«اوروبيانا.. مختصر تاريخ القرن العشرين» من حمالات الصدر وحتى نظرية المعلومات
الإثنين، 14 أغسطس 2017 09:00 ص
صدر عن دار العربي للنشر، في القاهرة، الترجمة العربية لكتاب بعنوان «اوروبينا: مختصر تاريخ القرن العشرين» للكاتب التشيكي باتريك اورشادنيك، ونقله إلى اللغة العربية المترجم الدكتور خالد البلتاجي. وهو الكتاب الحائز على جائزة كتاب العام في التشيك، وتم ترجمته إلى ما يقرب من 23 لغة.
ويصنف كتاب «اوروبينا: مختصر تاريخ القرن العشرين» على أنه رواية، لكنه غير اعتيادي، فلن تعرف ما إذا كان رواية حقاً أم كتاب في التاريخ.
يناقش الكتاب القرن العشرين من وجهة نظر الراوي الذي يتكلم كثيراً عن موضوعات متباينة وتقارير وإحصائيات، ومع ذلك فهو بلا شك عمل من خيال الكاتب الذي نجح في تحدي القارئ بطريقة لا يفعلها أي كتاب تاريخ عادي.
«اوروبيانا» ليس كتابا توجيهياً، فهو يعرض الحقائق المتناقضة المحيرة الحروب، والإيديولوجيات ثم لا يعطي الكاتب رأيه في هذه الأحداث سواء بالسلب أو الإيجاب. هو تجربة مميزة لعرض الحقائق والمعلومات بأسلوب غير اعتيادي.
ينقسم كتاب «اوروبينا: مختصر تاريخ القرن العشرين» إلى أجزاء، كل جزء يغطي بعض أحداث القرن العشرين مثل الحرب العالمية الأولى والثانية، الاختلاف بين الأديان والايدولوجيا، والتطور التكنولوجي. وهي أشياء قد تحسبها اعتيادية لكن الكاتب قدمها بطريقة طريفة وجديدة تماماً كالمقطع الأول مثلاً في الكتاب:
كان الأمريكيون على متن السفينة نورماندي عام 1944رجالًا أقوياء، بلغ متوسط طول الرجل منهم 173 سنتيمترًا. ولو أنهم اصطفوا أمام السفينة، وقسناهم من رأسهم حتى أخمص أقدامهم، لكان إجمالي طول الطابور 38 كيلومترًا. كان الألمان كذلك رجالًا أقوياء البنية. وأقواهم على الإطلاق كان القناصة السنغاليين، وذلك في الحرب العالمية الأولى. كان طول الواحد منهم 176 سنتيمترًا، لذلك وضعوهم في الصفوف الأمامية، حتى يرهبوا بهم الجنود الألمان
ويكمل الكتاب على هذا النحو، قفزات سريعة بين الأحداث، ففي الفقرة السابقة، كيف قفزنا من الحرب العالمية الثانية إلى الأولى؟. كما لا تخلو الرواية من روح الدعابة التي تسخر من التناقضات والسخافات.
ويقول المترجم الدكتور خالد البلتاجي عن كتاب «اوروبينا: مختصر تاريخ القرن العشرين»:
باتريك أورشادنيك (1957) هو أديب، ومترجم، وعالم لغة، وكاتب مقال تشيكي. هاجر إلى فرنسا في عام 1985. نال كتابة «أوربيانا.. مختصر تاريخ القرن العشرين» شهرة واسعة، وترجم إلى معظم لغات العالم. ينظر من خلاله الأديب إلى أحداث القرن العشرين بعدسة أديب، يرى من خلالها الأحداث من منظور شخصي وليس تاريخيّ. إنها نظرة إلى ما وراء الأحداث، كتبها بلغة تهكمية ساذجة. إنها محاولة مستفزة لنقل صورة عن أكثر القرون دموية في تاريخ البشرية، وما حمله من حروب، وعمليات قتل، وتيارات فكرية، واكتشافات. صدر العمل في عام 2001 وحصل في استطلاع أجرته إحدى الجرائد التشيكية واكثرها شهرة (ليدوفا نوفيني) على لقب كتاب العام.
«اوروبينا: مختصر تاريخ القرن العشرين» يُعدّ موسوعة مختصرة عن كل ما تميز به القرن العشرين «بدءًا من حمالات الصدر النسائية وحتى نظرية المعلومات». يتحدث فيه أورشادنيك عن متوسط طول الجنود الأمريكيين الذين شاركوا في جبهة الحلفاء، وعن وعدد القتلي الأمريكيين في مقاطعة نورماندي الفرنسية الذين لو اصطفت جثثهم كانت لتبلغ 38 كيلوا مترًا. إن الاحصائيات من أهم الوسائل التي يحتاجها المؤرخ، لكن علم النفس يستخدم وسائل أخرى، وهو ما حاول أورشادنيك تجنبه. لهذا السبب جاء كتابه صادمًا وجاذبًا أيضًا. كتبه بنغمة طفولية بريئة. لقد استعمل أورشادنيك من مخزونه اللغوي الثري أولى أدواته، وهى الطرافة والتهكم عندما يتحدث عن اكتشاف ورق التواليت، أو حمالات الصدر النسائية.
تبلغ قمة التهكم وهو يتحدث عن عمليات التطهير العرقي للأقلية الأرمينية في تركيا عام 1915. وبنفس لهجة التهكم يكتب أورشادنيك على أول قانون إخصاء للأقليات المهمشة الذي صدر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1907. يجوب أورشادنيك بنا وسط أمواج القرن العشرين بلهجة سهلة ومسترسلة، نكاد معها أن ننسى الكم الهائل من المعلومات في ثنايا حديثه. بنفس السهولة يطوف بنا في أرجاء الفلسفة، وعلم النفس، والعلوم الطبيعية والسياسية، وفنون الحرب، وعلم الأجناس الخ. وبعد كل تلك الأهوال والمصائب التي حلت بالبشرية يختتم أورشادنيك كتابه بالحديث عن نظرية نهاية التاريخ التي ربما نتمنى أن تحدث بعد أن نجوب معه وسط أحداث القرن العشرين.
يختتم حديثه عن نهاية التاريخ قائلًا: لكن العديد من الناس لم يعرف بهذه النظرية، وواصلوا صناعة التاريخ، وكأن شيء لم يحدث. إن باتريك أورشادنيك محق في أننا رغم ذلك نواصل الحياة، لكن بروح خيّرة ومفعمة بالأمل.
كتاب اوروبيانا مختصر تاريخ القرن العشرين
موضوعات متعلقة..
«المحبة..فنسنت»..عودة الروح لـ فان جوخ في فيلم رسوم متحركة