سنوات السيسي.. الحلقة الثانية: التركة الثقيلة (2-2)
الجمعة، 22 سبتمبر 2017 12:48 م
الطامة الثالثة كانت مشروع التوريث، وهو الأمر الذي يحلو للبعض أن ينفيه اليوم، وشلة التوريث هم عددا من رجال الأعمال مارسوا تزاوج المال بالسلطة فيما يعرف في السياسية بالبلوتوقراطية، وحصروا السياسة بأيديهم ما يطلق عليه في السياسة حكم مجموعة أقلية أي الأوليجاركية، ومارسوا سياسية اقتصادية نيوليبرالية، فشكلوا كتلة نيوليبرالية أوليجاركية بلوتوقراطية نافست في فسادها نفس الطبقة التي دمرت روسيا في سنوات بوريس يلتسن.
وقد إنحاز لهم بعضاً من الحرس القديم داخل الحزب الوطني (البيروقراطيين وزعامات الروتين الحكومي)، والتفوا حول السيد جمال مبارك نجل رئيس الجمهورية، الذي أصبح الأمين العام المساعد للحزب الوطني والحاكم الحقيقي للحزب والوزارة المصرية، واحتلوا نصف مقاعد وزارة عاطف عبيد ثم الأغلبية الساحقة لوزارة احمد نظيف، إلى جانب رئاسة اللجان والأمانات في الحزب الوطني وعضوية المجلس الأعلى للسياسات ولجنة السياسات، وغالبية مقاعد البرلمان المصري بمجلسيه الشعب والشورى.
وفى خلال بضعة سنوات أصبحت هذه المجموعة تسيطر على المحليات والحزب بدوائره الثقيلة التي ورثها عن الاتحاد العام الاشتراكي، ما يعني أنهم سيطروا على الدولة التي كانت داخل الدولة.
شلة التوريث أصبح لها نفوذ ساحق ربما لم يتوفر لمراكز القوى في سنوات عبد الناصر، ويكفي القول إن هذا النفوذ له تأثير حتى اليوم، لقد استغل هؤلاء ترهل الجهاز الإداري وشيخوخة الحرس القديم وتوغلوا في كل كبيرة وصغيرة في مصر، لم يقف في وجههم سوى القوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة.
وكان ساخراً أن البعض نفى سعى هذه المجموعة التي توريث الحكم الى كبيرها، ودعونا نستعير من عالم الأدب الروائي تقنية التاريخ البديل لنتساءل، ماذا لو كان رئيس الجمهورية قد توفى بشكل طبيعي عام 2011.. ما هي السيناريوهات وقتذاك وما هو مصير مركز قوي مثل جمال مبارك وكتلة سياسية بقوة لجنة السياسات؟
يقول من ينفون نوايا التوريث إن القوات المسلحة كانت ستدفع بشخصية إلى الانتخابات الرئاسية استناداً إلى رواية يرددونها أن مبارك قال يوما إن خليفته سوف يكون من الجيش، وهي عبارة مبهمة للغاية إلى جانب أن كل من رددها يمكن أن نشدد في مصدقيته، ولكن بحسب التعديل الدستوري الذي صوت عليه المصريين عام 2005 بالإيجاب، فإن المادة 76 تشير إلى ما يلي: "ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر. ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح مائتان وخمسون عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلى للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل. ويزداد عدد المؤيدين للترشيح من أعضاء كل من مجلسي الشعب والشورى ومن أعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظات بما يعادل نسبة ما يطرأ من زيادة على عدد أعضاء أيمن هذه المجالس. وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله. وللأحزاب السياسية التي مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح، واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في أخر انتخابات على نسبة 5% على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلس الشعب ومجلس الشورى، أن ترشيح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفقا لنظامها الأساسي متى مضى على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل".
وبحسب نتائج الانتخابات البرلمانية 2010، فإن الحزب الوحيد الذي أصبح له القدرة على تقديم مرشح رئاسي هو الحزب الوطني على أن يكون المرشح عضو الهيئة العليا للحزب لمدة لا تقل عن عام، أخبرني بربك من هو أقوى شخصية في الهيئة العليا للحزب الوطني حال غياب حسني مبارك والوحيد الذي كان يحق له الترشح متى غاب مبارك؟
أخبرني هل يمكن في ظل سيطرة جمال مبارك على الحزب الوطني وقتذاك هل كان يمكن الدفع بأي مرشح آخر باسم الحزب أو من داخله بدلاً منه بشكل مستقل؟
أخبرني بربك كيف كانت القوات المسلحة أو أي طرف آخر في مصر كان سيدفع بمرشح رئاسي آخر أو بديل في ظل هذه المادة الدستورية؟ حتى السيد عمر سليمان أو السيد وزير الدفاع لم يكونا أعضاء في الهيئة العليا للحزب حتى يتنسى لهم القيام بتحرك دستوري متى غاب مبارك، وهل كان يمكن استغلال نواب الحزب الوطني أو غيره في تأمين تمرير مرشح مستقل آخر وسط سيطرة لجنة السياسات وجمال مبارك على الحزب ورجالاته بقبضة من حديد؟
للأسف الوعي الغائب والناس التي نسيت ما الذي صوتت عليه كان أكبر عامل مساعد لغسل سمعة شلة التوريث ووجدت بكل آسف من يطبل بهذا الهراء اليوم!
وبالتالي حتى لو قررت الدولة الدفع بشخصية عسكرية متى توفى مبارك أو قرر عدم الترشح فإن دستور 1971 بتعديل 2005 و2007 كان سيقف حائطاً أمام ترشح هذا الشخص.
فالتوريث كان قادماً لا محالة، أو على الأقل مرحلة انتقالية قبل استلم الوريث للسلطة مع رجالاته جوقة مراكز القوي، ولكن من يحاول القول أن مرحلة ما بعد مبارك كانت تعني أن السيد جمال مبارك ورجالات لجنة السياسات كانوا سيذهبون إلى بيوتهم فهذا محض خيال، كانوا سيشكلون مراكز قوى ضد خليفة مبارك تماماً كما شكل الحرس القديم مركز قوي ضد خليفة عبد الناصر، بل أن ما فعلوه لعرقلة عمل الرئيس السيسي يؤكد أننا بصدد شلة لم تكن لتقبل إلا مقعد الرئاسة، سواء الوريث أو أحدهم.
سواء كان المطلوب هو الوريث أو شخصاً آخر منهم، في جميع الأحوال هذه المجموعة نزلت حلبة السياسة عام 1999 لتبقى مع الرئيس المقبل بعد حسني مبارك، وإذا ما عارضهم لشكلوا ضده مجموعات عرقلة دولاب العمل الحكومي.
وربما يأتي وقت نستطيع فيه أن نكشف للرأي العام كيف عمل بعضاً من رجالات شلة التوريث عقب تنحي مبارك جنباً إلى جنب مع المخربين سواء الثوار أو الإخوان من أجل عرقلة إدارة المجلس العسكري للمرحلة الانتقالية الأولى بغية أن يعودوا مرة أخرى لمقاعد الحكم، أو أن بعضاً منهم كانت له رؤية خاصة بثورة 30 يونيو 2013 تختلف تماماً عن الرؤية الوطنية للشعب المصري ومؤسساته، و الكثير من جولات العنف التي جرت عقب تنحي مبارك لليوم لم يكن يقف خلفها ثوار الشوارع أو لجان الإخوان فحسب بل كان لبعض رجالات التوريث يد في هذه الفوضى.
وكانت المصيبة الرابعة هي تلك المساحات التي أفسحتها الدولة المصرية لتنظيم الإخوان، ونرى اليوم في عصر الرئيس السيسي كيف أن أكبر وأهم شركات القطاع الخاص والتوكيلات الأجنبية في شتى المجالات كانت برأسمال إخواني وعبر رجال أعمال إخوان، وأن أغلب هذه المؤسسات مارست لعبة غسيل الأموال ما جعل مصر في سنوات مبارك تتقلد مركزاً متقدماً على المستوى العالمي في غسيل الأموال، وكيف أن هذا المال الوافر كان قادراً على صناعة ثورات وتمويل الإرهاب.
وقد أدمنت الدولة المصرية بكل أسف مهادنة التيار الإرهابي، سواء الملك فؤاد الذي قرب إليه الإخوان المسلمون، ثم الملك فاروق، ورغم أزمة 1948 بين الإخوان والنظام المصري، إلا أن فاروق بنصيحة من الأمريكان وافق على عودتهم للواجهة عام 1951 لمناوئة التيار الاشتراكي، وفى سنوات عبد الناصر تركهم الأخير أيضاً في وجه التيار الليبرالي والاشتراكي ما بين عامي 1952 و1954، وكان يمكن أن يفسح لهم مجالات أخرى ولكن الإخوان تسرعوا في المطالبة بالكعكة كاملة بمحاولة اغتيال عبد الناصر.
ومع ذلك فإنه حينما أفرج عبد الناصر عن سيد قطب وجماعته في الستينات، كان ذلك بادرة لمحاولة إعادة استخدام الإسلاميين في وجه التيار الاشتراكي بالجامعات، ولكن التنظيم الإخواني لم يلتقط الإشارة وتآمر مرة أخيرة على عبد الناصر، وعقب النكسة كان هنالك محاولة ثالثة قبل وفاة جمال عبد الناصر.
وفى سنوات السادات كرر الأخير نفس الخطأ، بل وورط مصر في المشاركة بعمل استخباراتي أمريكي سعودي أوروبي مشترك، يتمثل في إرسال أبناء التيار الإرهابي إلى أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي، وأتت نهاية السادات على يد هؤلاء الإسلاميين.
كان يمكن للرئيس مبارك أن يستغل حادث المنصة في تقويض الإسلاميين، أو على الأقل قطع العلاقات مع المخطط الأمريكي في أفغانستان، ولكن نظراً للأزمة الاقتصادية، وأزمة طابا حينما رفضت إسرائيل تسليم الأرض وتم اللجوء إلى التحكيم الدولي، وتشدد إدارة رونالد ريجان مع السادات قبل مبارك، استمرت مصر في هذا النهج الكارثي، ووصل الأمر أن مبارك أفرج عن مرشد الإخوان عمر التلمساني مع عدد من المعتقلين عقب حادث المنصة ببضعة أيام، بل وتم استقبالهم في قصر العروبة بينما فراش الشهيد السادات لم تبرد بعد، ثم أوفد مبارك رئيس وزرائه د. على لطفى ورئيس مجلس الشعب د. رفعت المحجوب على رأس جنازة مرشد الإخوان عمر التلمساني عام 1986!، ولسخرية الأقدار قامت جماعة الجهاد التي تأسست على أيد عناصر إخوانية وبأفكار الإخوانى سيد قطب باغتيال المحجوب عام 1990، وفى الثمانينات سمح مبارك والدولة المصرية للإخوان بدخول البرلمان المصري للمرة الأولى وتشكيل كتلة إسلامية!
وكان يمكن أن ينتهي الأمر في بداية التسعينات، ولكن بدء الانصياع لمطالب أمريكا بالسماح للديموقراطية الأمريكية أن تسري في أوصال المجتمع والدولة المصرية من أجل تدفق الاستثمارات الأجنبية وفق برنامج الإصلاح الاقتصادي النيوليبرالي عبر صندوق النقد الدولي، كان يجب أن تكون انتخابات برلمان 2000 ثم برلمان 2005 بها متسع للإخوان وما يسمى المعارضة وبالفعل عاد الإخوان من أوسع بوابات الديموقراطية إلى العمل المباشر، وأصبح وجودهم في العمل السياسي حقيقة واقعة، ومن سخرية الأقدار أن ضابط الاتصال بتنظيم الإخوان مع الدولة المصرية – في سنوات مبارك وحبيب العادلي – للتنسيق حول الانتخابات كان خيرت الشاطر ومحمد مرسي، والثاني جاسوس بحكم محكمة والأول لا يقل عنه عمالة لإيران وتركيا والتنظيم الدولي للإخوان.
