محمد..ابن الذبيحين خاتم المرسلين
الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 09:00 معنتر عبداللطيف
معجزة سيد الخلق محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام فى مخاطبة القرآن الكريم للعقل والروح مع، فالدين الإسلامى الحنيف هو دين واقعى بمعنى الكلمة وربما هذا ما دعا الكثيرين من الأوروبيين لاعتناقه عن قناعة فهو دين جاء ليرسم خارطة طريق للإنسان يسير وفقها على الأرض فقد أخرجت رسالته جزيرة العرب وبعدها بقاع الدنيا من الجهل والتعصب والظلم إلى المساواة والعدل وعبادة إله واحد أحد.
روى ابن الأثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما هممت بشىء مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين كل ذلك يحول الله بينى وبينه ثم ما هممت به حتى أكرمنى برسالته قلت ليلة للغلام الذى يرعى معى الغنم بأعلى مكة: لو أبصرت لى غنمى حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب فقال: أفعل فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفا فقلت ما هذا؟ فقالوا عرس فلان بفلانة فجلست أسمع فضرب الله على أذنى فنمت فما أيقظنى إلا حر الشمس فعدت إلى صاحبى فسألنى فأخبرته ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك ودخلت بمكة فأصابنى مثل أول ليلة.. ثم ما هممت بسوء».
وروى البخارى عن جابر بن عبدالله قال: لما بنيت الكعبة ذهب النبى صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبى صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة ففعل فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء (أى نظر لأعلى وتعلقت عيناه بالسماء) ثم أفاق فقال: إزارى إزارى، فشد عليه إزاره فما رؤيت له عورة بعد ذلك».
وكان النبى صلى الله عليه وسلم يمتاز فى قومه بخلال عذبة وأخلاق فاضلة وشمائل كريمة فكان أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا، وأعزهم جوارا، وأعظمهم حلما وأصدقهم حديثا وألينهم عريكة (العريكة: الطبيعة والمعاملة) وأعفهم نفسا وأكرمهم خيرا وأبرهم عملا وأوفاهم عهدا وآمنهم أمانة حتى سماه قومه «الأمين» لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال الحميدة.
يصل نسب الرسول الكريم محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم إلى الذبيح نبى الله إسماعيل ابن خليل الرحمن إبراهيم عليهما السلام، ويقول نبى الرحمة عن نفسه: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم». واسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف.
إرهاصات وحوادث عديدة سبقت مولد سيد الخلق منها حفر بئر زمزم، فبينما عبدالمطلب نائم فى حجر الكعبة إذ أتاه هاتف يأمره بحفر زمزم يقول عبدالمطلب: إنى لنائم فى الحجر -يقصد حجر الكعبة- إذ أتانى آت فقال: احفر طيبة. قلت: وما طيبة؟ ثم ذهب عنى فلما كان الغد رجعت إلى مضجعى فنمت فيه، فجاءنى فقال: احفر المضنونة. فقلت: وما المضنونة؟ ثم ذهب عنى فلما كان الغد رجعت إلى مضجعى فنمت فيه فجاءنى فقال: احفر زمزم. قلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدا ولا تذم تسقى الحجيج الأعظم .
واقعة أخرى جاءت لتمهد لمولد الرسول صلى عليه وسلم، فتقول كتب السيرة إن عبدالمطلب بن هاشم جد النبى صلى الله عليه وسلم كان قد نذر حين لقى من قريش ما لقى عند حفر زمزم لئن ولد له عشرة نفر ثم كبروا حتى يحموه لينحرن أحدهم لله عند الكعبة فلما تكامل بنوه عشرة وعرف أنهم سيمنعونه جمعهم ثم أخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك فأطاعوه، فكتب أسماءهم فى القداح (وهى عصى كانوا يقترعون بها عند آلهتهم) واقترع فخرج القدح على عبدالله فأخذه عبدالمطلب وأخذ السكين ثم أقبل به إلى الكعبة ليذبحه فمنعته قريش ولا سيما أخواله من بنى مخزوم وأخوه أبو طالب فقال عبدالمطلب: كيف أصنع بنذرى؟ فأشاروا عليه أن يأتى عرافة فيستشيرها فأتاها فأمرت أن يضرب القداح على عبدالله وعلى عشر من الإبل فإن خرجت على عبدالله يزيد عشرا من الإبل حتى يرضى ربه فإن خرجت على الإبل نحرها فرجع وأقرع بين عبدالله وبين عشر من الإبل فوقعت القرعة على عبدالله فلم يزل يزيد من الإبل عشرا، عشرا ولا تقع القرعة إلا عليه إلى أن بلغت الإبل مائة فوقعت القرعة عليها فنحرت عنه ثم تركها عبدالمطلب لا يرد عنها إنسانا ولا سبعا وكانت الدية فى قريش وفى العرب عشرا من الإبل فأصبحت بعد هذه الوقعة مائة من الإبل وأقرها الإسلام بعد ذلك وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «أنا ابن الذبيحين» يعنى نبى الله إسماعيل وأباه عبدالله.
عقب هلاك جيش أبرهة الحبشى الذى جاء إلى مكة يطلب هدم الكعبة تزوج عبدالله بن عبد المطلب من آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب التى عدت من أفضل نساء قريش نسبا وموضعا فأبوها سيد بنى زهرة نسبا وشرفا.
سافر عبدالله إلى المدينة بناء على أوامر والده وكان عمره 25 عاما ليبتاع لهم تمرا فمرض فى الطريق ومات عندما بلغ المدينة ودفن فى دار النابغة الجعدى وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة وقيل إن كل ما تركه خلفه خمسة جمال وقطعة غنم وجارية حبشية اسمها بركة وكنيتها أم أيمن وهى حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بنى هاشم بمكة فى صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان -وفق كتابات تناولت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم- ويوافق ذلك العشرين أو الثانى والعشرين من شهر إبريل سنة 571 م (إحدى وسبعين وخمسمائة). ويقال إن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقول: إنها أتيت حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولى: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدا ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرة من أرض الشام. وقد روى أن إرهاصات بالبعثة قد وقعت عند الميلاد فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وخمدت النار التى يعبدها المجوس وجفت بحيرة ساوة.
توفيتة آمنة بن وهب والدة محمد بن عبد الله ورعاه جده عبد المطلب ثم ومات جده ليكفله عمه أبوطالب والذى تهيأ للرحيل فتعلق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرق له أبوطالب وقال: والله لأخرجن به معى ولا يفارقنى ولا أفارقه أبدا. فخرج به معه، فلما نزلت القافلة بصرة وبها راهب يقال له «بحيرا» فى صومعة له، وكان أعلم أهل النصرانية،وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام، فلما نزلوا قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا.
وذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى صومعته وفى الركب حين أقبلوا، وغمامة تظله من بين القوم، ثم أقبلوا فنزلوا فى ظل شجرة قريبا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة، وتدلت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها، فلما رأى ذلك بحيرا نزل من صومعته، ثم أرسل إليهم فقال: إنى قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش فإنى أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم، وعبدكم وحركم. فقال له رجل منهم: والله يا بحيرا إن لك اليوم لشأنا، فما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا، فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرا: صدقت، كان قد كان ما تقول، ولكنكم ضيف، وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما فتأكلوا منه كلكم. فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه فى رحال القوم تحت الشجرة، فلما نظر بحيرا فى القوم لم ير الصفة التى يعرف ويجد عنده، فقال: يا معشر قريش، لا يتخلفن أحد منكم عن طعامى، قالوا: يا بحيرا، ما تخلف عنك أحد ينبغى له أن يأتيك إلا غلام، وهو أحدث القوم سنا فتخلف فى رحالهم، فقال: لا تفعلوا، ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم، فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزى، إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبدالمطلب عن طعام من بيننا ثم قام فاحتضنه وأجلسه مع القوم، فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام إليه بحيرا فقال له: يا غلام، أسألك بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتنى عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لا تسألنى باللات والعزى، فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما فقال له بحيرا: فبالله إلا ما أخبرتنى عما أسألك عنه. فقال له: سلنى ما بدا لك. فجعل يسأله عن أشياء من حاله فى قومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التى عنده. فلما فرغ أقبل على عمه أبى طالب فقال له: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابنى، قال له بحيرا: ما هو بابنك، وما ينبغى لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا. قال: فإنه ابن أخى. قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به. قال: صدقت، فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم هذا سيد العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين. فقال أبوطالب: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا وخر ساجدا، ولا تسجد إلا لنبى، وإنى أعرفه بخاتم النبوة فى أسفل غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده فى كتبنا، وسأل أبا طالب أن يرده، ولا يقدم به إلى الشام، خوفا عليه من اليهود فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة.
تقول كتب السيرة إن محمدا عليه الصلاة والسلام اشتغل فى صدر حياته برعى الغنم وقال:كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة كما ثبت أن عددا من الأنبياء اشتغل برعايتها وقد أحاطته العناية الإلهية وهو فى تلك السن المبكرة من جميع مظاهر العبث أو اللهو التى كانت شائعة آنذاك لقد جمع الله لنبيه منذ صغره خير ما فى طبقات الناس من ميزات وكان طرازا رفيعا من الفكر الصائب والنظر السديد ونال حظا وافرا من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستنتاج الحق وطالع بعقله الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشئون الناس وأحوال الجماعات فأبى ما فيها من خرافة ونأى عنها ثم عايش الناس على بصيرة من أمره وأمرهم فما وجد حسنا شارك فيه وإلا عاد إلى عزلته العتيدة فكان لا يشرب الخمر ولا يأكل مما ذبح على النصب ولا يحضر للأوثان عيدا ولا احتفالا بل كان من أول نشأته نافرا من هذه المعبودات الباطلة، حتى لم يكن شىء أبغض إليه منها، وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى.
ولا شك أن القدر أحاطه بالحفظ، فعندما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متع الدنيا، وعندما يرضى باتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه وبينها.
بلغ صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم تاجرا فى مال السيدة خديجة وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام. فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان يدعى نسطورا، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذى نزل تحت هذه الشجرة؟ قال له ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبى ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التى خرج بها، واشترى ما أراد أن يشترى، ثم أقبل عائدا إلى مكة، فكان ميسرة إذا كانت الظهيرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربح الضعف أو قريبا.
ورأت خديجة فى مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا وأخبرها غلامها ميسرة بما رأى فيه صلى الله عليه وسلم من خلال عذبة، وشمائل كريمة، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين، وعرفت أنها وجدت ضالتها المنشودة وكان السادات والرؤساء يحرصون على زواجها، فتأبى عليهم ذلك، فتحدثت بما فى نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منية، وهذه ذهبت إليه صلى الله عليه وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة، فرضى بذلك، وكلم أعمامه فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه، وعلى إثر ذلك تم الزواج، وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر، وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين، وأصدقها عشرين من الإبل، وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة، وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسبا وثروة وعقلا، وهى أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت. وقد استأنف محمد عليه الصلاة والسلام ما ألفه بعد زواجه من حياة التأمل والعزلة. وهجر ما كان عليه العرب فى احتفالاتهم الصاخبة من إدمان ولغو وقمار وإن لم يقطعه ذلك عن إدارة تجارته وتدبير معايشه والضرب فى الأرض والمشى فى الأسواق.
عقب نزول الوحى على الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت زوجته السيدة خديجة ما زالت على قيد الحياة واجه أذى لفظيا وجسديا من كفار قريش ليقرر الهجرة من مكة إلى المدينة فى السادس عشر من ربيع الأول ليؤسس بالمدينة التى يسكنها المهاجرون والأنصار واليهود ليبدأ فى وضع الأسس التى تجعل من هذه الجماعات مجتمعًا قويًا متحدًا على أسس إسلامية ومبادئ دينية ولذلك فقد بنى مسجدا يجتمع فيه المسلمون على كلمة واحدة وآخى بين المهاجرين والأنصار وأبرم المعاهدات مع اليهود ليؤمنهم على دينهم وأموالهم على أساس الأخوة فى السلم والدفاع عن المدينة وقت الحرب لكن اليهود كعهدهم ضربوا عرض الحائط بالمعاهدة وتآمروا على الرسول والذين معه ليضطر الرسول إلى حربهم وإجلائهم عن المدينة.
للنبى صلى الله عليه وسلم شمائل لا تعد ولا تحصى فعن أنس رضى الله عنه قال «خدمت النبى صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشىء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا» رواه الشيخان وأبو داود والترمذى ويقول أنس رضى الله عنه أيضا «كان النبى صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقًا، فأرسلنى يومًا لحاجة، فقلت له والله لا أذهب وفى نفسى أن أذهب لما أمرنى به صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون فى السوق، فإذا النبى صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاى من ورائى، فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟ قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله – فذهبت» رواه مسلم وأبو داود.
كان صلى الله عليه وسلم يرفق بمن يخالفه الرأى، فعن أبى أُمامة رضى الله عنه قال: إن فتى شاباً أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لى بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه فقال له: (ادنه)، فدنا منه قريباً، قال: (أتحبّه لأمّك؟) قال: لا والله، جعلنى الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم) قال: (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا والله يا رسول الله، جعلنى الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لبناتهم) قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا والله جعلنى الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لأخواتهم). قال: (أفتحبه لعمتك؟) قال: لا والله، جعلنى الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لعماتهم). قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا والله جعلنى الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لخالاتهم) قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شىء». رواه أحمد.