببت ردود فعلٍ قوية وكانت سبباً في التحريض على محاولة اغتياله، كما اتجه في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفنتازيا كما في روايته الحرافيش، ليالي ألف ليلة.
وشرع محفوظ في كتابة البوح الصوفي والأحلام كما في "أصداء السيرة الذاتية، أحلام فترة النقاهة"، واللذان اتسما بالتكثيف الشعري وتفجير اللغة والعالم، وتعتبر مؤلّفات محفوظ من ناحية بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبارها تدويناً معاصراً لهم الوجود الإنساني ووضعية الإنسان في عالم يبدو وكأنه هجر الله أو هجره الله، كما أنها تعكس رؤية المثقفين على اختلاف ميولهم إلى السلطة.
محاولة اغتياله
في أكتوبر 1995 طُعن نجيب محفوظ في عنقه على يد شابين قد قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل"أولاد حارتنا"، وكانت طبيعة نجيب محفوظ الهادئة لها أثر كبير في عدم نشر الرواية في طبعة مصرية لسنوات عديدة، حيث كان قد ارتبط بوعد مع حسن صبري الخولي "الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر" وقتها، بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد أخذ موافقة الأزهر.
وطُبعت الرواية في لبنان من إصدار دار الآداب عام 1962 ومنع دخولها إلى مصر رغم أن نسخا مهربة منها وجدت طريقها إلى الأسواق المصرية، لم يمت نجيب محفوظ كنتيجة للمحاولة، وفيما بعد أُعدم الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقد على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنهم لم يُعدما.
وتُوفي نجيب محفوظ في بداية 29 أغسطس 2006 إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة في محافظة الجيزة لإصابته بمشكلات صحية في الرئة والكليتين. وكان قبلها قد دخل المستشفى في يوليو من العام ذاته لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع.