علي مشارف المصالحة الكبري

الجمعة، 22 سبتمبر 2017 05:37 م
علي مشارف المصالحة الكبري
خالد راشد يكتب:

عاشت أجيال كثيرة من العرب تحلم بتحقيق حلم إلقاء إسرائيل ومن وراءها في البحر . مات  صاحب الشعار  لكنة ترك وراءة تركة ثقيلة من النضال الحنجوري في كل المؤتمرات والمحافل العربية بسقوط إسرائيل وتحرير فلسطين كل فلسطين من النهر الي البحر .
 
ومن اليسار الي اليمين تحول الشعار الي تحرير الاقصي من باب المتاجرة التي برعت فيها جماعة الاخوان ، مظاهرات  جري إستغلالها للحشد واستعراض القوة وجمع  التبرعات  بالملايين للقضية التي لم تبرح مكانها علي الموائد والميكرفونات أو ساحات حرق الأعلام  .
 
لم يخرج علي هذا المسار الإجباري للنضال سوي السادات بالتغيير الاسترتيجي الحاد في بوصلة التوجهات  . وتَحَمل ولا يزال رغم استشهادة مغبة السباحة  ضد التيار  والغناء خاج السرب المحاصر بأناشيد نضال ( الصقور )التي لم تكن تقبل بأنصاف الحلول لكنها للأسف لم تٌشبع جائعاً ولم تَحمِي طفلاً فلسطينياً خائفاً  ، 
وبعد مرور عشرات السنين علي كامب ديڤيد باتت القضية الفلسطينية  اكثر تعقيدا ، من ناحية  لم  تعد محور أهتمام العرب كما كانت  ، كما  أربك الخلاف الفلسطيني الداخلي القضية وأضاع معالمها  ، اضف الي ذلك  أن قدرة العرب حتي علي النضال الحنجوري قد تراجعت من  جراء زلزال الربيع العربي الذي أوهن الجسد ومزقه بالخلافات والصراعات العرقية والدينية  . 
 
وسط كل هذة المعطيات وغيرها مما لا يتسع المقام لسرده . ومع ما تعانية المنطقة  وفي القلب منها مصر من إرهاب وعدم إستقرار فكل الحدود المصرية  مناطق صراع وحروب وتصدير للإرهاب  والمؤامرات من ليبيا غرباً الي السودان جنوباً الي الشرق حيث غزة الخاضعة لسيطرة حماس والتي لعبت  دوراً ليس خافياً علي أحد في تأجيج الإرهاب  في سيناء  .
 
 وبين كر وفر في العلاقات مع حماس  كان صادماً للبعض الإعلان عن المصالحة  بين حماس وفتح برعاية المخابرات المصرية  التي تلعب الدور الأكبر عسكرياً ودبلوماسياً بتأنٍ  وحرفية كبيرة في مناطق الحدود الملتهبة ما يستحق الإشادة والتقدير  . 
 
لا تعرف السياسة ولا لغة المصالح صديقاً أو عدواً  دائماً  فالمصلحة العليا للوطن تفرض تأمين حدودنا الشرقية  في سيناء  وطرد تركيا وقطر من لعب أدوار في المنطقة واستغلال الخلاف الفلسطيني ضد مصر ، 
كما  إن احد محاور  تجفيف منابع الإرهاب في سيناء يكمن في  إشراك حماس كطرف فاعل وضامن ومسئول عن تأمين الحدود المصرية ..  
 
إن التحول الجديد والمحمود في السياسة المصرية يستعيد الدور المحوري  الاقليمي والعربي  برعاية مصالحة عربية شاملة بين فلسطين و اسرائيل نسمع بين الحين والحين إرهاصاتها  
وإن كان مقدماً غير عادل وينال  من الحقوق  التاريخية الفلسطينية التي تقرها الامم المتحدة  . لكن  تعامل القيادة السياسية المصرية مع الواقع وموازين القوي بين خيارات البقاء علي حدود الرجاء والامنيات وبين حل جزئي يضمن بداية لكنة قابل للتغيير  والحلحلة مستقبلياً. 
بين هذا وذاك تكمن بطولة الاختيار الصعب دون  بطولة زائفة تعتمد لغة التهييج والشعبوية .
 
   نعم لن يأتي السلام  في المنطقة دون التسليم بأن اسرائيل أصبحت واقعاً وأن قدرتنا علي القاءها في البحر -الآن - لاوجود لها وأن  علينا قبل غيرنا البحث عن صيغة تعايش تضمن الحد الأدني للشعب الفلسطيني في مواجهه طغيان وجرائم يومية  وغياب بل ودعم كامل لإسرائيل من العالم المتحضر !!!! نحن علي اعتاب تغيير  في شكل المنطقة  وبداية لكامب ديڤيد جديدة  تغلق ملف الصراع العربي الاسرائيلي - ولو مؤقتاً - وليس هذا من باب التخلي عن القضية الفلسطينية لكن من باب التعامل مع الواقع والخروج من عباءة الماضي وشعاراته  
. من حق مصرالتي تحملت عبء القضية علي مدار التاريخ  أن تتفرغ لإعادة البناء والتعمير وإعادة الاستقرار في سيناء دون تفريط في ذرة رمال واحدة   . من حق مصر ان تؤمن حدودها وأن ترعي مصالحها الوطنية بالمعطيات التي يجب التعامل معها بصراحة دون إنكار أو هروب .
 هذا الكلام  قد يكون صادماً  يفتح ابواب التخوين والهجوم لكن الحقيقة أن علينا أن نواجه انفسنا بقراءة متأنية  لما تحقق منذ نكبة التقسيم في ١٩٤٨حتي اليوم والفرص الضائعة للحرب والسلام  
وإن ندرك مقدماً أن ما ننشدة من إستقرار وسلام إن لم يكن دافئ فهو بارد يتيح فرص العمل وأمتلاك موازين القوي للراغبين في إجتياز الماضي وعبور موانع العجز والفشل والتغييب المتعمد عن الواقع.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق