كيف نقرأ التاريخ؟
الأحد، 08 أكتوبر 2017 12:00 مداليا عيسى
«التاريخ فن، يوقفنا على أحوال الماضيين من الأمم فى أخلاقهم وحضارتهم والأنبياء فى سيرهم والملوك فى دولهم وسيرتهم حتى تتم فائدة الاقتداء فى أحوال الدين والدنيا».. ابن خلدون
من يكتب التاريخ؟ وكيف لنا أن نتأكد من أن ما كُتب هو ما حدث بالفعل؟
يقال: «إن التاريخ يكتبه المنتصرون» وهى مقوله إلى حد كبير حقيقية،
فعلى مر التاريخ كان كل من انتصر فى معركة أو حرب أو نجح فى اعتلاء السلطة هو من يكتب التاريخ.
صحيح أن من ابتدع هذا السلوك هم الفراعنة، فرغم عظمة التاريخ الفرعونى إلا أن غالبية ملوكة انتزعوا أعمال سابقيهم ونسبوها إلى أنفسهم وقد امتدت هذه الظاهرة لتاريخنا الحديث، فهناك دائما إشكالية فى كتابة التاريخ المصرى خاصة والعربى عامة.
وفى هذا السياق نستطيع أن نفهم مقولة: إ»ن المنتصر هو من يكتب التاريخ»، فالزعيم والقائد المنتصر هو البطل لا يذكر تاريخه إلا كل عظيم، ومع الوقت يصدق حقا كل ما كتبت يداه أو بالأحرى يدا مؤرخيه وينسى أنه المؤلف وواضع السيناريو.
ومع ذلك فكثيرا ما يطل العديد من التساؤلات برأسها وتدور حول حقيقة ما كتب أو ما سيكتب فبدأت تظهر دراسات تناقش روايات التاريخ وتحاول الإجابة على هذه التساؤلات غير ان استقبال العامة من الناس لها يتفاوت ما بين مكذب رافض تماما مخالفة ما تعلم وحفظ، وبين متحير لا يعرف اَى ورايه يصدق ولا أى تاريخ يحفظ.
والمسألة فى اعتقادى أننا بحكم تعليمنا القائم على الحفظ والتلقين لم نفهم أن التاريخ ببساطة هو تفسير لأحداث وقعت فى الماضى وليس الحقيقة المطلقة فنحن لم نتعلم أن نبحث فى جميع الروايات لنستنبط منها تصورا ربما يكون أقرب للحقيقة التى لا تكتب كاملة أبدًا فغالبًا ستجد انحياز الكاتب لأيدولوجية أو وجهة نظر معينة تؤثر على موضوعيته وتجرده حين يؤرخ.
ولأن التعميم خطيئة فلا بد أن نذكر أن هناك كتابا يكتبون التاريخ لوجه الحقيقة وبحيادية إلى حد بعيد.
وعلى الرغم من كل ما سبق فإن وعى الشعوب، العام، يعلم الحقيقة إلا ان التاريخ بالنسبة لها هو ما تريد أن تعرفه، هو الرواية التى تحب أن تصدقها لا ما حدث حقا، أو كما قال الشاعر الفرنسى بول فاليرى: «إننا لا نزال من التاريخ فى حالة الاعتبار الفطرى والمراقبة المضطربة.. التاريخ يبرر ما نريد، إنه لا يعلم شيئًا بدقة وحزم لأنه يشمل كل شىء ويقدم المثل على كل شىء.. التاريخ أخطر محصول أنتجته كيمياء الفكر».