داعش الصهيونية
الخميس، 31 أغسطس 2017 08:56 م
رغم بداية الاستيطان اليهودي في فلسطين بداية القرن التاسع عشر، ولكن ما ان سقطت مصر في يد الإنجليز عام 1882 حتى تسارعت وتيرة الاستيطان، حتى أن كتب التاريخ تعتبر هذا العام هو البداية الحقيقية لتوطين يهود أوروبا وروسيا في فلسطين.
ونظرًا لآن هذه الأرض لها شعب ذكر في التوراة باسمه المعروف حتى اليوم، وسميت تلك الأرض فلسطين على اسم هذا الشعب، ولان يهود اليوم ليسوا أحفاد بنى إسرائيل، كما أكدت كافة الدراسات التاريخية والآثرية والجينية، وبالتالي حتى لو كان هنالك وعد آلهي لبنى إسرائيل فقد اندثرت تلك القبائل، بل وحتى هذا الوعد مجرد خرافة لم يعثر عليها أي باحث حينما يقرأ أسفار التوراة، وأشهر من فعلها ارنست بيفن وزير خارجية بريطانيا في الأربعينيات، حينما قال نصاً لديفيد بن جوريون إنه قرأ التوراة ولم يجد فيها ما يجعل بريطانيا تنسحب من فلسطين لصالح اليهود والواقعة ترجمها الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل وقدمها بالوثائق في كتابه «المباحثات السرية بين العرب وإسرائيل – الجزء الأول».
نظرًا لكافة تلك الحقائق فأن حمل السلاح وبدء العمليات الإرهابية بحق سكان فلسطين كان المخرج الوحيد، ذلك برعاية الغرب الذي كان يريد التخلص من يهود أوروبا وروسيا عبر القائهم في فلسطين حتى يشكلون جيبًا يقسم التواصل التاريخي ما بين مصر وسوريا والعراق وبالتالي تظل امبراطورية الشرق الكبرى ممزقة ولا تستيقظ لمنافستهم مجدداً، لذا آتى شعار من النيل للفرات المقصود به الإمبراطورية المصرية الكبرى التي هزمتهم مرارًا من القاهرة للشام وصولاً إلى جنوب الأناضول وما بين النهرين وهى مناطق نفوذ مصر في العصر الأيوبي ثم المماليك.
ومثلما أرسل الغرب ارهابيين – لا ينتمون الى تلك الأرض – باسم الدين الإسلامي الى الشام خلال الربيع العربي لصناعة الدولة الإسلامية في العراق والشام، ثم أصبحوا اكثر من تنظيم إسلامي وإن كان يجمعهم فكر واحد، كانت عملية انشاء الدولة الصهيونية في فلسطين على نفس الشاكلة، حيث أرسل إرهابيين – لا ينتمون إلى تلك الأرض – باسم الدين اليهودي إلى الشام، وتأسست تنظيمات الهاجانا والبلماح والارجون وشتيرن وهاشومير وغيرها، وهم النسخ الإسرائيلية من داعش وجبهة النصرة وخراسان والإخوان وغيرها من التنظيمات الإسلامية التي تدير العمل الإرهابي داخل سوريا اليوم.
وكما سبق فأن منظمة مثل ارجون تلقت تمويل من حكومات بولندا لرغبة وارسو في التخلص من اليهود وتهجيرهم الى فلسطين، فقد رأت وارسو ان أوروبا الشرقية بدون يهود أفضل.
ومثلما امتلك إرهاب الإسلام السياسي في الشام أسلحة متطورة سحقت الجيش السوري واللبناني والعراقي في بعض المواقع، امتلك إرهاب اليهودية السياسية ايضاً أسلحة متطورة وقتذاك مقارنة بالشعب الفلسطيني الأعزل بل بحلول الاربعينيات كان للعصابات الصهيونية سلاح للجو وارتال من الدبابات، وقد جرى قصف يافا في مايو 1948 بالأسلحة الثقيلة، ثم هاجمها 5 آلاف مسلح يتبعون عصابات هاجاناه والأرجون، بينما حاول متطوعون بقيادة ميشيل العيسى (مسيحي الديانة) الدفاع عنها، حيث تمت إبادة المتطوعين البالغ عددهم 1500 متطوع، وتهجير 50 الف نسمة من اهل يافا عبر البحر بدون وسائل ابحار آمنة، واعدام المئات من سكانها رمياً بالرصاص في معسكرات الاعتقال الصهيونية.
