في انتظار قبلة الحياة .."القناطر الخيرية" شيّدها محمد علي ودمرها الإهمال والنهب (صور)
الخميس، 17 أغسطس 2017 11:30 ص
القناطر الخيرية
هناء قنديل
في توجه من الدولة لإعادة إحياء القناطر الخيرية، وإعادة مكانتها على خريطة السياحة العالمية، بحثت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، خلال الأيام الماضية مشروع تطوير القناطر الخيرية والفرص الاستثمارية في القليوبية، مع عدد من المسئولين، حيث يتم دراسة سبل الاستفادة من الأماكن الأثرية في القليوبية وإقامة المشروعات الاستثمارية والسياحية والتي تسهم في جذب المستثمرين والسياح، كإنشاء فندق وممشى سياحي، وشبكة مواصلات داخل المدينة ، وتطوير منطقة الشاليهات"مرجانة" وتطوير وصيانة الكباري والمباني الآثرية بالقناطر الخيرية.
بعد هذه الأخبار صوت الأمة زارت القناطر الخيرية، ورصدت من على الأرض واقعها الآن خاصة قرية مرجانة السياحية، وجزيرة الشعير والتي كانتا بمثابة أميرتا المناطق السياحية، بالقناطر الخيرية، إلا أنهما تحولتا لأوكار تسكنها الأشباح، والمجرمين، ومتعاطي المخدرات، والبلطجية، بعد أن أهملت الدولة الاستفادة منهما، وتركتهما للنهب، والتدميرالمتعمد بعد إغلاق القرية في عام 2008 والتي كانت تضم عددًا من المطاعم وكازينو سياحيًا وشاليهات على النيل ، وفي تناسق بديع كانت تصطف على جانبي القرية، والجزيرة على ضفاف النيل، منازل الفلاحين، تناطح فيلات وقصور الأغنياء، ولا يفصل بينهما سوى رصيف ضيق، وسط مناظرها خلابة لا مثيل لها.
ويرجع تسمية جزيرة الشعير، بهذا الاسم، لأنها المصدر الأول لزراعة محصول الشعير في مصر، منذ عهد محمد علي، وتضم 3 جزر متجاورة، وتابعة لها، هي البحرية، والقبلية، والعرب، والأخيرة الأكثر كثافة، وشهرة، لزراعتها الموالح، اشتغال أهلها في المشاتل، وتأجير اللنشات والحناطير، والجزيرة عبارة عن رأس مثلث يفصل النيل إلى فرعيه رشيد ودمياط بمساحة 355 فدانًا منها 240 فدانًا وضع يد، لمحطة بحوث البساتين التابعة لمركز البحوث بوزارة الزراعة، و10 أفدنة عبارة عن مبان وتجمعات سكنية بالجزيرة منذ مائتي عام، و80 فدانا ملكية خاصة، وهي عزبة زايد، نسبة إلى مالك الجزء الأكبر منها وهو ثري يدعى توفيق زايد، إلا أنه تنازل عن جزء منها للأهالي، حتى يتمكنوا من تقنين أوضاع منازلهم، والإقامة بها، هذا بالإضافة إلى 25 فدانًا وضع يد من أهالي المنطقة، الذين يزرعونها بالمشاتل منذ أكثر من مائتي عام.
خدمات معدومة
ورغم تاريخية، وجمال المكان، فإن انعدام الخدمات، أدى لتدميره، إذ تذهب النساء صباح كل يوم إلى مياه النيل، لغسل الأواني والثياب، فيما يستحم الأطفال في المياه قرب الشاطئ، والتي غالبًا ما تكون مخلوطة بمياه مصارف المنازل المقامة داخل الجزيرة، وتفتقد الجزيرة لمياه الشرب، وتشمل الجزيرة، عزبتي ريماس وريحانة، واللتان تحولتا من أماكن ترفيهية، إلى مصدر للتلوث والأمراض، ومكان مهجور.
واتفق الأهالي في الجزيرة، على أن غياب الخدمات الحكومية، زاد من معدلات البطالة، ونسبة الأمراض.
وأشارأحمد فؤاد، من أهالي الجزيرة، إلى أن جميع سكانها من أهلها، وليس بينهم غريب، وأنهم يزرعون أرضها منذ أكثر من 200 عام، وأنه يخشى أن يلقى سكانها مصير جزيرة الوراق وخاصة عزبة العرب، والذين لم يقننوا أوضاعهم مع الدولة حتى الآن بسبب الفقر، وضيق الرزق".
وتحدث عن قرية مرجانة والتى تبعد أمتار عنهم، وكان يعمل بها قبل تخريبها قائلا: «ماحدث من نهب في مرجانة وتخريب فهو متعمد، ويجب أن يحاسب عليه كل المسئولين، الذين تعاقبوا على القليوبية، حرام تترك مرتعا للحيوانات الضالة، والبلطجية، ونحن لا نجد عمل»، أما أحمد عياد، من أبناء الجزيرة أيضًا، فيؤكد أن نحو 200 فدان من أرض الجزيرة تخص وزارة الزراعة، ومزروعة بأصناف من البلح النادر منذ أيام الملك فاروق، وموجودة الآن على الطبيعة، وهناك أجود أصناف البرتقال واليوسفي والمانجو.
ومن جهته يقول الدكتور عبد المنصف سالم نجم أستاذ الآثار الإسلامية بقسم الآثار والحضارة بكلية الآداب، جامعة حلوان «تعددت القصور والسرايات التي شيدها أفراد أسرة محمد علي في مدينة تعتبر القناطر الخيرية، درة محافظة القليوبية، وهي المنطقة التي يتفرع فيها نهر النيل إلى رشيد، ودمياط، وأكسبها محمد علي أهمية بالغة، وأنشأ القناطر الخيرية التي تتحكم في تدفق المياه للثلاث رياحات الرئيسة في دلتا النيل وهي: "المنوفي، والتوفيقي، والبحيري"، واكتسبت هذه البلدة شهرتها منذ أن أنشأ محمد علي، القناطر الخيرية، التي وضع أساسها في احتفال مهيب، وأكملت في عهد نجله سعيد باشا».
وأشار إلى أن الخديوي إسماعيل أهتم بهذه المدينة، فشيد بها إسطبلات خديوية، ورمم مبانيها في سنة 1867م، كما أهتم عباس حلمي الأول بإصلاح كشك محمد علي، وترميمه وطلائه وتركيب الزجاج له، وبعد وفاه محمد علي امتلكه عباس حلمي الأول، وألحق به بعض المباني، قبل أن تهدمه الدولة وتشيد في موقعه، محطة بحوث البساتين بالقناطر الخيرية.
قصر الخصوصية
ويعد قصر الخصوصية من المنشآت المهمة في القليوبية أنشأه محمد سعيد باشا ابن محمد علي باشا الكبير الذي تولي حكم مصر بعد وفاة عباس حلمي الأول ابن أخيه طوسون باشا ، وهو أهم الأمراء والباشوات الذين اهتموا بالقناطر، ولعل من أهم أعماله المعمارية هو بناء قصر النيل بمدينة القاهرة علي الشاطيء الشرقي لنهر النيل، وتشيد القلاع التي أطلقت عليها القلاع السعيدية نسبة إليه بمدينة القناطر الخيرية ، والتي وضع أساسها في 23جماد آخر سنة 1271هـ .
كان هذا القصر بداخل القلاع السعيدية حيث كان يتكون من طابقين، ويقع حاليًا بالقرب من الشاطئ الشرقي من الرياح المنوفي، حيث يقع على الطريق الواصل بين قناطر فرع دمياط، وقناطر فرع رشيد على يمين السلك من فرع دمياط إلى فرع رشيد.
«قناطر عباس» حاجة تانية
عاشت القناطر، والقليوبية عامة، في عهد عباس الأول، فترة هي الأزهى في تاريخها فأنشأ بها سرايات، وإسطبلات، وأشرف على إنشاء طريق يربط بين مدينة بنها والقاهرة، وحول مدينة بنها إلى قاعدة لمديرية القليوبية، وشيد قصرًا لنفسه بهذه المدينة.
والخديوي عباس حلمي الأول هو ابن الأمير طوسون ابن محمد علي باشا ، ولد سنة 1813م وتولى حكم مصر بعد وفاه عمه إبراهيم باشا.
