غضب أصحاب المعاشات
الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 05:03 م
الخلاف مع غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي لا يفسد للود قضية، خاصة وإن جاء الخلاف بسبب الوقوف قلباً وقالباً مع أصحاب المعاشات، الفئة التي تضم تسعة ملايين مواطن مصري، ومع ذلك تفتقد من يحمل همومها ويتحدث بلسان حالها، ولم يكن مشهد تجاهل صرف معاشات سبتمبر في وقت مناسب قبل عطلة عيد الأضحى المبارك إلا مناسبة تنبه من جديد إلى أن أصحاب المعاشات لا يشغلون سوى هامش اهتمامات المسئولين، وإن شغلوه، معاش شهري وعلاوة سنوية لا يسمن كلاهما أو يغني من جوع، وسلام عليهم في كل وقت وحين، دلالات المشهد الأخير تؤكد أن أصحاب المعاشات يعيشون محنة حقيقية، فهل تنتبه الدولة؟!.
اليوم العاشر شهرياً هو توقيت صرف المعاشات كقاعدة، يتولد عنها الاستثناء في الأعياد، فتصرف قبله بعدة أيام لم تزد في أقصى الحدود عن عشرة أيام، توقيت عيد الأضحى هذا العام كان يقتضي أن تصرف المعاشات قبل موعدها بحوالي خمسة عشر يوماً، وهو ما ارتعشت معه أيادي المسئولين جميعهم، وصاحبت الرعشة خطواتهم المتثاقلة المعتادة التي لم تعد تواكب إيقاع العصر، فكان أن هجرت بهجة العيد تسعة ملايين أسرة مصرية، هذه المرة لم يغب فقط الحس السياسي، وإنما غاب معه الحس الإنساني، المسئول صاحب القرار لا يزال ينطلق من عقلية المشكلة، والعصر لم يعد يحتاج إلا أصحاب جرأة الانطلاق من عقلية الحل.
حجج وزارة التضامن الاجتماعي في مواجهة توسلات أصحاب المعاشات ومن ناصرهم بشأن صرف معاشات سبتمبر قبل عطلة عيد الأضحى كانت واهية، بل وتشوبها آيات السخرية والاستخفاف بعقول مواطنين أكل عليها دهر الحكومات المتعاقبة وشرب، من أول أن الصرف مرة ثانية في أغسطس مخالفة قانونية صريحة، ونهاية بأن الصرف قبل عطلة عيد الأضحى يثقل كواهل أصحاب المعاشات بالانتظار بعدها أكثر من أربعين يوماً حتى يحين موعد صرف معاشات أكتوبر، ومروراً بأن نظام الحاسب الآلي تصميمه لا يسمح بالصرف مرتين في شهر واحد، إنطلاق من عقلية المشكلة ليس إلا كما وصفت، لا يفعل إلا الانصراف بالمسئولين بعيداً عن مجرد التفكير في حلول.
وأقربها لم يكن إلا رفع الموضوع في اجتماع أزمة على أعلى مستوى يملك اتخاذ قرار الصرف مبكراً قبل العيد، وبما يتجاوز محاذير البيروقراطية، ويوفر في نفس الوقت الغطاء القانوني اللازم لتمرير قرار يحمل صفة الاستثناء الضرورة، أما التعنت في مواجهة انفعال ملايين المواطنين، فلم يسفر إلا عن الوعد بتوافر المعاشات صباح أول أيام العيد الموافق الجمعة أول سبتمبر في حسابات المستحقين ممن يصرفونها شهرياً من ماكينات الصراف الآلي بمنافذ الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، أو التابعة لمكاتب البريد، أو الخاصة ببنك مصر، فكان أن صرف المعاشات ثلاثة أرباع المليون فقط لا غير حتى أمس الإثنين، وهو ما أعلنته الوزارة باعتباره إنجاز!!.
أزمة وعدت، ولكنها تذهب بصراخ أصحاب المعاشات بعيداً نحو ضرورة وضعهم فوق الرأس، فهم في النهاية مواطنون لهم أبسط حقوق الحياة الكريمة في خواتيم أعمارهم، اعترفوا بالاتحاد المصري لأصحاب المعاشات كياناً يمثلهم، ولتسارع وزارة التضامن الاجتماعي بالاجتماع معه بشكل منتظم، افتحوا معه ملفات تمس تسعة ملايين مواطن يمثلون تسعة ملايين أسرة، وانتهوا إلى استراتيجية ترتقي بأحوال هؤلاء، وتواكب تطلعات الدولة تجاه تحقيق تنمية مجتمعية شاملة، أما تنظيم صرف المعاشات في مواعيد مناسبة، فلم يعد ممارسة تحتاج إلى خيال، ضعوا أمامكم نتيجة العام القادم بعطلاته الرسمية، وضعوا في المقابل مخططاً مسبقاً لصرفها شهرياً، واعتمدوه جميعكم من الآن، كفانا مفاجآت صادمة ومحبطة!!.