ومثلما كان قادة مؤسسي داعش باستثناء قلة قليلة من أبناء سوريا والعراق، فأن مؤسسي داعش الصهيونية كانوا ايضاً من دون يهود فلسطين او حتى يهود العرب، تدفق على فلسطين إرهابيين من بلاروس مثل إسحاق شامير وشيمون بيريز، والبولندي ديفيد بن جوريون، ومن أوكرانيا موشي شيرتوك وجولدا مائير واسحاق رابين وغيرهم من دول روسيا وأوروبا الشرقية.
ولم يبدأ هذا الإرهاب عام 1882، ولكن بدأ مع الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1917، حيث كانت معسكرات الاحتلال البريطاني تمد العصابات الصهيونية بالسلاح وادعاء العكس، تماماً كما فعلت وزارة ديفيد كاميرون البريطانية وإدارة باراك أوباما الامريكية مع داعش في نسختها الإسلامية، وانتفض الشعب الفلسطيني ضد الإرهاب والاحتلال خلال سنوات الغزو البريطاني لفلسطين ما بين عامي 1917 و1948، فقامت بريطانيا بقمع الشعب الفلسطيني في السجون وزنازين التعذيب.
وحينما انسحب الجيش البريطاني من طبرية في 18 ابريل 1948، لم ينسحب الا مع اخلائها من سكانها البالغ عددهم 5 آلاف نسمة، ثم تسليمها الى العصابات الصهيونية.
ولم يصمت الشعب الفلسطيني، بل اندلعت انتفاضة ابريل 1920 الفلسطينية ما بين يومي 4 و10 ابريل ثم انتفاضة يافا في 1/7 مايو 1921، ثم ثورة حائط البراق في 23/29 أغسطس 1929، ثم الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939)، وانتفاضة القدس ديسمبر 1947.
وكما انقلب الإرهاب الإسلامي على صانعه، انقلاب إرهاب اليهودية السياسية على صانعه ايضاً، حيث بدأت العصابات الصهيونية في مهاجمة المصالح والجيش البريطاني في فلسطين كلما أبدت لندن بعض التريث في نقل السلطة للعصابات الصهيونية.
في يناير 1948، ميلشيات الهاجانا فجرت فندق سميراميس بالقدس وقتل 20 فلسطينيا، وفى 27 سبتمبر 1944 امر مناحم بيجن ما لا يقل عن 1500 مسلح من ميلشيات الارجون بمهاجمة مركز شرطة بريطاني وسقط العشرات من جنود الاحتلال البريطاني وحتى اليوم تتكتم لندن على خسائرها في هذا الهجوم تماماً كما تفعل المانيا بقيادة انجيلا ميركل في حوادث القتل والدهس الأخيرة للاجئين الدواعش الذين يدخلوا اراضى أوروبا على وقع الربيع العربي.
وفى نوفمبر 1947 ميلشيات شتيرن تفجير السراي الكبير في يافا وقتل 26 بسيارة ملغومة، ولما لقى مؤسس وقائد المنظمة ابراهام شتيرن مصرعه على يد الجيش البريطاني، انتقم إسحاق شامير قائد المنظمة الجديد بإرسال من يغتال والتر إدوارد جينيس (البارون موين الأول)، الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط في القاهرة في 6 نوفمبر 1944.
منظمة أرجون بزعامة مناحيم بيجن ومنظمة شتيرن بزعامة إسحق شامير، وكلاهما أصبح رئيساً لوزراء إسرائيل ولاحقاً وشاركا في تأسيس حزب الليكود، اتفقا على اغتيال الكونت السويدي فولك برنادوت في 17 سبتمبر 1948 بالقدس، وهو من العائلة الملكية السويدية، وهو حفيد أوسكار الثاني الذي كان ملك السويد والنرويج.
وفى 22 يوليو 1946 تم تفجير فندق الملك داوود في القدس وسقوط 91 قتيلاً أغلبهم من المدنيين، وبينهم 41 فلسطينياً، 17 يهودي، و15 بريطاني، علماً بأن الفندق يعد مقراً حكومياً لسلطة الاحتلال البريطاني.