كما شيد عدد من الأجانب العاملين بالقناطر الخيرية قصورًا لهم، بها، لمباشرة أعمال البناء والتجديد في مبني قناطر المياه.
"محلج محمد" خرابة وحائط للإعلانات
ورغم ما حبى به الله القناطر من جمال وآثار خلابة إلا أن يد التخريب والإهمال طالت كل شئ هناك، فتحول محلج محمد علي باشا، الذي أنشأ عام 1847م، ويعد من أقدم محالج القطن في الشرق الأوسط من تحفة معمارية إلى خرابة مهجورة، بعد سرقة معداته و كان يقوم بحلج آلاف القناطير من القطن في الثمانينات، بالإضافة إلى سرقة قضبان السكك الحديدية الخاصة بالمحلج، وانتشار إعلانات الحائط على جدران المحلج الآثري دون أدنى تحرك من وزارة الآثار، كما رصدت عدسة صوت الأمة تحول كباري القناطر إلى مراحيض عمومية، ومقالب للقمامة.
قنابل الإخوان بعد رابعة
يقول أحمد رضا أحد أصحاب الكافيهات بالمنطقة: "تفتقد مدينة القناطر إلى وجود فندق، يستطيع أى زائر أن يقضى فيه ليلته، وبالتالى البديل هو الشقق المفروشة، والذي يعرض الكثيرين للنصب، ولفت إلى تعرض كباري القناطر للإهمال، وخاصة كوبري القناطر، والذي تعرض لمحاولة تفجير بقنبلتين وضعهم الإخوان في شرفاته إبان فض رابعة، ونتج عنه تخريب في الكوبري، ولم يلتفت أحد لهذا الأمر حتى الآن، مستنكرًا عدم وجود إنارة في الكباري في ساعات الليل.
وأشارأيضا إلى أن توقف السياحة عن القناطر منذ فترة طويلة أثر على حال الأهالي، وأصبح عدد كبير منهم، يعيشيون على الكفاف، قائلًا :« العجلاتي الذي كان يمتلك المئات من "العجل" تم تكهينه لأنه لا يعمل، والذي كان يعتبر مصدر رزق له من خلال تأجيره للزوار، وسائقي الحناطير والكثير من أصحاب المهن المرتبطة بالسياحة، الركود أصاب كل شئ وخاصة بعد غلق مرجانة، والتي كان يعمل بها المئات من أهالي جزيرة الشعير".
أشجار محمد على بيوت للكلاب
وطالب بتأجير شاليهات وكافيهات مرجانة للمصريين لافتتاحها، والعمل بها لكى تدر دخلا للدولة وتساهم في تشغيل الشباب، هذه المنطقة هى دلتا مصر على الخريطة.
وفجر مفاجأة من العيار الثقيل إذ قال: "أيعقل أن تترك أشجارها النادرة العتيقة والتي تعود إلى أكثر من مائة عام، عرضة للتخريب والتقطيع، والنهب والبيع، على مرأى ومسمع الجميع، دون أن يحاسب أحد، على الثروة النباتية المهدرة، يجب على وزارة الآثار والبيئة والرى والزراعة ، حصر هذه الأشجار، وترقيمها و تسجيلها كأثر، وبذلك نمنع سرقتها وتقطيعها، فمنذ فترة حدثت مجزرة لأشجار الكافور العتيقة وشجرة المستحية، تم تقطيعها وبيعها، حيث يأتى تجار للأخشاب يبيعونها في التجمع الخامس لعلية القوم، حيث تستخدم في بناء بيوت للكلاب في الفيلل والبيوت لأن أخشابها تخرج رائحة تمنع، الحشرات من الاقتراب"، وهو سر جلب محمد على لها".
مبانى حكومية تحولت إلى اسطبل للخيول والحناطير
كما رصدت صوت الأمة انتشار التلوث في كل مكان، إذ أنه من السهل جدًا العثور على تجد مركز للتنمية، والإدارة تابع للدولة، تحول إلى إسطبل للخيول والحناطير، كما أن أكوام القمامة متواجدة على بعد أمتار من كورنيش القناطر.
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)