ألمانيا الحاضنة الكبرى للإخوان.. من الإرهابي سعيد رمضان إلى إبراهيم الزيات

الثلاثاء، 15 أغسطس 2017 08:06 م
ألمانيا الحاضنة الكبرى للإخوان.. من الإرهابي سعيد رمضان إلى إبراهيم الزيات
الإخوان المسلمين
مايكل فارس

استطاعت جماعة الإخوان "الإرهابية"، توطين قياداتها في ألمانيا منذ الستينيات، ومنذ ثورة 30 يونيو 2013، التي أطاحت بنظام حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، انتقلت الجماعة من مصر إلى مختلف دول العالم، لكن قيادتها وعناصرها الفاعلة، تركزوا في عدة دول أوروبية منها بريطانيا والنمسا وألمانيا، إضافة إلى تركيا وقطر.

وكانت ألمانيا الغربية هي الدولة الوحيدة، بعد المملكة العربية السعودية، التي استقبلت كوادر جماعة الإخوان الفارين من مصر وسوريا عندًا في ثوار يوليو الذين أقاموا علاقات وثيقة مع ألمانيا الشرقية، آنذاك، وبدأ أعضاء الجماعة والمتعاطفون معهم يتوجهو بأفواج متتالية في ستينيات القرن الماضى إلى ألمانيا، وأسسوا شبكة واسعة من المساجد، والجمعيات الخيرية والمنظمات، وهو ما يفسر قوة الإخوان وانتشارهم في هذا البلد، بالنظر إلى أي مكان آخر في أوروبا، الأمر الذي دفع بجميع التنظيمات الإسلامية في البلدان الأوربية الأخرى إلى أن تحتذى بنظيراتها الألمانية ؛ لما لها من مكانة ذات أهمية كبرى في أوربا.


الأجيال الإخوانية الأولى التي توجهت لألمانيا

سعيد رمضان، سكرتير مؤسس الجماعة حسن البنا وزوج ابنته، وهو أحد الرواد الأوائل من كوادر الجماعة الذين وصلوا مبكرًا إلى ألمانيا، ورحل إلى جنيف في عام 1958 ودرس الحقوق في كولونيا، وأسس في ألمانيا «التجمع الإسلامى في ألمانيا» الذي أصبح فيما بعد واحدة من المنظمات الإسلامية الثلاث الكبرى هناك، والتي ترأسها من 1958 إلى 1968.

سعيد رمضان
سعيد رمضان

أسهم رمضان كذلك في تأسيس «رابطة العالم الإسلامي»، وعمل من خلال علاقة جيدة بالمملكة العربية السعودية، التي كانت في حالة عداء تام مع نظام عبد الناصر آنذاك، على تمويل عدد من المراكز الإسلامية في مقدمتها المركز الإسلامى في جنيف و«التجمع الإسلامى في ألمانيا» وعدد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية الكبرى، الأمر الذي يضعه في التاريخ الإخوانى بمثابة مؤسس الفرع المصرى للإخوان في ألمانيا.

 

على غالب همت

هو الذى خلف سعيد رمضان في رئاسة التجمع الإسلامى في ألمانيا، وهو رجل أعمال سورى يحمل الجنسية الإيطالية، وخلال إدارته الطويلة «للتجمع» 1973- 2002 تنقل همت بين إيطاليا والنمسا وألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة، وقد بحثت أجهزة الاستخبارات من كل دول العالم طويلًا في صلات همت بشبكات الإرهاب خاصة تنظيم القاعدة، باعتباره أحد مؤسسى بنك التقوى، الذي اعتبرته الولايات المتحدة أحد الأوعية التي مولت الإرهاب طويلا.

 

عصام العطار

اختاره الفرع المصرى للإخوان «ميونيخ» لكى تكون منطلقًا لعملياته في ألمانيا، بينما اختار الفرع السورى «آخن»، وهى مدينة ألمانية تقع قرب الحدود الهولندية، لتكون مقرًا له، وهى المدينة التي يسكنها الآن، عدد كبير من مسلمى سوريا، بينهم عائلة «العطار» الإخوانية البارزة.

عصام العطار
عصام العطار

 

كان أول من انتقل إلى «آخن» من آل العطار هو عصام العطار، الذي فرَّ من سوريا في الخمسينيات، بعد صدام مع الحكومة السورية، وسرعان ما تبعه أعضاء آخرون من الجماعة، ومع الوقت اتخذ إسلاميون من بلدان أخرى من مسجد العطار الذي أطلقوا عليه، «مسجد بلال»، في «آخن» قاعدة لعملياتهم.

 

إبراهيم الزيات

 وهو ابن لإمام مصرى يخطب في مسجد ماربورج، وأم ألمانية ومتزوج من صبيحة أربكان بنت أخت نجم الدين أربكان، وقد خلف يوسف ندا أحد أهم العقول المالية المدبرة لجماعة الإخوان في رئاسة «التجمع الإسلامى في ألمانيا». وبعد وصول إبراهيم الزيات إلى رئاسة «التجمع»، أدرك أهمية التركيز على الشباب «الجيل الثانى من المسلمين في ألمانيا».

ابراهيم الزيات
ابراهيم الزيات

 

وأطلق حملات تجنيد لهم في المنظمات الإسلامية. وتربط شرطة ميكينهايم، في تقرير لها، الزيات بـ«المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية»، وهو معهد فرنسى يُعدّ أئمة أوروبيين، وفيه يُلقى العديد من رجال الدين المتطرفين محاضراتهم، ويتهم عدد من الوكالات الاستخباراتية المعهد بنشر الكراهية الدينية.

 

منظمات الإخوان في ألمانيا

 

التجمع الإسلامى في ألمانيا، وهو نموذج كاشف للطريقة التي أحرز الإخوان المسلمون بها قوتهم، والتجمع يتعاون مع عدد كبير من التنظيمات الإسلامية في ألمانيا، واندرجت تحت مظلته مراكز إسلامية من أكثر من ثلاثين مدينة ألمانية، وتكمن القوة الحقيقية للتجمع اليوم في تنسيقه وإشرافه على عدد من المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية في ألمانيا.

 

و«التجمع» يعد من أقدم المنظمات الإخوانية في ألمانيا، أسسه سعيد رمضان 1958 ويرأسه الآن «سمير الفالح» خلفًا لإبراهيم الزيات. يقع مقره في المركز الإسلامى في ميونيخ منذ افتتاحه عام1973، والذي كان مديره مهدى عاكف المرشد العام السابق للإخوان، ويعتبر المركز مقر الفرع المصرى للإخوان، أما الفرع السورى للإخوان، فقاعدته في المركز الإسلامى في آخن، وانفصل عام 1981 عن التجمع ليحتفظ ببعض الاستقلالية، والتجمع عضو في المجلس المركزى للمسلمين في ألمانيا، وكذلك اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا، فضلًا عن أنه مرتبط بشبكة من المراكز الإسلامية في برلين، ونورينبرج، وماربورج، وفرانكفورت، وشتوتجارت، وكولن ومونستر، كما يدير التجمع العديد من المساجد والمدارس وينظم لقاء سنويًا للمسلمين الألمان، وينشر التجمع مجلة «الإسلام» بصفة دورية، والتجمع يقع تحت مراقبة هيئة حماية الدستور الألمانية، وهى هيئة شرطية منوطة بمكافحة الجريمة السياسية في ألمانيا.


العلاقة بين الحكومات الألمانية والإخوان

 

وحسب دراسة للباحث في مركز الدراسات الأمنية بسويسرا، الدكتور لورينزو فيديو، مؤلف كتاب "الإخوان المسلمون الجدد في الغرب"، فإن "اجتماع السياسيين الأوروبيين مع المنظمات المتطرفة كان من شأنه إضفاء الشرعية على تنظيم الإخوان، وتعاظم قوة تأثيرهم السياسي في المجتمع الألماني، عن طريق المؤسسات الإسلامية العديدة التي تشرف على المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية في أكثر من 30 مدينة ألمانية"، مشيرًا إلى أن "العديد من كوادر الإخوان احتل مواقع بارزة في ألمانيا، مما وطد من نفوذهم وجعل من ألمانيا قاعدة لانطلاقهم إلى أوروبا".

 

فيما يؤرخ الباحث الألماني غيدو شتاينبرغ، في كتابه "الغرب والإخوان بعد ثورات الربيع العربي" للعلاقة بين الحكومات الألمانية وجماعة الإخوان المسلمين، بقوله إنها مرت بثلاث مراحل رئيسية:

 

المرحلة الأولى: في أواخر الخمسينات وحتى عام 1979، واقتصرت فيها العلاقات الألمانية الإخوانية على الاتصالات السرية ما بين عناصر الجماعة وأجهزة الاستخبارات الألمانية.

 

المرحلة الثانية: منذ عام 1979 وحتى عام 2011، وفيها اكتسبت جماعة الإخوان اهتماماً متزايدًا من أجهزة الاستخبارات الألمانية، وزاد التعاون الإستخباراتي بصورة كبيرة بعد نشوب الثورة الإسلامية في إيران.

 

المرحلة الثالثة: مع بداية ثورات الربيع العربي، في أعقاب سقوط نظام حكم الجماعة في مصر، عام 2013، ويستفيد الكثير من المهاجرين الإخوان مما تقدمه المؤسسات الإسلامية من دعم مالي وسياسي.

وأصدر مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، تقريرًا حول أوضاع المسلمين في ألمانيا، وحظر مما وصفه "التوظيف السياسي للمؤسسات والمراكز الإسلامية من قبل تيارات الإسلام السياسي، مما يثير الكثير من المخاوف لدى المجتمع الغربي من طبيعة تلك المراكز وأهدافها وتأثيرها على الطبيعة الاجتماعية لتلك الدول".

ودعا مرصد دار الإفتاء "مسلمي ألمانيا إلى الحذر من الانسياق وراء التوظيف السياسي للمراكز الإسلامية هناك وعدم الانخداع بالدعاية المضللة التي تستخدمها الجماعات والتيارات المتطرفة وتيارات الإسلام السياسي، والتي تسعى نحو تكتيل مسلمي ألمانيا خلف مصالحها وتوظيفهم بما يحقق مصالح تلك التيارات وأهدافها الخاصة والضيقة"، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

وأشار المرصد إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة تدفع الكثير من أعضاء الجماعة إلى مغادرة الولايات المتحدة الأميركية والبحث عن بديل آمن للانتقال إليه والعمل من خلاله، حيث سعى الكثير من أعضاء الجماعة إلى الرحيل نحو كندا، وسعى البعض الآخر نحو ألمانيا مستغلين نفوذ الجماعة هناك، وامتلاكهم الجمعية الإسلامية هناك، وهي أحد أقدم المراكز الإسلامية في ألمانيا، مشيرًا إلى أن عدد أعضائها يبلغ نحو 13000 عضو.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق