51 عامًا على إعدام إمام التكفيريين.. رحل سيد قطب وبقيت ظلماته
الأربعاء، 30 أغسطس 2017 01:00 م
أكثر من 50 عامًا مرت على إعدام «مفتى الموت»، سيد قطب، الذى لُقب بالأب الروحي لجماعة الإخوان الإرهابية، فهو يُعد من أكثر الشخصيات تأثيرًا في الحركات الإسلامية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، والذي حُكم عليه بالإعدام مع ٧ آخرين، وتم تنفيذه بعد أسبوع واحد فقط في 29 أغسطس 1966.
وقبل الحديث عن «سيد قطب» وذكرى إعدامه، كان لزاماَ ذكر أبرز الوقائع التى ربطت بين جيل الجماعة الإرهابية الحالي وارتباطه الوثيق بفكر وعقلية سيد قطب، حيث أن الرئيس المعزول محمد مرسي حينما وصل إلى سجن برج العرب، طلب الحصول على كتب سيد قطب، خاصة كتابى تفسير «فى ظلال القرآن» و«معالم على الطريق»، لتصبح هى الأنيس الوحيد فى سجنه.
طلب «المعزول» محمد مرسى تصانيف وكُتب «قطب» تكشف المدى الوثيق ومدى تأثر الرئيس المعزول بـ«الفكر القطبي»، عليه وعلى أعضاء مكتب الإرشاد وعلى رأسهم المرشد محمد بديع و محمد كمال ومحمود عزت وغيرهم من أعضاء مكتب الإرشاد الذين يطلق عليهم بـ«القطبيين»، ممن بثوا سياساتهم وسلوكياتهم على المجتمع المصرى خلال فترة حكمهم عقب ثورة 25 يناير.
قبل ثورة 25 يناير، حدثت واقعة تؤكد مدى ارتباط أعضاء الجماعة بـ«مفتى الموت»، فقد جرى ندوة لأحد القنوات الخاصة قبل ثورة 25 يناير بنحو عام ونصف، كانت تحت إشراف الباحث ونقيب الصحفيين السابق ضياء رشوان، وشارك فيها محمد مرسى ومحمود عزت، كممثلين للجماعة، وذلك فى إطار مناقشة ما أثير بشأن كتاب «دعاة لا قضاة» الذى هاجم فيه المرشد حسن الهضيبي، أفكار وميول سيد قطب، عن التكفير، وأيده في ذلك المرشد التالي عمر التلمساني.
عندما سأل «رشوان» خلال الندوة عن مدى مطابقة أفكار الإخوان لما جاء في كتب «سيد قطب»؟ أجاب قائلا مرسي: «عندما قرأت للأستاذ سيد قطب، بعد وفاته، عشت في كتابًاته فصارت جزءًا مني، لقد وجدت فيه الإسلام بما فيه من السعة والرؤية الشاملة للإسلام، وصحيح أن سيد قطب، يقول نصوصًا تكفيرية، ولكننا لا نعتبرها تكفيرية، ولكنها نصوص تحرك الوجدان وتتحدى العقل»، وقبل أن تنتهي الحلقة تلقى ضياء رشوان، مداخلة تليفونية على الهواء من محمد بديع، يؤيد فيها دفاع مرسي، وعزت عن أستاذهما وصاحب فكرهما سيد قطب .
هذا غيض من فيض يؤكد مدى علاقة وارتباط قيادات الإخوان الذين ما أن شرعوا فى افتاء القيادات الوسطى والدنيا بضرورة الخروج على الحاكم بقوة السلاح بإسم فكرة «الحاكمية» المتمثلة فى تحكيم شرع الله، وذلك بناءاَ على فكر المنظر الأول ومفتى الموت «سيد قطب» الذى قبل أن ينضم إلى جماعة الإخوان الإرهابية كان يُعد من أبرز شعراء ونُقاد، عقب عودته من بعثته الدراسية، فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد انضمامه للجماعة تحول من ناقداَ وأديباَ إلى مفتٍ للموت، تاركاَ وراءه «التفكير» متجهاَ إلى «التكفير»، واضعاَ أفكار الحاكمية والجاهلية، ما أدت إلى إفراز التنظيم القطبى الذى شكَل التنظيمات والجماعات الجهادية، أمثال جماعة التكفير والهجرة و الجهاد و الجماعة الإسلامية، فضلاَ عن تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة المعروف بـ«داعش»، رغم نسبته للسلفية الجهادية، إلا أن القيادات تُعد «قطبية المنهج» .
«معالم على الطريق»..هو الشرارة الأولى التى أطلق فيها سيد قطب العنان فى وصف المجتمعات الإسلامية البعيدة عن تطبيق الشريعة-على حد زعمه- بأنها مجتمعات جاهلية، وأن الحكام فيها والمحكومين جاهلين، كما أكد «قطب» فى هذا الكتاب لفكرة الحاكمية الإلهية معتبراَ أن من يطبقون القوانين الوضعية ينافسون الإله سبحانه وتعالى فى حكمته وحكمه، وبعد نشر الكتاب بعام تقريباَ حُكم «قطب» فى قضية من أخر قضايا العصر الحديث بمحاولة إغتيال رئيس الجمهورية آنذاك جمال عبد الناصر وتفجير القناطر الخيرية والتجهيز لانقلاب مسلح، والترويج لأفكار تكفيرية.
القائمة فى قضية محاولة «اغتيال عبد الناصر» والتى عرفت بحادث المنشية ضمت مع سيد قطب محمد بديع المرشد الحالى للجماعة، ومحمود عزت نائب المرشد العام ورمز القطبيين القوى، وجمعة أمين، ورشاد بيومى، وما يقرب من 80% من أعضاء مكتب الإرشاد الحالى، كانت علاقتهم الأولى بالإخوان وبالسجون من خلال سيد قطب الذى ترك أفكاره الظلامية والدموية داخل عقولهم.
صاحب كتاب «معالم على الطريق» الذى كان بمثابة القنبلة الموقوتة يرى أن المجتمع المسلم، هو الذى يُحكم بالشريعة وليس الذى يتكون من أفراد مسلمين، أن المجتمع المعاصر «جاهلى» فيقول فى كتابه: «نحن اليوم فى جاهلية كالجاهلية التى عاصرها الإسلام أو أظلم، كل ما حولنا جاهلية، تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم، حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيرا إسلاميا، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية»، تلك النتيجة التى وصل إليها العقل الفردى دون الجمعى ممثلاَ فى «قطب» يؤمن بأنه للقضاء على هذه الجاهلية لابد من تكوين ما يسمى بـ«العصبة المؤمنة» للوصول إلى تنفيذ فكرة «التمكين» لتحقيق حاكمية الله على الأرض، وهو ما يعنى عمليا، الاستيلاء على سلطة الدولة كنقطة بداية لبناء المجتمع والقضاء على الجاهلية.
فى عام 1963 تسربت تلك الأفكار والكتابات إلى اثنين من قيادات التنظيم السرى للإخوان خارج السجون، وبحلول عام 1964، تكونت مجموعة من قادة شباب الإخوان، تدعو للفكر القطبى نجحت فى اجتذاب غالبية مسجونى سجن القناطر الشباب، فتوسع التنظيم ليضم أكثر من مائتى شخص، ومع خروج قطب من السجن فى مطلع 1965 تولى قيادة التنظيم الناشئ .
إلا أن إعدام قطب لم يضع نهاية للقصة، فقد كانت أفكاره تجد طريقها إلى الانتشار حتى أصبحت هى الأساس الفكرى الأهم لحركة الإسلام الجهادى التى طفت على سطح المجتمع ولعبت دورا كبيرا فى حياته فى سنوات السبعينيات وما بعدها.
يشار إلى أن «سيد قطب» ولد في قرية موشة بمحافظة أسيوط، في 9 أكتوبر 1906، والذي يعد من أكثر الشخصيات تأثيرًا في الحركات الإسلامية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تلقّى دراسته الابتدائية في قريته، وفي سنة 1920 سافر إلى القاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأوّلي، ثم التحق بتجهيزية دار العلوم، وفى سنة 1932 حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم، وعمل مدرسا حوالي ست سنوات، ثم شغل عدة وظائف في الوزارة.
وساهم في تشكيل الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان، وعمل في قسم الدعوة وتعرض للتحقيقات التي تعرضت لها قيادات الجماعة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إثر حادث المنشية في ١٩٥٤ الذي اتهمت فيه جماعة الإخوان، وتم الزج به بالسجن لمدة ١٥ عاما، وتدخل الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف لدى عبدالناصر للإفراج عنه في مايو ١٩٦٤، وبتاريخ ٣٠ يوليو ١٩٦٥، القى القبض على شقيقه محمد قطب وأرسل قطب رسالة احتجاج للمباحث العامة في ٩ أغسطس ١٩٦٥، فكانت سببًا في القبض عليه مجددا مع أعضاء من جماعة الإخوان، وحُكم عليه بالإعدام مع ٧ آخرين، وتم تنفيذه بسرعة بعد أسبوع واحد فقط في 29 أغسطس 1966.
أخبار متعلقة
قصة إنشاء التنظيم السري لـ «الإخوان» الذي حاول اغتيال عبدالناصر بالمنشية