الخطاب الديني بين مطرقة إفراط الإرهاب وتفريط الإلحاد (الحلقة الأولى)
الإثنين، 02 أكتوبر 2017 03:00 ص
بين مطرقة الإفراط إلى حد التطرف، واليمينية البغيضة، وسندان الإفراط والتحررية المنفلتة، تقف الدولة المصرية، حائرة فيما يتعلق باللغة الواجب استخدامها؛ من أجل تجديد الخطاب الديني، وكذلك سبل تحديد الجهة الأولى بالمواجهة أولا؛ في ظل الخطورة الداهمة التي يمثلها كل من الجانبين على سلامة المجتمع.
وتتفاقم الأزمة إذا نظرنا إلى العثرات الخطيرة، التي تعرقل جهود، وطموح الدولة، في تجديد الخطاب الديني، وأهمها، بل وأخطرها على الإطلاق، هو سلسلة الفتاوى الشاذة، التي يطلقها دون وعي عدد من شيوخ الفضائيات.
وتزداد الأزمة تفاقما، عندما نجد أنفسنا أمام فتاوى لعدد من المختصين، التابعين لأهم مؤسسات دينية في مصر، لا يمكن وصفها إلا بأنها زلات متعمدة، تبدو وكأن أصحابها، نسوا ما تعلموه، وعلموه من أصول الدين الإسلامي، ولم يتذكروا سوى أداء دور فعال؛ في عرقلة جهود إنقاذ المجتمع من التراجع، والجهل، والتشويه الذي سببته الآراء الشاذة على مدار التاريخ.
ويأتي هذا كله في الوقت الذي تواجه فيه الدول الإسلامية مجتمعة، اتهامات عالمية، بالضلوع في الإرهاب، ودعمه، ومده بالمال، والبشر.
هذه الصعوبات مجتمعة، تصنع سياجا من العقبات التي تحتاج تكاتفا، واصطفافا، من أجل تخطيها بأقل خسائر ممكنة.
تفريط الإلحاد.. موضة عصرية
بينما تركز الدولة في مواجهة التطرف، والإرهاب، أطل خطر لا يقل فتكا، وهو الإلحاد؛ خاصة أن هذه الفئة الأخيرة تخفي اعتقادها داخلها، وتحافظ على انحراطها في المجتمع اليومي، وتكتفي ببث سمومها في عقول المقربين، رويدا رويدا، دون الدخول في مواجهات عنيفة، تستعدي الأفراد ضدهم.
وتقول الدكتورة هدى درويش أستاذ ورئيس قسم مقارنة الأديان، بجامعة الزقازيق، إن أفكار الملحدين، مستمدة من الثقافات الغربية؛ بعد أن صارت الأخيرة البديل لدى الكثير من الشباب، لافتة إلى أن الإلحاد بدا كأنه الموضة العصرية، التي يحرص عليها هذه الفئة؛ لتأكيد مدنيتهم، وتقدمهم الفكري، والحضاري!!
وأضافت لـ"صوت الأمة"، أن هذه الفكرة خاطئة تماما، وتدل على أن الشباب في مصر، لم يهتموا إلا بنقل سلبيات الحضارة الغربية، مشددة على أنه من الثابت تاريخيا، أن تقدم الأمم مرتبط ارتباطا وثيقا بسيادة الأخلاق، والقواعد المستمدة من السماء، وأن هذا هو السبب في بقاء الكثير من المجتمعات الغربية المتقدمة، على ارتباط بالكنيسة، والمعبد.
وتابعت: "من التناقضات المدهشة في فكر الملحدين، أنهم دائما ما يسبحون بحمد المجتمعات الغربية، وإسرائيل؛ باعتبارها نموذجا للحرية، متناسين أن إسرائيل على سبيل المثال، دولة دينية، تعتمد في وجودها ذاته على القومية اليهودية، وترتبط ارتباطا شديد القوة بالدين، وهو الأمر الذي ينطبق على ألمانيا كمثال لأهم الدول الأوروبية"، مضيفة: "يكفي أن الحزب الحاكم في ألمانيا يسمى الديمقراطي المسيحي، نسبة إلى الدين".
وأردفت أستاذ مقارنة الأديان قائلة: "الدرسات الأكاديمية تؤكد ارتفاع نسبة الإلحاد خلال السنوات الستة الأخيرة، بشكل مخيف، يجعل المواجهة مع هذا الفكرة، متساوية في الأهمية مع التطرف.