منظمة البلماح بقيادة إسحاق رابين وموشي ديان وحاييم بارليف (مؤسس خط بارليف لاحقاً) قامت بتفجير السكك الحديدية وإغراق ثلاث قوارب حراسة بريطانية في "ليلة القطارات" في 1 نوفمبر عام 1945.
وخلال الفترة من العشرينات وحتى الاربعينيات كانت حوادث إطلاق الرصاص العشوائي على المارة والحشود المدنيين الفلسطينيين عمل إرهابي يومي معتاد في كافة ارجاء فلسطين خاصة القدس، بالإضافة الى زرع والقاء العبوات الناسفة، مثلما جرى في 25 يوليو 1938 حيث استشهد 53 فلسطيني بتفجير قنبلة بسوق حيفا.
وفى 9 ابريل 1948 هاجمت ميلشيات الإرجون وشتيرن والهاجانا قرية دير ياسين، كان الغرض من الهجوم ونوعية القتل هو احداث أكبر ذعر ممكن في قلوب اهل فلسطين حتى يغادرون ارضهم فوراً بمجرد معرفتهم ان داوعش الصهيونية على الأبواب، تماماً كما فعلت الاخوان الدواعش في سوريا والعراق ببث فيديوهات الإعدام حتى تبث الرعب في قلوب جيوش وسكان المنطقة، حرب نفسية وحرب إعلامية في المقام الأول.
تم ذبح 360 فلسطيني على الأقل في دير ياسين، على نمط الذبح الاخواني الداعشي في سنوات الربيع العربي، دير ياسين تبعد 2-3 كم عن مكتب مدير البوليس البريطاني في القدس ورغم طلب الفلسطينيين المساعدة الا ان القوات البريطانية لم تتحرك.
كارل صباغ في كتابه "فلسطين: تاريخ شخصي" عن مذبحة دير ياسين كتب قائلاً "لم تكتف العناصر اليهودية المسلحة من إراقة الدماء في القرية، بل أخذوا عدداً من القرويين الأحياء بالسيارات واستعرضوهم في شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود" و "لقد اتو بفتاة واغتصبوها بحضور أهلها، ثم انتهوا منها وبدأوا تعذيبها فقطعوا نهديها ثم ألقوا بها في النار".
وبعد مذبحة دير ياسين، استوطن اليهود القرية وفي عام 1980 أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلين الإرجون الذين نفّذوا المذبحة.
وانسحبت بريطانيا بغتة قبل شهر من موعد انسحابها المعلن، ودخل اليهود مباشرة مكانهم، واستلموا 2700 مبنى حكومي، و50 محطة قطار، و3000 كم من الطرق المعبدة، وعدة موانئ، و37 معسكر للجيش مليئة بالأسلحة وقطع الغيار.
المؤرخ ميشيل بالمبو Michael Palumbo في كتابه Palestinian Catastrophe: The 1948 Expulsion of a People from Their Homeland "نكبة فلسطين: كيف طرد الفلسطينيون من ديارهم عام 1948" كتب عن مجازر بلدة الدوايمة على يد عصابتي الإرجون وشتيرن، فهو يلاحظ أنهم لكي يقتلوا الأطفال شقوا رؤوسهم وشجوهم بالعصي، فلم يوجد منزل واحد بدون جثث، وبعد قتل الأطفال ساق الجنود اليهود النساء والرجال إلى منازل كالقطعان، حيث أبقوهم دون طعام وبلا ماء ومن ثم عمدوا إلى تفجير المنازل بمن فيها من المدنيين.
الجنرال موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي صرح لجريدة هآرتس في 4 ابريل 1969 قائلاً: "لقد بنيت القرى اليهودية لتحل مكان القرى العربية. أنك لا تعرف أسماء تلك القرى العربية، وأنا لا ألومك على ذلك لأنه لا توجد كتب جغرافيا. وليس الكتب فقط، بل كذلك إن تلك القرى العربية لم تعد موجودة الآن، لا يوجد هنا مكان واحد في هذه البلاد لم يكن فيه سكان عرب".
ولم يتوقف الإرهاب الصهيوني او إرهاب اليهودية السياسية حيال شعب فلسطين، مثل مذبحة قبية حدثت في ليلة ما بين 14 أكتوبر و15 أكتوبر من عام 1953 عندما قام جنود إسرائيليون تحت قيادة أرئيل شارون بمهاجمة قرية قبية الواقعة في الضفة الغربية (التي كانت حينها تحت السيادة الأردنية) حيث قتل فيها 69 فلسطينيا، العديد منهم أثناء اختبائهم في بيوتهم التي تم تفجيرها وتم هدم 45 منزلا ومدرسةً واحدة ومسجدا.
ومثلما رأينا جنود سابقين في جيوش أوروبية ينضمون الى الدواعش بحجة الايمان بالقضية، انضم العقيد ميكي ماركوس David Daniel "Mickey" Marcus (1901 – 1948) الى عصابات هاجاناه فور اعلان قيام دولة إسرائيل حيث خاض معهم حرب فلسطين 1948، وقتل اثناء الحرب، ودفن في الأكاديمية الحربية الأمريكية، علماً بأنه كان ضابطاً في الجيش الأمريكي خلال معارك الحرب العالمية الثانية، وصنعت هوليود فيلماً عن حياته بعنوان "ظل العمالقة" عام 1966، مع حملة دعائية عن البطل الأمريكي الذى شارك في الحرب ضد النازية بفرنسا ومن ثم ساعد اليهود لحماية الكيان الإسرائيلي.
وحينما سيطرت هذه العصابات الصهيونية على سيناء، ارتكبوا بحق أبناء الجيش المصري العديد من مذابح القتل والدفن الجماعي.
وبكل اسف هنالك من يريد منا ان ننسي كل هذا التاريخ، وان نصدق الدعاية الصهيونية، وان إسرائيل ليست عدو، وان ننسي شعار من النيل للفرات ، وقد حصدوا عقب هزيمتهم العسكرية في أكتوبر 1973 هزيمة ثانية دبلوماسية سوف ظفرت مصر بما لا يقل عن 85 % من مساحة سيناء باتفاقية سياسية، عادة ما تبرم بين كافة الأطراف التي تتحارب في العصر الحديث، اذ يجب على كافة الأطراف ان تذهب الى مائدة التفاوض لعقد اتفاق سياسي ملزم بمكاسب وخسائر كل فريق، ولكن الدعاية الصهيونية و غلمانها في الداخل المصري بكل اسف صورت الامر باعتباره هزيمة وتطبيع وخيانة، بينما تعجز جميع الأطراف العربية اليوم عن الظفر بكلمة واحدة مما ظفر بها الرئيس أنور السادات في كامب ديفيد.
علموا أولادهم ان إسرائيل هي العدو، لأنها هي من اختار ذلك مهما ادعى زعماء عصاباتها عكس ذلك، ولان من صنع إسرائيل اختار لها ذلك حتى اليوم، هم مجرد مشروع استعماري غربي فحسب واليوم الذي يفكر فيه قائد إسرائيلي في عبور الخط الأحمر سوف يتخلص منه الغرب قبل أي طرف آخر ولنا في اغتيال إسحاق رابين إشارة واضحة لذلك.
هو مجرد مشروع استعماري يرتدي عباءة دينية مزيفة شديدة الشبه بالعباءة الدينية المزيفة لحسن البنا وسيد قطب واسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي وأبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني، تطابق زيف العباءة الدينية لملوك الحروب الصليبية، علموا اولادكم ان شعب فلسطين لم يقم ببيع ارضه، بل حارب من اجلها، علموا اولادكم ان العصابات الصهيونية ذبحت واغتصبت ونكلت بشعوب المنطقة تماماً كما فعل الدواعش والاخوان لاحقاً، فهذا جناح يهودي وذاك جناح إسلامي لنفس المشروع الاستعماري.
وتعلموا انه ليس معني الا نخضع لابتزاز عروبي او مؤامرات حماس وفتح للانزلاق في معارك خارجية هو ان نصدق الأكاذيب الصهيونية حول فلسطين وشعبها، ليس من اجل فلسطين، ولكن لأنك انت الهدف التالي مهما حاولت ان تتماهى معهم، فلا يعقل ان يدعى البعض مناهضتهم للمؤامرة على بلادنا ثم يردد الديباجات الصهيونية عن فلسطين دون ان يدرك انه ما جرى في فلسطين منذ عام 1882 على الأقل لليوم كان يستهدف بشكل رئيسي قصم الإمبراطورية المصرية وتمددها في سوريا والعراق.