ومن أجل تطبيق مطالب أمريكا بالسيولة الإعلامية والصحفية والحقوقية، من أجل تدشين حواضن للمؤامرة داخل المجتمع المصري، ودون فهم من الدولة المصرية لخطوة هذا الامر، وافقت على سيولة صحفية وإعلامية خطيرة، حيث أصبح كل مدعى بطولة أو شرف يسلك الطريق سهل، مقال رأى ضد مبارك ونجله، وأصبح تلامذة المدارس يكتبون مقالات الرأي في الصحف بدعوى إفساح المجال للشباب، بينما أجيال من الصحفيين لم تكتب مقالات الرأي دون التطرق للفنون الصحافة الأخرى مثل تحقيق والتقرير والحوار والتحليل والخبر والعمل الميداني، بينما لدينا اليوم صحفيين شباب قفزوا من دكة المدرسة إلى عواميد الراي بالصحف دون أن يعرفوا الفارق بين التقرير والتحقيق الصحفي.
وفى سنوات شلة التوريث (1999 – 2011) خرج منهم من يرى أن التمويل الذاهب إلى مؤسسات المجتمع المدني والتدريب والنشطاء وتمويل الصحف والإعلام يمكن أن نستفيد منه، عبر سن قانون له يتيح للدولة الإشراف عليه وأن تتدخل وتحصل على نسبة لبعض مؤسساتها إذا لزم الأمر، ولهذا السبب تشدقت إحدى الناشطات يوماً عام 2011 حينما تم الكشف عن رحلة تدريبية إلى صربيا بالقول إن الدولة كانت تعرف بل وأحد رجالاتها كان ضمن الرحالة، في واقع الأمر أن هنالك كارثة جرت في تلك السنوات حيث تم توفير مظلة قانونية لأغلب عمليات العمالة والتمويل للنشطاء والصحفيين والإعلاميين.
بعض المغيبين يقولون إن نظام ما قبل 2011 لم يخطئ لأن الإخوان قبل 2011 لم يكونوا إرهابين وكيف نعرف أنهم سوف يقوموا بما قاموا به بعد يناير 2011.. وهذا هو قول الوعى المزيف والخائب، لأن أى خبير استراتيجي مبتدئ أو مؤرخ درجة ثالثة يعرف أن الغرب استخدم إرهاب الإسلام السياسي في تفكيك الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى عبر الثورة العربية الكبرى في 10 يونيو 1916 ثم الإمبراطورية السوفيتية خلال الحرب الباردة عبر ثورة الأفغان العرب، إلى جانب التاريخ الرهيب للإخوان في الإرهاب داخل مصر سواء اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي أو محاولات اغتيال جمال عبد الناصر بل وكان لنظام مبارك معلومات مؤكدة تم تمريرها للإمارات أن قيادات الإخوان في أبو ظبي ودبي قاموا بتمويل إرهاب الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد في تسعينات القرن العشرين أي أن إرهاب الجماعات الإسلامية الأخرى كان بتمويل إخواني.
وبعد هذا السيل من المعلومات يأتي أحدهم للقول إن إخوان ما قبل 2011 كانوا مختلفين ولم يكن أحد يعرف أنهم بهذا الإرهاب! وانطلاقاً من البند الرابع نأتي إلى البند الخامس، علاقات خارجية متفسخة، في بادئ الامر، نحن نمتلك المساحة للاختلاف مع السوفييت أو استبدالهم بالأمريكان خصوصاً أن السادات كان على حق حينما رأى الاتحاد السوفيتي إلى الزوال عام 1977، ولكن أن نشارك في مؤامرة مثل الأفغان العرب جنبا إلى جنب مع الإرهابيين والأمريكان، كان هذا تدميراً للعلاقات مع روسيا، وحتى مع بدء التحسن في العلاقات مع روسيا عام 2002 بناء على طلب بوتين، كان خط أحمر للقاهرة أن تخطو خطوات حقيقية حيال الكرملين.
العلاقات مع جنوب وشرق آسيا وكوريا واليابان والصين اقتصاديا فحسب، لا تنسيق سياسي، فشل في إدارة المعركة السياسية والإعلامية مع قطر ووصل الأمر إلى زيارة مذلة لمبارك إلى الدوحة في الأسابيع الأخيرة من عام 2010 كشرط قطري للتهدئة الإعلامية، وفشل القاهرة في فرملة انسلاخ الجنوب عن شمال السودان حيث فوجئت القاهرة باتفاقية مشاكوس رغم أن سودان مصر هو جزء من الأمن القومي، وأخيراً فشل في ملف حوض النيل لدرجة أن القاهرة عام 2010 تلقت عرض إسرائيلي للتوسط مع إثيوبيا لعدم بدء بناء السد العالي.
رغم معرفة القاهرة لنوايا الأمريكان خاصة في سنوات بوش الإبن إلا أن الرهان المصري كان أكثر مما يجب على القاهرة، ونفس الشيء قام به النظام الإخواني.
وكان البند الأخير هو موبقات الربيع العربي، الجماهير الغفيرة ظنت أن الحرية هو النزول للتظاهر أو الثورة كلما لم يعجبنا قرار للرئيس، تدمير الحكم الإخواني للعلاقات مع سوريا والعراق والخليج العربي وإثيوبيا، يناير 2011 ثم فوضى المرحلة الانتقالية الأولى وحكم الإخوان أدى إلى انهيار السياحة والاستثمارات الأجنبية وتبديد الاحتياطي النقدي وأكبر موجة تمويل وشراء لذمم الشباب المصري، وميلشيات إرهابية تجوب البلاد تارة تحاصر المحكمة الدستورية العليا وتارة تحاصر مدينة الإنتاج الإعلامي قبل أن تنفجر موجة إرهاب عالمية برعاية قطر وتركيا انطلاقاً من شمال سيناء وكان الغرض هو تحويل سيناء إلى عاصمة لداعش المصرية مثلما كانت الموصل عاصمة لداعش العراقية والرقة عاصمة لداعش السورية.
وخيم شبح حرب الجياع والفراغ الدستوري على البلاد، وتفشى سوء الأحوال النفسية وعدم الثقة في النفس والوطن والشعور العام بالانهيار، مع انهيار الأمن القومي المصري في عدد من الدول نتيجة الحرب الأهلية مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، وانتشار معسكرات الإرهاب في ليبيا تدرب تنظيم الجيش المصري الحر والدولة الإسلامية في مصر وليبيا إلا وهو تنظيم دالم الذي كان يفترض أن يكون نسخة تنظيم داعش في شمال إفريقيا.
بينما تضم محافظة إدلب السورية معسكرات قطرية مهمتها الوحيدة اعداد العمليات الإرهابية داخل مصر برعاية تركية، وفي تلك الأثناء يطلق تنظيم الإخوان محاولات واتصالات لا تهدأ في محاولة لصناعة انشقاق داخل أجهزة الدولة السيادية والإدارية مع انضمام فيلق من شلة التوريث لمخططات الإخوان والثوار لضرب مصر، إلى جانب الانحياز الصريح لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمؤامرة ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.
ولسنا في ساحة المفاضلة بين رئيس ورئيس والقول إن حقبة عبد الناصر ومبارك كانت بلا إنجازات، فالمبحث هنا هو السلبيات التي تبقيت عقب رحيلهم فحسب. ولسنا في ساحة المقارنة والقول إن التركة التي تسلمها السيسي كانت أكبر مما سبقوه، فقد تسلم السادات مصر بينما الاحتلال الإسرائيلي قابع في سيناء، ومبارك تسلمها عقب حادث المنصة مع البنية التحتية المنهارة والعلاقات مع العرب مقطوعة وتشفى أمريكي رمزي، فالمسالة ليست منافسة رياضية حتى نحسبها بمقاييس بطولات الأهلي والزمالك، ولكن كلاً حسب مقاييس عصره. وبمقاييس هذا الزمان.. تسلم السيسي تركة يرفض أشد الرجال مجرد الاقتراب منها.