احلقوا لحاكم وارتدوا الملابس الغربية.. الذئاب المنفردة تفترس عواصم أوروبا مجددًا
الأربعاء، 16 أغسطس 2017 12:50 م
شهدت عدة عواصم أوروبية على مدار الأيام الماضية، هجمات ارتدادية لعناصر التنظيمات الإرهابية «الذئاب المنفردة»، ما بين عمليات دهس وطعن لتجمعات سكنية، بالأكثر في باريس ولندن.
الهجمات الإرهابية، تأتي تزامنًا مع خسائر فادحة تتلقاها التنظيمات الإرهابية في أكثر البؤر عنفًا بسوريا والعراق، حيث تفقد مناطق شاسعة من سيطرتها، ينفذها موالون للتنظيمات «الذئاب» وإما «عائدون» من بؤر الصراع.
تقرير سابق للجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة، أوضح أن المتطرفين العائدين من مناطق القتال في سوريا والعراق إلى أوروبا، يمثلون تهديدًا أمنيًا مباشرًا تجلى في عدد من التفجيرات والهجمات التي تورط فيها عدد من هؤلاء.
وبحسب التقرير الصادر في يونيو الماضي، فإن كثيرين ممن عادوا منهم إلى بلادهم، خصوصًا إلى الدول الأوروبية، يشكلون قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت، بينما تعتقد فئة من الخبراء أن بعض هؤلاء الدواعش العائدين عادوا بهدف شن هجمات إرهابية على وجه التحديد.
وقالت دراسة صادرة عن معهد «إلكانو» الملكي للأبحاث في إسبانيا، أعداد المتطرفين العائدين إلى 12 دولة أوروبية، بعضهم عاد بالفعل والبعض الآخر في طريق العودة، وذكرت أن ألف متطرف سافر فقط من فرنسا منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وانتشروا بسوريا والعراق ضمن التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها داعش.
داعش أم القاعدة
العمليات الأخيرة، أعلن تنظيم داعش والذي يتزعمه أبو بكر البغدادي، مسئوليته عن البعض منها، فيما ادّعى تنظيم القاعدة المسئولية هو الآخر، ما يظهر وجود حالة تصارع بين التنظيم على العودة للساحة الجهادية المسلحة مرة أخرى، وكسب أكبر عدد من المناصريين.
الأسبوع الماضي، دعا تنظيم القاعدة الإرهابي أنصاره في بريطانيا إلى تعطيل السكك الحديدية عبر وضع أداة على القضبان لجعل القطارات تنحرف عن مسارها، مما قد يتسبب في خسائر فادحة في الأرواح وإثارة الرعب بين المسافرين والركاب.
وبحسب صحيفة «تليجراف» البريطانية، اليوم الأربعاء، نشرت مجلة تابعة للتنظيم تصدر باللغة الإنجليزية تدعى «إنسباير»، الأسبوع الماضي، مقالًا قالت فيه إن تأمين آلاف من الكليومترات في المملكة المتحدة «مستحيل عمليًا»، وإن الهجمات ستتسبب في خسائر فادحة ودمارًا هائلًا.
وعرضت المجموعة الإرهابية كيفية صنع «أداة انحراف»، وقالت إن أي هجمات ستجبر الحكومات على فرض إجراءات أمنية على غرار المطار على المسافرين بالسكك الحديدية.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية تأخذ التهديد على محمل الجد ويعملان بشكل وثيق لمكافحته.
وقالت مصادر حكومية إنها تشعر بقلق متزايد من استغلال السكك الحديدية في هجمات إرهابية، مضيفة على لسان أحد المصادر قوله إن القوات المسلحة مستعدة لدعم الشرطة وخدمات الإسعاف فى حالة وقوع هجوم.
ويتنامى قلق في واشنطن من عودة تنظيم القاعدة إلى الواجهة مرة أخرى مع فقدان تنظيم داعش لنفوذه في الشرق الأوسط.
وأوضحت مجلة «إنسباير» أن القاعدة تريد من أنصارها مهاجمة السكك الحديدية في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، معتمدة على أن تأمين مئات الآلاف من الكيلومترات مهمة شاقة ومستحيلة عمليا.
وقالت: «لقد حان الوقت لأن نبث الخوف بينهم وندفعهم لفرض إجراءات امنية مشددة كما فعلوا في النقل الجوي».
حقيقة الانتماء
تقول مراكز بحثية، إن الحديث عن ما يسمى بـ«الذئاب المنفردة»، باتت لا تخلو عملية إرهابية يرتكبها داعشيو أوروبا والولايات المتحدة، ليتم إطلاقه سريعًا على منفذيها وفق مفهوم أوحد «الانتماء الإيديولوجي للتنظيمات التكفيرية دون البعد التنظيمي».
وتندرج استراتيجية الذئاب المنفردة، تحت ما يسمى «الجهادية السائلة»، هو تكتيك التنظيمات المتطرفة في خلق الخلايا النائمة البعيدة عن الشكوك الأمنية وتتلخص الاستراتيجية العسكرية وفقا لدعاية داعش بالتالي: «الإثخان في العدو وتشتيته عبر العمل منفردًا من غير تنظيم كبير، فالجيوش النظامية يصعب عليها مواجهة الحالات المتطرفة السائلة، لأنها تفقد قدرتها على التنبؤ والتوقع في هذه الحالة، كما تتشتت قدراتها الأمنية في متابعة كل هذه المجموعات المنفردة، وتكمن سياسة الأعمال الإرهابية المنفردة هي: «انفروا فرقة من بعد فرقة ومجموعة بعد مجموعة».
في 22 أغسطس 2015، نشرت إحدى التنظيمات المتطرفة دراسة تسمى «استراتيجية الذئب المنفرد»، لـ«أبو أنس الأندلسي»، تضمنت وصف للداعشي محمد مراح بـ«رائد عمليات الذئب المنفرد ومنفذ غزوة تولوز المجيدة».
ويقصد بالغزوة سلسلة العمليات الإرهابية، أي أن ما تشهده أوروبا في الوقت الحالي هو امتداد لسلسلة غزوات تشنها الذئاب.
أول ظهور
كان أول ظهور لاستراتيجية الذئب المنفرد الذي تبناه تنظيم (داعش)، في 2010 من قبل تنظيم القاعدة، وإنما بوصف «الجهاد الفردي» كما ظهر في أحد فصول كتاب «دعوة المقاومة الإسلامية العالمية» لـ«أبو مصعب السوري» مبتكرا فكرة اللامركزية بحيث يتحول التنظيم إلى فكرة عابرة للحدود يعتنقها ويمارس مقتضياتها من أعلن ولاءه للتنظيم ولخصها بقوله: «إن كل مسلم يجب أن يمثل جيشا من رجل واحد».
في 2014 دعا (أبو محمد العدناني) الناطق باسم تنظيم داعش، في تسجيل صوتي له، المتعاطفين مع التنظيم إلى قتل رعايا دول التحالف الدولي في أي مكان وبأي وسيلة متاحة.
وتضمنت إحدى الإصدارات المتطرفة، نصائح منظرو التنظيمات لتلك العناصر « بما يجب فعله منعا لاكتشافهم بمراعاة الاحتياطات الأمنية والحذر، منها: «احلقوا لحاكم وارتدوا الملابس الغربية، واستخدموا العطور العامة والعادية التي تحتوي على الكحول وشفروا هواتفكم».