تماثيل رخام ع الترعة وأوبـرا.. شكرا د. إيناس عبد الدايم
السبت، 19 أغسطس 2017 02:14 م
عندما غنى عبد الحليم حافظ من كلمات وأشعار صلاح جاهين وألحان كمال الطويل عام 63 أغنية «المسئولية» وقال فيها «تمـاثيـل رخـام، ع الترعــة، وأوبـرا، فى كـل قريــة عربية، دي ما هيـش أماني، وكلام أغانى، ده بر تانى، قصادنا، قريب، يا معداوية»، كانت الأغنية تعبر عن الحلم الكبير فى نشر المشروع الثقافى الستينى فى كل أرجاء مصر، فى كل قرية ومدينة، وحق كل قرية مصرية فى المعرفة والثقافة والفن حتى لو اتسع الحلم لانشاء أوبرا وتذوق فنونها الرفيعة لدى البسطاء من العمال والفلاحين فى مصر فى اطار مشروع النهضة والتنوير وتحصين الوعى والعقل المصرى ضد أفكار التطرف والشطط.
لم تكن كلمات الأغنية مثار اندهاش أو استغراب إلا من البعض الذى حاول السخرية من حليم وجاهين والحلم الذى عبرا عنه، وكأن فن الأوبرا بعيدا عن تذوق المصريين وكأن التاريخ لا يسجل أن أقدم دار للأوبرا فى الشرق كانت فى مصر عام 1869 وقدمت أشهر الموسيقيين العالميين واستمر دورها فى الإشعاع الفنى والثقافى والحضارى حتى الآن.
واعتبرت الأوبرا القديمة هي الأولى في قارة أفريقيا واعتبر مسرحها واحدا من أوسع مسارح العالم رقعة واستعدادا وفخامة. قبل أن تشتعل فيها النيران فى 28 أكتوبر 1971.
واستمرت دار الأوبرا المصرية تؤدى رسالتها فى التنوير وفى اثراء الحياة الفنية فى مصر بعد تشييد الدار الجديدة عام 88 وكانت الرسالة أيضا أن تصل رسالة الفن الى كل المصريين خارج جدران الأوبرا.
الفن هو السلاح الأمضى فى مواجهة الإرهاب والتطرف، وحماية العقل وصيانته والارتقاء بالذوق والأخلاق، وهو ما نطالب به دائما من المسئوليين عن قطاعات الفنون المختلفة فى مصر، بأن انتشروا فى القرى والنجوع بالفن الراقى وبالفرق الموسيقية وفرق الأوبرا والباليه والأوركسترا .
وفى الأسبوع الماضى أسعدنى الحظ لحضور حفل افتتاح مهرجان القلعة السادس والعشرين للموسيقى والغناء الذى تحرص على اقامته دار الأوبرا المصرية وبدعوة كريمة من الدكتور ايناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا التى استطاعت بفضل مجهودها ونشاطها أن تعيد للاوبرا بهائها ورونقها وزخمها الفنى الراقى ، فهى الدينامو مع فريق العمل داخل الأوبرا وفى مقدمته الدكتور مجدى صابر رئيس البيت الفنى، وعاد الجمهور ليملأ قاعات الاوبرا ومسارحها.
وفى القلعة التاريخية امتلأت مقاعد المحكى عن آخرها وازدحمت بالجمهور من كافة الأعمار ومن أماكن متفرقة من محافظات مصر للاستماع الى الفن الراقى بكبار الفنانين والمنشدين ، مثل الفنان على الحجار ومدحت صالح ومحمد الحلو والشيخ ياسين التهامى ونسمة محجوب ومحمد محسن وخالد سليم وغيرهم تمنيت على الدكتورة ايناس عبد الدايم أن تنتقل عروض الأوبرا الى باقى محافظات مصر مثل تمنى عليها أحد الحضور الذى جاء خصيصا مع اسرته من السويس لحضور الحفل. فمن حق المصريين فى كل مكان فى مصر أن يستمعوا لهذا الفن الراقى من كبار الفنانين والموسيقيين والى فرقة باليه أوبرا القاهرة وأوركسترا القاهرة السيمفوني وكورال أوبرا القاهرة وفرقة الرقص المسرحي الحديث المصرية وفرقة عبد الحليم نويره للموسيقى العربية والفرقة القومية للموسيقى العربية وفرقة الموسيقى العربية للتراث وفرقة الإنشاد الديني ولا تنقصنا أماكن العرض فى محافظات مصر بهدف نشر الثقافة الموسيقية التى تعتبر جسر للارتقاء بالذوق العام و سدا منيعا فى مواجهه الفراغ والفوضى.
لدينا قصور الثقافة المنتشرة فى أكثر من 530 مدينة فى مصر ولا تعمل للاسف بكامل طاقتها ويشرف على غالبيتها موظفون لا يقدرون قيمة ما يتحملون مسئوليته.
حفلات الأوبرا وفنانو مصر ليسوا حكرا فقط على القاهرة أو الاسكندرية ولكنهم ملك لجميع المصريين. فهل يتحقق الحلم بتماثيل الرخام ع الترعة وأوبر ا فى كل قرية ومدينة مصرية؟ الحلم قابل للتحقيق إذا كانت لدينا الإرادة والإدارة السليمة والواعية. وأظن أن الدكتور ايناس عبد الدايم لديها هذا الحلم أيضا.. فشكرا لها