العاصمة الإدارية الجديدة
السبت، 07 أكتوبر 2017 10:11 ص
هل جلس أحد المعترضين على بناء العاصمة الإدارية الجديدة مع نفسه وحاول أن يحسب أعداد العاطلين الذين وجدوا عملا ساعدهم في الإنفاق على أسرهم ؟ هل فكر في الأموال التي دخلت للدولة من بيع الأراضي والصحراء للمستثمرين ؟ هل جمع معلومات عن كم المصانع التي أنتجت مستلزمات البناء وبالتالي وظفت أعدادا من البشر وهل حصر فوائد الشركات التي باعت منتجات وفتحت بيوتا ؟ هل لديه أدنى معرفة بالمشروعات المقرر إقامتها هناك ؟أم أن المعترض يطبق مبدأ أنا أعترض إذا أنا موجود !
عندما أنظر لحال القاهرة الكبرى الآن لا أتصور ماذا لو بقيت بمساحتها القديمة دون توسع في بناء مدن جديدة مثل السادس من أكتوبر والشيخ زايد والتجمع والعبور والشروق ، وماذا لو اعترض الشعب وقت البناء ووافقته الحكومة ، وبقينا نحيا معا في نفس الرقعة القديمة مع الزيادة السكانية الرهيبة ؟ بالتأكيد كنا سنتكدس أضعاف ما نعانيه من تكدس ، والإنسان أحد متطلباته الأساسية كبشر (المساحة ) أو بالأدق الحد الأدنى من المساحة اللازمة للحركة والتنفس والحياة وما نعيشه من تلاسق وتضخم عددي على مساحة ضيقة غير إنساني بالمرة ، والناس من فرط ازدحامها أصبحت تكره بعضها وتكره اختناقها في هذا الحيز الضيق ، وبالتالي أجدني أنتظر على أحر من الجمر الانفراجة المنتظرة بعد الانتهاء من العاصمة الإدارية الجديدة ، ونقل الوزارات ومباني البرلمان ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية وأرض المعارض وقاعة المؤتمرات .. أنتظر الرحمة من مواكب المسؤولين التي عانينا منها لسنوات ومازلنا نعاني ولطالما طالبنا بإيجاد حلول لها .. أنتظر إنتقال أعداد من البشر وقد أكون منهم إلى براح أكثر اتساعا .
دعونا ننظر للجوانب الإيجابية ونتخيل القاهرة الكبرى التي ضاقت على شعبها حين تتسع وتكبر بشكل حضاري جديد وتستوعب أعدادا من السكان ، حيث تبلغ مساحة المرحلة الأولى للعاصمة الإدارية الجديدة 33.6 مليون متر مربع ، ويستهدف المشروع جذب حوالى 7 ملايين نسمة فى المرحلة الأولى فقط ، وتبلغ المساحة الكلية لها 168 ألف فدانا أي ما يعادل مساحة مدينة سنغافورة .
ستنتقل لها الوزارات بموظفيها ، كما سيتم ربط المشروع بخط سكة حديد جديد مع كافة شبكات سكك الحديد في الجمهورية ، وسيتم ربط مشروع القطار الكهربائي بمدينة العاشر من رمضان وبلبيس عن طريق القطار الكهربائي ، بالإضافة لإنشاء مطار دولي .
إن من نعم الله على مصر أن حباها بمساحة شاسعة ولكنها تظل بلا قيمة لو بقيت مجرد أرض وحبات رمال ، ولن تكون الأرض ذات جدوى إلا بتعميرها وها هي مصر تزدهر وتعمر ، وتشهد توسعات في جميع المحافظات والجهات فقد بدأ البناء في العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وبورسعيد الجديدة وغيرهم من المدن التي ستستوعب السكان وتبني لهم منازل وتفتح لهم مدارس ومستشفيات ومصانع ومحلات ومتنزهات ، وبالتالي فرص عمل وحياة جديدة مخطط لها أن تكون أكثر تطورا.
ما نحتاجه الآن هو أن نصم آذاننا عن المحبطين الذين يحملون في أياديهم مطارق الهدم ، ونفتح أذرعنا وننضم لمن يحملون مطارق البناء ، وغدا عندما نجد مصر في حال أفضل سنفتخر أننا كنا في صفوف البنائين ولم نكن مع هؤلاء الهدامين ، فالإنسان كما أنه كائن له تاريخ وحاضر هو أيضا له مستقبل ، ونحن لا نبني في الحاضر إلا من أجل التمكين في المستقبل ، ولا يمكن لدولة أن ترتب حياتها على أساس وجودها اليوم فقط كأنها ستموت غدا ، بل لابد أن تعمل وتتوسع وتتطور وتخطط لمشاريع قومية وكأنها ستعيش أبدا .
من المؤكد أن غدا أفضل بالأمل والعمل والإصرار على البناء والنظر للمستقبل بعين ثاقبة ، والتوقف عن النظر فقط تحت الأقدام والتشبث بالمثل الشعبي القائل ( إحييني النهاردة وموتني بكرة ) .