اللجنة الوطنية تطلق «كراسة المتاحف الإثنوجرافية» لعبد الرحمن عثمان

الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017 09:58 ص
اللجنة الوطنية تطلق «كراسة المتاحف الإثنوجرافية» لعبد الرحمن عثمان
مكتبة الإسكندرية
الإسكندرية - محمد صابر

صدر حديثاً ضمن سلسلة كراسات متحفية التي تصدرها اللجنة الوطنية المصرية للمجلس الدولي للمتاحف بدعم من مكتبة الإسكندرية كراسة المتاحف الإثنوجرافية من تأليف عبد الرحمن عثمان وهو أمين متاحف بالمتحف القومي للحضارة المصرية، ويعد أحد الباحثين الشباب البارزين في مصر والمنطقة العربية في علم المتاحف، يهدف هذا العدد إلى إلقاء الضوء على المتاحف الإثنوجرافية من خلال استعراض التجربة اليابانية؛ تلك المتاحف التي تلعب دوراً جوهرياً في صون التراث الثقافي لأي مجتمع وتنميته، كما تعمل على دمج علمين مستقلين في نشأتهما، وهما علم المتاحف وعلم الأنثروبولوجيا. ويساهم هذا العدد في توعية المتخصصين في مجال المتاحف والتراث بمصر والعالم العربي بأهمية هذه المتاحف وأدوارها ووظائفها تجاه مجتمعاتها، وكيفية إدارة مجموعاتها الإثنوجرافية وفق الاعتبارات الدولية؛ بغية المحافظة على هذه المجموعات وتطويرها وحفظها للأجيال الحالية والقادمة، وذلك باستخدام الممارسات التطبيقية التي قامت بها المتاحف اليابانية كمسترشد لتطوير متاحفنا الإثنوجرافية المصرية.

الإثنوجرافيا والمتحف جناحان لتراث ثقافي واحد المتاحف الإثنوجرافية حول العالم كثيرة ومتنوعة في الحجم وما تحويه من مقتنيات إثنوجرافية، ورغم اختلافها سواء من حيث الثقافات التي تعرضها أو حتى من حيث محيطها الثقافي فإنها تشترك في أن مقتنياتها جميعاً تعتمد على الدراسات الإثنوجرافية، التي تساعد في فهم وإنجاز الصور الذهنية للثقافات الإنسانية المحلية والدولية، وتقديم حلول  كثيرة لمشكلات ثقافية مؤقتة، فمن خلال طبيعة تلك المتاحف نستطيع أن نقول إنها أصبحت نافذة المجتمعات المعاصرة للتعبير عن قضاياها.

تهدف المتاحف الإثنوجرافية إلى إبراز نوع من المحاكاة لواقع لم نعشه في وقتنا الحاضر، تلك المحاكاة التي قد تختلف في شكل الثقافة الشعبية لكنها تتشابه في المضمون، ومع ذلك لا نستطيع أن نفصلها عن الواقع الحالي الذي يتغير في الشكل وليس في المضمون.

وتعد المجموعات الإثنوجرافية أكثر صعوبة في الاقتناء، وذلك يرجع إلى أن طبيعة المواد الخاصة بالثقافة الشعبية تتغير من وقت لآخر، سواء في الشكل أو الاستخدام، علاوة على ذلك فإنها تعتمد على إظهار تلك الاختلافات . لذا تختلف تلك المتاحف الاثنوجرافية عن متاحف الآثار أو الفنون في أن مجموعاتها ما زالت تستخدم من أصحاب الثقافة نفسها، في ذات الوقت الذي تعرض فيه المقتنيات داخل سياقها الثقافي. ومثال على ذلك فانوس رمضان الذي يعتبر من أهم المواد الثقافية التي تميز الثقافة الشعبية في المجتمعات الإسلامية، ومن أهم مقتنيات المتاحف الإثنوجرافية في المجتمعات الثقافية الإسلامية؛ فحتى الآن يستخدم الفانوس في الاحتفالات الرمضانية بأشكال مختلفة، يستخدمه الكبار والصغار، الفقراء والأغنياء، يحتفل به كافة أطياف المجتمع كل عام، وهو في ذات الوقت سمة ثقافية ومادة متحفيه ثرية يتم عرضها من الزاوية المادية وغير المادية في ذات الوقت، رغم أن الفانوس قد يكون اختلف شكله الحالي عن شكله في الماضي، لكن مضمونه مازال واحداً، وما زالت الممارسات غير المادية المصاحبة له كما هي.

فكلمة إثنوجرافيا تحمل معنى مزدوجاً في الإنثروبولوجيا. فالوجه الأول لها" كمنتج" مثل الكتابات الإثنوجرافية أو تلك المقالات التي يكتبها الأنثروبولوجيون، والوجه الآخر لها "كعملية" يقوم بها الإثنوجرافيون مثل الملاحظة بالمشاركة والمقابلة والملاحظة كأدوات للدراسة الحقلية الأنثروبولوجية.  

وهذا المنتج يعتمد على العملية التي تمت بها الدراسة الميدانية. فالدراسة الإثنوجرافية ليست فقط تسجيل الملاحظات الميدانية ووصفها، ولكن الأهم هو تحليل وربط العناصر الثقافية للوصول إلى بناء ثقافي مكون لمجتمع الدراسة.

كما تهتم الإثنوجرافيا بدراسة الظواهر المادية والثقافية للشعوب في المجتمعات المتباينة في أزمنة مختلفة، وهي بذلك تلقي الضوء على منتجات الإنسان ومحاولاته لاستغلال بيئته الطبيعية لكي يوفر احتياجاته الأساسية التي تمكنه من التكيف الثقافي مع بيئته. كما ترتبط الإثنوجرافيا بقوة بالأنثروبولوجيا، وكلاهما عبارة عن إجراءات نظرية وتطبيقية متقاربة، ويمثلان معاً مدخلاً علمياً للمعرفة. فالإثنوجرافيا تعتمد على الدراسات الميدانية التي يقوم بها الأنثروبولوجيون؛ حيث تساعدهم في التعرف على الثقافة الشعبية لمجتمعات الدراسة. لذا فالإثنوجرافيا تعتبر المدخل العلمي للدراسات الاجتماعية التي تعني بوصف الثقافات الإنسانية المتعددة على أساس علمي.

ويرتبط مصطلح الإثنوجرافيا بمصطلح الإثنولوجيا، وهو الأمر الذي جعل كثيراً من الباحثين في الدراسات الإنسانية ينظرون إليهما على أنهما وجهان لعملة واحدة؛ فبعض البلاد يستخدم الإثنوجرافيا والبعض الآخر يستخدم الإثنولوجيا. لكن ظهر توجه آخر يرى أن هناك اختلافاً بين المصطلحين؛ حيث يرى بأن الإثنوجرافيا يمكن أن تعرف بالدراسة الوصفية لثقافة المجتمع، وفيها يتم دراسة الظواهر الثقافية في خط أفقي في مكان محدد. أما الإثنولوجيا فتعرف بأنها الدراسة التي تشمل كلاً من الوصف والمقارنة لثقافات مختلفة، وفيها يتم دراسة الظواهر الثقافية في خط رأسي في زمان محدد. وهذا يعني أن الإثنولوجيا تستخدم منهج المقارنة التاريخية للثقافات الماضية، وتتبع هذه الثقافات عبر الزمن. والإثنوجرافيون يتنقلون من مجتمع إلى مجتمع ، ومن ثقافة إلى أخرى في نفس المجتمع أو غيره ومن موضوع إلى موضوع؛ لدراسة واستكشاف كافة أشكال الحياة الاجتماعية والثقافية؛ ليخرجوا بتعميمات عن السلوك الإنساني في الثقافة الإنسانية.

ويميل الإثنوجرافيون في دراستهم لثقافات الجماعات الإنسانية إلى وصف وتحليل تلك الثقافات بعيون أصحابها وليس بأعينهم، وأتباع هذا الاتجاه من الدراسات الإنسانية الثقافية يعرفون بعلماء الإثنولوجيا (الإثنولوجيين).

ويضيف الدكتور خالد عزب رئيس اللجنة الوطنية للمتاحف أن مصر بها عدد من المتاحف الإثنوجرافية التي هي بحاجة إلى دعم فوري وقوي لأهميتها ومنها متاحف الجمعية الجغرافية المصرية التي تضم قطعاً نادرة وتعد من أفضل نوعية هذه المتاحف في الشرق الأوسط، إذ تكشف عن عادات وتقاليد الشعب المصري، ومتحف التراث السيناوي الذي اسسته إحدى الجمعيات الأهلية ويعد متحفاً يحكي تراث سيناء البدوي بصورة ممتازة ومتحف التراث السيوي الذي يعد من أفضل المتاحف المؤسسة بجهود المجتمع المدني، وأكد الدكتور خالد عزب أن اللجنة الوطنية المصرية للمتاحف ستسعى خلال الفترة القادمة نحو تعزيز ودعم هذه المتاحف بقوة.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق