حرية الجسد وحرية العقل.. إشكالية ما بعد الرفاهية فى مصر

الأربعاء، 04 أكتوبر 2017 09:00 ص
حرية الجسد وحرية العقل.. إشكالية ما بعد الرفاهية فى مصر
محمد حسن الألفى يكتب:

ولا لأن الهداية نزلت على القلوب فملأت الوجوه بالسماحة، كلا.. بل لقدرته المختبرة المعتبرة على تجاوز المِحن إلى المُحن، والكهانة إلى الكُهن، فى انتقال سلس غير مسبوق لمنظومة هدم القيم، وتحطيم الحواجز واستبعاد المحاسبة المجتمعية. 
 
وإن أعجب فللسباق المحموم من مقدمى برامج «حوارية» سأعف قلمى عن وصفها، اتشحت بمصادر أكاديمية معروفة بأنها ميالة للمجاراة، تستضيف هى وغيرها، من يبرر ويدافع عن هوية جديدة فى مصر اسمها الحق فى الهوية الجنسية. واحد اسمه محسن البلاسى، وصفوه بالكاتب، وشكله وكلامه وخواتمه فى أصابعه وعقله المغلق على فكرة واحدة، هى أنه جاء ليمنع المجتمع من فكرة قتلهم لأنهم «شواذ» يوحى بمحام عن الرذيلة!
 
مخبره وجوهره، عفن، نشر تويتات بأن علينا تلقين أولادنا أن احترام اختلاف الغير جنسيا هو أعظم الفضائل، والترجمة الدقيقة لصاحب هذا الغثاء والترهات، أن علينا تعليم الأولاد أن الشذوذ حالة طبيعية لشبان مختلفين، وعليهم أن يحترموا هذا الحق، وأن من حق الشواذ رفع علمهم، ومضى يشرح معنى كل لون، ليحبب فى ضعاف النفوس الانحراف، ويبرره فنيا ونفسيا وسماويا.
 
مثل هذا الكلام القذر ما كان يجب أن يجد منصة لمدة ساعة ونصف، استهدفه فيها الناس بالحجارة واللعنات حتى تم طرده، لأنه سب السعودية! ولم يطرد ابتداء لدفاعه الحار عن شواذ منحرفين.
 
ما كان يجب أصلا استضافة العاهات العقلية والنفسية، بحجة غريبة تبرر إجراء الحلقة أصلا، وهى المواجهة، لا دفن الرؤوس فى الرمال. تلك حجة بالية، لأن ما جرى فى كايروفستفال، من رفع علم الشواذ، والترويج للإباحية الشاذة، وإشاعة جماعية العاهة الأخلاقية، من خلال حفل فرقة «مشروع ليلى» اللبنانية، كان اقتصر على من حضره، ومن صوره لقطات، ونزل به على المواقع الاجتماعية، الشواذ موجودون فى كل الأزمان وكل المجتمعات، وهم السر الأول فى انهيار الإمبراطوريات، والدول، لأنهم الفاحشة المجسدة، هل انتهوا أو انقرضوا؟ لم ينتهوا ولن ينتهوا، مهما سلطت الأضواء وناقشت فلن ينتهوا، وحصيلة ما يفعله هذا النوع من الإعلام هو الفضح وتوسيع دائرة المتابعين، حتى يصبح المشهد عاديا ومتكررا، ومقبولا، ويوما ما يصير لهم مادة فى الدستور تلزم المجتمع والدولة بحماية حقوقهم واحترام هويتهم الجنسية.
 
ما حكاية المصريين مع الجنس بالضبط؟! ما هى الدواعى والظروف التى هيأت المنصات الإعلامية القاصرة وصفحات التواصل العشوائى، لقيادة التفكير العام فى القضايا التى تخص الأنصاف السفلى من الشعب المصرى؟! شيخة تفتح الباب لمعاشرة البهائم، بأن فقهاء فى الإسلام أباحوه ولم يحرموه، والعيب ليس عليها بل على من أتاح لها التفوه بالآراء الشاذة، ولوكانوا فقهاء كبارا فى الإسلام فإنهم منحرفو الفكر والفطرة السوية، وهى إذ مالت إلى إعلان ذلك، فقد أرادت ما يتجاوز صالح الناس إلى صالحها بأن تثير اللغط والجدل فى قضية قذرة.
 
