«معلمة قنا».. «الحلة» تكسر كبريائها
الإثنين، 14 أغسطس 2017 04:11 م
أحد شوارع الدقي.. جلست سيدة شابة على الرصيف ترتدي ملبس بالية بهيئة يكاد القلب أن ينفطر لأجلها، ولكن عندما نظرت إليها أدركت أن وراءها شيء ما، إنها ليست مريضة أو متجولة كما يعتقد الجميع إنها سيدة سوية وما تعرضت له هو الذي جعلها كذلك.
جلست أتحدث معها، مترددة لأنني لم أكن أتوقع كيف ستجيبني لأن هيأتها تجعل من يقف أمامها يهابها ويرفض الجلوس معها ولكن سرعان ما تغير موقفي تجاهها.
عزة نفس
أثناء جلوسي معها تفاجأت بالجميع يأتي من هنا وهناك ليعطوها مال وطعام على الرغم من أنني لم ألمح شخص على الإطلاق أبدى اهتمامه بها أو أعطاها شيئاً ما قبل جلوسي معها، فما أن جلست جوارها أحدثها انهالت الناس من حولى يعطوها من أموالهم، وكأنهم كانوا ينتظرون تحركي إليها، فهل قبلت؟
بلى، رغم جوعها ولكن عزة نفسها وقناعتها منعتها أن تأخذ ما يُعطي لها من مال أو طعام إلا إذا كانت تتضور جوعاً، بل قالت، إنها فقط تحتاج الماء والشاي والسيجارة التي تعتبرها ملاذًا وهروبًا من كل ما تفكر فيه.
ذاكرة مضطربة
بدأت التحدث معها وألقيت عليها بعض الأسئلة المعتادة؛ اسمك؟ سنك؟ عنوانك؟.. ولكنها ظلت تردد كلمة واحدة «لا أدرى»، سألتها إلى أين مقصدك؟ فهتفت بأسماء شوارع ومناطق ومساجد لا علاقة لها يبعضها البعض ولكنني أدركت أنها عاقلة ولكن عقلها مشوشٌ كثيرا لما تعرضت له، وأخيرا وجدتها تقول: «مش عاوزة أي حاجة منكم ولا حتي المدرسة عاوزاكم بس تسيبوني في حالي أنا مش محتاجة حاجة من حد».
الشارع هو المأوي الوحيد
حاولت جاهدة على مدار أيام أن أعرف منها قصتها ولكنها تخاف الكلام عليٌ اعتقاد أن زوجها هو الذي أرسلني إليها لأنني كلما ألقيت عليها سؤالا تقول: «أنت اللي باعتها صح.. ماشي»، أو لأن ذاكرتها ضعيفة بالفعل ولكنها أحيانا تتحدث بكلام غير مرتب إطلاقا لم أستطع فهم ما تقوله بالضبط، ولكن فهمت بعض الأشياء القليلة ولكنها غير كافية فبدأت أبحث عن أشخاص يقيمون بنفس المنطقة ربما أعرف منهم شيئًا فتحدثت مع بواب العمارة التي تجلس أمامها سرد لي قصتها.
إنها سيدةٌ شابةٌ مُدرسة من قنا متزوجة ولديها ابنين من الممكن أن يكونا ولد وابنة حدث شجارٌ مع زوجها لا أعرف سببه أو تفاصيل عنه إلى الآن، وبعدها ضربها بحلة على رأسها أثرت على وعيها وأفقدتها بصرها، ويبدو أنه يعاملها بقسوة وأنه ليس أول شجار ومن بعدها أصبحت سيدة شارع، لا أعلم إذا كانت هي صاحبة قرار أن يكون الشارع هو المأوي الوحيد لها أم هو الذي طردها ورمي بها في الشارع، واستمر وجودها في شوارع الدقي 25 يومًا إلى الآن ولكن لم تكن الدقي أول مكان لها، بل كانت تتواجد في «الطالبية» وأماكن أخري من قبل.