لوط.. خانته امرأته فى الدين وعاقب الله قومه بسبب الفحشاء
الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 09:00 م عادل السنهورى
خطأ كبير شائع عن نبى الله لوط تتداوله العامة، وهو خطأ لا يليق بمقام نبى من أنبياء الله. فاللواط أى المعاشرة بين الرجال بعضهم البعض، ليس مشتقا من اسم لوط، فاسم نبى الله هو اسم أعجمى وليس عربيا، واللواط لفظ عربى تصريفه لاط يلوط لواطا، وبالتالى لا يصح أن يكون اسم أى من أنبياء الله مشتقا من فعل مشين وخبيث.
اسمه لوط بن هاران بن تارح أو آزر وبعثه الله فى زمن عمه نبى الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أبوالأنبياء، فهاران هو أخو إبراهيم وناحور من آزر.
ولوط عليه الصلاة والسلام هو من الأنبياء والرسل الكرام، وقد ذكره الله تبارك وتعالى فى كتابه الكريم 27 مرة، فى الأعراف وهود والحِجر والشعراء والنمل وغيرها من سور القرآن، وذكرت قصته مع قومه مفصلة فى بعض السور ومجملة فى البعض الآخر.
وقد صدَّق لوط بدعوة عمه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام واهتدى بهديه، قال الله تعالى فى القرءان:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّى مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّى إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}سورة العنكبوت.
وقد هاجر لوط عليه السلام مع عمه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام من العراق وتبعه فى جميع أسفاره ورحلاته، ثم بعثه الله تبارك وتعالى إلى أهل سدوم فى الأردن قرب البحر الميت ويسمى بحيرة لوط حاليا.
أرسله الله سبحانه وتعالى ليهدى قومه ويدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وكان قومه رجالاً طاغين وظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء فكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فدعاهم سيدنا (لوط) لترك المنكرات، فأرادوا أن يخرج هو وقومه ولم يؤمن به أحد إلا أهل بيته لكن امرأته لم تؤمن به.
ولم ييأس لوط من قومه بل أخذ يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وبدأ باستخدام أسلوب التخويف والتعذيب فى الآخرة ويغريهم بنعيم الجنة ولكنهم لم يتعظوا.
لكن لماذا أقبل قوم لوط على شهوة الرجال دون النساء؟
قيل إنهم كانت لهم بساتين وثمار فى منازلهم وبساتين وثمار أيضاً على ظهر الطريق وقد أصابهم قحط شديد وجوع فقالوا لبعضهم : إن منعتم ثماركم عن أبناء السبيل والمسافرين كان لكم فيها معاش فقالوا وكيف نمنعها؟ فأقبل بعضهم على بعض فقالوا : اجعلوا سنتكم وعادتكم أن من وجدتموه فى بلادكم غريباً فاسلبوه وانكحوه وزين لهم الشيطان هذا الفعل وحلاه فى نظرهم فظلوا مستمرين على هذه العادة إلى أن جاء نبى الله لوط إليهم ودعاهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وترك هذه المنكرات والفواحش، قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ}سورة الأعراف،
وقال تعالى:{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} سورة الشعراء.
لم يستجب قوم لوط إلى ما دعاهم له بل استمروا فى الضلال وفعل الفواحش وكذبوا نبى الله لوط وأخذوا يكذبون بيوم القيامة وعذاب الله لهم فكانوا يقولون له: ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين وأخذوا يهددون نبى الله بالطرد من قريتهم وتمادوا فى العناد وهموا بإخراجه من القرية قال الله تبارك وتعالى {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} سورة الأعراف،
وقال تعالى {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} سورة الشعراء.
لما أصر قوم لوط على العناد وتهديد نبى الله لوط عليه السلام دعا لوط ربه أن ينصره عليهم فى قوله {ربِّ نجنى وأهلى مما يعملون} سورة الشعراء، وقال: {قال ربِّ انصرنى على القوم المفسدين} سورة العنكبوت
فاستجاب الله سبحانه وتعالى دعوة سيدنا لوط وأرسل الله عز وجل إلى قوم لوط ملائكة لإهلاك قوم لوط وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ليقلبوا عليهم القرية عاليها سافلها وينزلوا بهم العذاب، وكانت لهم مدائن أربع وكان عددهم يزيد على أربعمائة ألف، فمر الملائكة فى طريقهم إلى قرى قوم لوط على إبراهيم عليه السلام بأمر من الله سبحانه وتعالى وجاءوه على هيئة رجال بشكل حسن ووجوههم سمحة وبشروه بغلام حليم وهو إسحاق عليه السلام ومن وراء إسحاق يعقوب وأخبروه أيضاً أنهم ذاهبون للانتقام من قوم لوط وأن الله سبحانه وتعالى أمرهم بإهلاك أهل هذه المدائن الذين كانوا يفعلون الفواحش وعندما سمع إبراهيم عليه الصلاة والسلام ما قاله الملائكة وما أرسلوا به من عذاب لأهل هذه القرية خاف على ابن أخيه لوط عليه السلام وقال لهم إن فيها لوطا أخبروه نحن أعلم بمن فيها وأن الله سبحانه وتعالى سينجى لوط وأهله إلا امرأته الكافرة التى لم تؤمن به وكانت تدافع عن هؤلاء الكافرين ويقول سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم {ولمَّا جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين* قال إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لنُنَجيَنَّه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} [سورة العنكبوت] {قالوا إنا أرسِلنا إلى قوم مجرمين* إلا ءال لوط إنا لمنجوهم أجمعين* إلا امرأته قدّرنا إنها لمن الغابرين} [سورة الحجر]. وقال تعالى: {فلما ذهب عن إبراهيم الرَّوع وجاءته البشرى يجادلنا فى قوم لوط} سورة هود.
وذهب سيدنا إبراهيم إلى قوم لوط وأخذ ينصحهم أن يبعدوا أنفسهم عن فعل الفواحش والمنكرات وأن يعبدوا الله سبحانه وتعالى ويبتعدوا عن الضلال وعندما سمع الملائكة بما فعله إبراهيم من نصحه لهم قال تعالى: {إن إبراهيم لحليمٌ أوَّاهٌ منيب.
يا إبراهيم أعرضْ عن هذا إنَّه قدْ جاءَ أمرُ ربك وأنهم ءاتيهم عذاب غير مردود} [سورة هود] وقالت الملائكة لإبراهيم إن أمر الله قضى وأن عذاب الله لا مفر منه، اتجه الملائكة إلى قرية سدوم التى يسكن فيها قوم لوط وجاءوا بصورة شبان غاية فى الجمال والحسن وهو اختبار من الله سبحانه وتعالى لهم وإقامة الحجة عليهم، وعندما وصلوا القرية فى الظهيرة جاءوا إلى نبى الله لوط ودخلوا عليه، تشرق وجوههم بالنضارة والشباب ولم يخبروه بحقيقتهم فظن نبى الله لوط أنهم ضيوف جاءوا لزيارته فرحب بهم وخاف عليهم عندما جاءوا فى وقت الظهيرة من أولئك المجرمين وخشى أن يكون أحد رآهم فيذهب ويخبر قومه. يقول تعالى {ولما جاءت رسلنا لوطاً سىءَ بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يومٌ عصيب} [سورة هود] أى يوم شديد بلاؤه وخاف من نفوس قومه، وحدث ما كان يخاف منه وخرجت امرأته وكانت امرأة كافرة خبيثة وذهبت إلى قومها وأخبرتهم أن فى بيت لوط رجالاً ما رأت مثل وجوههم قط وعندما سمع قوم لوط الخبر ذهبوا إلى بيت لوط وأرادوا الاعتداء على ضيوف لوط عليه السلام وأخذ نبى الله لوط يتناقش مع قومه بالحسنى لعلهم يبتعدون ودعاهم بأن يتزوجوا من بنات القرية وأن يكتفوا بنسائهم دون الاعتداء على أحد، ولكن قومه رفضوا نصيحته، وصارحوه بغرضهم السيئ من غير استحياء ولا خجل وقالوا له: إنهم ليسوا فى حاجة إلى بنات القرية، وأخبروه أنهم لا يرغبون إلا فى أولئك الشبان الحسان الذين هم فى بيته ضيوفاً، عند ذلك ازداد همه وغضبه عليه الصلاة والسلام وتمنى أن لو كان عنده القوه لمنعهم أو قوم ينصرونه ويدافعون عنه فى قوله تعالى : {ولمَّا جاء رسلنا لوطًا سِىء بهم وضاق بهم ذرعًا وقال هذا يومٌ عصيب* وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتى هنَّ أطهر لكم فاتقوا الله ولا تُخزون فى ضيفى أليس منكم رجلٌ رشيد* قالوا لقد علمت ما لنا فى بناتك من حق وإنَّك لتعلم ما نريد* قال لو أنَّ لى بكم قوةً أو ءاوى إلى ركن شديد} [سورة هود].
وقيل إن لوطاً أغلق بابه والملائكة معه فى بيته وأخذ يتناقش مع قومه من وراء الباب وهم يحاولون اقتحام البيت وفتح الباب وعندما رأت الملائكة ذلك وخوف لوط عليهم أخبروا نبى الله أنهم ليسوا بشرا وإنما هم ملائكة ورسل من عند الله سبحانه وتعالى وجاءوا لإهلاك قوم لوط وإهلاك هذه القرية بأمر من الله لظلمهم وكفرهم بالله سبحانه وتعالى وأمروا نبى الله أن يخرج من هذه القرية مع أهله ليلاً قبل طلوع الصبح لأن موعد إهلاكهم سيكون فى الصباح فى قوله تعالى {قالوا يا لوط انَّا رسل ربك لن يصلوا إليك فاسْر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} [سورة هود].
استأذن جبريل عليه السلام ربه فى عقوبتهم فأذن له فخرج عليه السلام وضرب وجهوهم بطرف جناحه فطمست أعينهم وانصرفوا يتحسسون الحيطان ويهددون نبى الله لوط عليه السلام ومن كثر تهديدهم له سأل نبى الله لوط الملائكة: متى موعد هلاكهم فردوا عليه وقالوا الصبح فرد عليهم لوط وقال لو أهلكتموهم الآن فقالوا له أليس الصبح بقريب فى قوله تعالى {ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابى ونذر* ولقد صبَّحهم بكرةً عذابٌ مستقر} [سورة القمر].
طلب الملائكة من نبى الله لوط أن يغادر صباحاً دون أن يلتفت ورائه لكى لا يرى ما سينزل بقومه الكافرين من عذاب، وأن امرأته سوف يصيبها ما يصيب قومها وسوف تهلك مع الهالكين فأهلكهم الله وأنزل عليهم صيحة من السماء وأمطر عليهم حجارة من سجيل وما أن أشرقت الشمس حتى كانت القرى بمن فيها خراباً ودماراً فى قوله تعالى {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إنَّ أخذهُ أليمٌ شديدٌ} [سورة هود].
وأهلك الله سبحانه وتعالى زوجة نبى الله لوط مع الهالكين لأنها لم تصدق كلام الله وكفرت به ولم تستجب للوط وبقيت كافرة فى قوله تعالى {ضرب الله مثلًا للذين كفروا امرأتَ نوح وامرأتَ لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يُغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين} (سورة التحريم).
لكن من هى امرأة لوط أو زوجته؟ لم يثبت اسمها، ولكن قيل إن اسمها والعة وقيل والهة. والخيانة هنا ليست الخيانة الزوجية لأنها مستحيلة بإجماع العلماء، هذه خيانة دعوة، زوجها النبى الكريم، فلم تؤمن بهذه الدعوة.
إذن كانت خيانتها فى الدين، ولم تكن فى الفاحشة، حيث كانت تدل قومها على ضيوف لوط عليه السلام. يقول تعالى: (وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) (سورة العنكبوت، الآيات 33).
و قصة نبى الله لوط عليه السلام نتعلم منها الكثير ونأخذ منها العبرة والحكمة مما فعله قوم لوط والعقاب الشديد الذى حل بهم بسبب عنادهم بكفرهم وبعدهم عن الله سبحانه وتعالى وتكذيبهم لنبى الله فالحياة قصيرة لا داع فيها للعناد وممارسة شهوات الحياة وعلينا أن نستغلها فى الطاعة وعبادة الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له فالدنيا فانية والعمر فان.