وأغرب منها وأعجب ذلك الشيخ الدكتور الذى يرى أن لا غضاضة ولا تحريما فى مضاجعة جثة زوجته!
لو كان يحبها سيبكى عليها مر البكاء، ولو كان يكرهها فستعزف نفسه عنها، ولن يلمسها، بل إنه كان فر من المضاجعة وهى حية، أفتروق له الآن وهى بين يدى الله؟! 
ألا تعقلون أيها الأغبياء؟! 
 
حرية الجسد فرضت نفسها على التفكير العام بسبب من ضيق أفق الأعلام الخاص، فهم حولوا البرامج إلى صحافة إثارة، لونها أصفر فاقع، وهم يتشحون بأقنعة من النفور والتقزز والرفض لأفكار من جاءوا بهم!
 
لماذا إذن تقرفوننا بهم معكم، إلا أن يكون لكم غرض، فى شيوع الفضيحة، ومع الشيوع يطمئن الضمير العام إلى جماعية الخطيئة. الكل خطاء، والشواذ موجودون ولهم حق فلماذا أبقى وحدى رافضا؟! لم يسقط المجتمع المصرى تحت وطأة الإرهاب، والمؤامرة العظمى فى الخامس والعشرين من يناير قبل ست سنوات، والآن، وعلى المنصات الغبية ذاتها، يروجون لقضايا الانحلال والفجور والشذوذ والإلحاد، مع تضمين العرض شوية رفض، واستنكار، ولا بأس من ركل الضيف الشاذ عقليا على الأقل.
 
حرية العقل تقود إلى الفطرة السوية، والعقل الحر هو الذى قاد جميع الأنبياء إلى معرفة الله، وهو الذى قاد العلماء إلى أعظم الابتكارات فى علوم الطب والتكنولوجيا والزراعة والصناعة، والعقل الحر هو من قدم للإنسانية أعظم اللوحات الفنية، والقصائد الشعرية والروائع الأدبية، والأفلام السينمائية التى تخاطب الأفئدة، ولو خاطبت الغريزة، ما تخصصت فى السحاق ولا فى اللواط، فهذه وتلك يبحث عنها ويجدها جمهور مغلق، ربما تتقبله الثقافة الغربية وتتعايش معه، لكننا بالقطع لن نتحمل مجاراة الشذوذ، وتجنيسه مصريا تحت دعوى الحق فى الهوية اللواطية والسحاقية. 
 
حرية الجسد من حرية العقل، فكلما ارتقى العقل فى رؤاه وتصوراته، ازداد الجسد احتراما وحرمة، أما الشطط والإسراف والتهتك فأعراض عقل مريض!
ويمكن القول إن هذه العقلية المريضة هى التى أفرزت لنا عصابة النشطاء والمرتزقة من حوانيت وسراديب حقوق الإنسان، وما ترتب على ذلك من خراب ومن فوضى ومن تراجع اقتصادى، وها هم الآن يقفزون إلى منصات التخريب الأولى، المنصات الإعلامية ذاتها التى ضاجعها الإخوان، ومنها سوف يقفزون، إلى المنصة الكبرى فى ميدان التحرير! 
 
احتفاء الإعلام الخاص بالشواذ بدعاوى المناقشة هو احتفاء بالطليعة الأولى من كتائب هدم المجتمع.
لا نعيش فى ترف الرومان ولا الأمريكان، حتى نخصص الوقت لذرية لوط!
العقل الحر عقل جميل لمجتمع يحترم الجسد ولا يمتهنه بتحطيم فطرة الله.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق