مرصد الأزهر ينشر تقريرا عن تنظيم داعش الإرهابي
الأحد، 27 أغسطس 2017 02:42 م
بذلك يتضح أن مجموعة "جنود الخلافة" هي ذراع جديد يتبع تنظيم "داعش" في مصر، ويتخذ من منطقة الصعيد مركزًا له، لكنه يتحرك وينفذ عملياته داخل نطاق القاهرة الكبرى، ومنطقة الدلتا نظرًا لصعوبة تحرك، عناصر سيناء، وإحكام القبضة الأمنية عليهم، فكان لابد من إنتاج وتكوين تنظيم مواز يتحرك بسهولة ويتخذ عدة مناطق مقرًا له.
ومن الواضح أن (جنود الخلافة) يعتمد في تشكيله على فكرة ونظام الخلايا العنقودية، التي تنفذ عمليات محددة، دون تعقب، أو دون معرفة بقايا الخلايا الأخرى من باب الاحتياطات الأمنية التي يتبعها التنظيم في تأمين خلاياه الإرهابية، وتستهدف مؤسسات الدولة المصرية من قوات الجيش والشرطة، بالإضافة إلى استهداف الكنائس والأقباط، لما لها من تأثير على المستوى الدولي.
وبهذا يتضح أن هذا التنظيم ليس تنظيما عشوائيًا نشأ كردة فعل على الأحداث الأخيرة التي حدث في مصر، بل تمتد جذوره إلى ما هو أبعد من ذلك، فإن هذا التنظيم يستخدم نفس منهج الجماعة الإسلامية التي نشأت في صعيد مصر، وارتكبت العديد من جرائم الإرهاب في أواخر القرن الماضي والتي كانت تعتقد في تكفير الحاكم ووجوب الخروج عليه بدعوى عدم تطبيقه للشريعة، واستحلال أموال الأقباط لتمويل نشاطاتهم ضد الدولة الكافرة كما يزعمون، وتلك الأفكار تعد من بين القواسم المشتركة بين أغلب التنظيمات الإرهابية.
هنا تنجلى الحقيقة الواضحة التي تؤكد أن مناهج وأهداف تلك الجماعات واحدة، وأن الإرهاب هو عبارة عن حلقات متصلة داخل الإطار الواحد، وأن الخلاف إنما يكون فقط في تباين الأدوار وتعدّد المسمّيات وطرق توظيف الحدث الإرهابي واستثماره، وأن هذه الجماعات تستقي أفكارها من معين واحد، وأنها تتفق في الرؤى والأهداف لكنها تختلف في الأساليب والأولويات.
ومما يبرهن على ذلك أنه متى توافرت البيئة الحاضنة لهذه الجماعات على اختلاف مسمياتها وأشكالها فإنها سرعان ما تتحد وتتوحد؛ ففي سوريا مثلاً كانت تقاتل "جبهة النصرة لأهل الشام" تحت لواء تنظيم القاعدة ثم ما لبثت أن قاتلت تحت لواء تنظيم "دولة العراق الإسلامية" وأصبح اسم التنظيم الجديد "دولة العراق والشام الإسلامية"، وهذا ما حدث أيضا في مصر حيث توحدت الجماعات الإرهابية في سيناء مثل ولاية سيناء (أنصار بيت المقدس) وهي تابعة لداعش منهجًا وعقيدة وجماعة التوحيد والجهاد" وهي تابعة للقاعدة وغيره من الجماعات، الذين توحد تحت راية واحدة بالرغم من كل هذا الاختلاف والتابين في المنهج والأسلوب، وتلك طبيعة الجماعات الإرهابية حين تجد العدو المشترك والذي يتمثل هنا في الدولة المصرية، فإن كل خلاف عقدي أو فكري أو حتى منهجي يذوب وينصهر ويتلاشى في سبيل تلك الغاية، ثم إذا ما اختفى هذا العدو أو توارى فإن هذه التنظيمات تقاتل بعضها البعض وتكفِّر بعضها البعض كما هو الحال في سوريا والعراق، فهي كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.