سر استفتاء الإقليم..
النفط وقود الانفصال.. كردستان العراق مثالًا
الإثنين، 25 سبتمبر 2017 07:09 م
أن تكون دولة غنية بالنفط، فهذا لا يعنى أنها باتت بدون مشاكل، فما يحدث في العراق اليوم ، جراء استفتاء تجريه حكومة إقليم كردستان للاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد، ينطبق عليه مقولة «لعنة الموارد»، التي تعد أحد العوامل الرئيسية فى نشوب الحروب الأهلية والحركات الانفصالية للاستيلاء على مناطق الإنتاج النفطي بهدف تحقيق أقصى استفادة من ثرواته.
وينتج إقليم كردستان العراق نحو 900 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، بحسب تصريحات لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، بما في ذلك نحو 250 الف برميل من مناطق كركوك المتنازع عليها بين العراق وكردستان منذ سنوات.
ويمثل إنتاج المنطقة في حدود ربع إجمالي انتاج للعراق من النفط، ونحو 0.7% من انتاج النفط العالمي ، الأمر الذي أعطي لاستفتاء كردستان الذي يقيمه الإقليم اليوم أهمية كبيرة، كونه يدخل في تهديد الأمن القومي العراقي باعتبار النفط المورد الأساسي التي تعتمد عليه الحكومة العراقية في ميزانيتها العامة.
وظل النفط وحصة إقليم كردستان في موازنة العراق من الملفات، التي أثارت خلافات حادة بين الحكومة المركزية في بغداد ومسؤولي الإقليم شمال البلاد، حيث استمرت مفاوضات بين الجانبين لسنوات توصلا على آثرها لاتفاق نفطي ينص بنوده، على تخصيص بغداد جزء من الموازنة العراقية لكردستان مقابل تصدير النفط في الإقليم بمعرفة الحكومة المركزية، إلا أن في أوائل عام 2014 خفضت بغداد الأموال المخصصة للإقليم بسبب بدأه تصدير النفط بشكل مستقل عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي.
ولطالما عارضت بغداد المبيعات المستقلة للنفط من كردستان العراق، لكنها خففت موقفها في الآونة الأخيرة في ظل الجهود المشتركة بين حكومة الإقليم وبغداد لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي لطرده من شمال العراق، ليستمر النزاع الأكثر حرارة على «كركوك» ونفطها، حيث ظل إنتاج النفط من حقول هذه المحافظة موضع صراع بين أربيل وبغداد منذ سيطرة إقليم كردستان على تلك الحقول بعد سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من العراق في يونيو 2014، وأصبح نفط كركوك موضوع مساومات في اتفاقات سمحت بموجبها بغداد لحكومة الإقليم بتصدير النفط، راضخة للأمر الواقع بسبب سيطرة أربيل على تلك الحقول.
وأعلن إقليم كردستان قبل ايام من أجراء الاستفتاء مشاركة مدينة كركوك في التصويت على الاستقلال من العراق، الأمر الذي زاد من غضب الحكومة العراقية، لاسيما وأن هذه المدينة يسكنها أغلبية عربية، لكن يري مراقبون أن حكومة كردستان العراق تطمح باستمرار السيطرة على هذه المنطقة لاستفادة منها، وزيادة الإنتاج إلى أكثر من مليون برميل يوميا بحلول نهاية العقد الحالي.
وبحسب الاحصائيات المتوفرة عن كركوك، والتي تشير إلى تقسيم السكان في المحافظة بحسب اللغة الأم إلى عرب وكرد وتركمان، فأنها يسكنها نحو 550 الف نسمة من العرب، و150 الف من الكرد ، و50 الف من التركمان، والباقي من فئات أخرى، الأمر الذي يشير بوضوح إلى الأغلبية العربية في هذه المنطقة وهو ما تؤكده الحكومة العراقية مرارًا وتكرارًا.
وبعيدًا عن كركوك الغنية بالنفط، والتي تعد أهم نزاع بين الحكومة العراقية والإقليم، فأن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي خرج بنفسه ليتهم مسئولي الإقليم، بأنهم سرقوا الموارد النفطية للعراق وقال العبادي وجها كلامه إلى «أبناءه من الشعب الكردي»: «أين تذهب أموال النفط وعائداته، وهم (المسؤولون الأكراد) استولوا على ما يقارب 900 ألف برميل يوميا أي ما يعادل ربع النفط العراقي؟».
وتابع: «لماذا لا يرفعون رواتب الموظفين في الإقليم؟ نحن هنا في المركز(الحكومة المركزية في بغداد) لم نخفض الرواتب ولم نوقفها»، مردفًا: «اسألوا مسؤولي الإقليم لماذا لم تدخل واردات النفط في حساب واضح معلن يطلع عليه المواطنون، ولماذا لا يسمحون بالرقابة على الأموال العامة.. أنهم يفعلون ذلك "بحجة استقلالية الإقليم»، لكن «الهدف الحقيقي كان التغطية على الفساد وسوء الإدارة».
وفي بيان أخير للحكومة المركزية العراقية الذي يبدو أنه موجه في الأساس لتركيا الدولة التي يمر منها كل النفط الخام الذي يتم إنتاجه في إقليم كردستان، حيث يُنقل النفط عبر خطوط أنابيب إلى ساحل تركيا المطل على البحر المتوسط لتصديره، حثت العراق الدول الأجنبية على وقف استيراد النفط الخام مباشرة من إقليم كردستان العراق وقصر التعاملات فيما يتعلق بالنفط على الحكومة المركزية.
وعلى الرغم من هذه الثروات النفطية الكبيرة، فأن الاقليم يواجه أوضاعا اقتصادية صعبة مردها خصوصا الى انهيار اسعار النفط في السنوات الأخيرة ، بالإضافة الى ما قاله الإقليم عن ازدياد الانفاق العسكري لتلبية احتياجات الحرب ضد الإرهاب، لكن يرى محللون أن الوضع الاقتصادي المتردي سببه الإدارة السيئة وأن الاستفتاء سيضع الإقليم في وضع اقتصادي اصعب مما هو عليه.