«صوت الأمة» ترصد بؤر الإرهاب على حدود سيناء
الإثنين، 07 أغسطس 2017 11:00 صمحمد الحر
- «جلبانة» ساحة مفتوحة للعناصر الإرهابية والتكفيرية للإقامة والحركة بين سيناء ومحافظات القناة
- مزارع شاسعة وظهير صحراوى تتركز فيه العناصر التكفيرية الهاربة من العمليات العسكرية بشمال سيناء
- مزارع شاسعة وظهير صحراوى تتركز فيه العناصر التكفيرية الهاربة من العمليات العسكرية بشمال سيناء
حادثة قتل وقعت قبل أسبوعين لمواطن من قبيلة الأرميلات، التى تسكن مناطق مدينة رفح، حال تواجده غرب قرية «جلبانة»، بوابة شمال سيناء الغربية، ازاحت الستار عن تواجد مكثف للعناصر الإرهابية والتكفيرية الفارة من الضربات الموجعة لها من الجيش بمناطق شرق العريش، خاصة الشيخ زويد ورفح.
«صوت الأمة» انتقلت إلى منطقة «جلبانة»، التى تبعد عن مدينة العريش قرابة 200 كم، وتعد البوابة الأولى لشمال سيناء من الغرب، وتتمتع بموقع جغرافى متميز ومفتوح زراعيا وصحراويا، جعلها قبلة للعناصر الإرهابية والتكفيرية، التى تتخذ منها عدة ممرات سرية للعبور من وإلى سيناء والإسماعيلية وبورسعيد والسويس والشرقية.
بعد الخروج من كمين «بالوظة» آخر نقطة أمنية حدودية لشمال سيناء، تبدأ حدود «جلبانة» أول حدود الإسماعيلية، وهى المساحة التى تم اقتطاعها من شمال سيناء لتوسعة حدود الإسماعيلية.
حسب الشيخ صالح المسعودى، أحد قيادات ومشايخ قبيلة المساعيد، فإن أصل تسمية قرية «جلبانة» يعود إلى بئر «الجلبان»، الذى كان موردا للإبل فى المنطقة، وتسكنها قبيلة المساعيد إحدى أهم وأكبر القبائل المشتركة مع قبائل الإسماعيلية وشمال سيناء، ويبلغ عددها قرابة 35 ألف نسمة.
أى شخص غريب عن المنطقة، يمكن اكتشافه بسهولة حتى لو كان من قبائل المنطقة.
وما إن وصل محرر «صوت الأمة» إلى منطقة جلبانة حتى أصبح مرصودًا من جانب عيون «الناضورجية»، الذين يجوبون المنطقة بصفة دائمة بواسطة دراجات نارية دون أى لوحات، وإبلاغ آخرين بوجود أى غريب أو وافد للمنطقة، حيث لحقت سيارة مجهولة بالمراسل بداخلها شخصين طالباه بالإفصاح عن شخصيته.
كانت بداية الانطلاق من كوبرى «جلبانة» على الترعة الرئيسية، وتعد المنطقة التى يقع بها الكوبرى ساحة للانطلاق باتجاه الممرات السرية للعناصر الإرهابية والتكفيرية شديدة الخطورة، التى تتحصن بقرية «جلبانة»، رغم وجود برجين على جانبى الكوبرى يتبعان كمينًا عسكريًا يتم تشغيله لعدة ساعات بصفة غير منتظمة.
مصدر قبلى أكد لـ «صوت الأمة» أن «جلبانة» أصبحت مأوى للتكفيريين بعد تعرضهم للحملات الأمنية بشمال شرق سيناء، وفروا باتجاه الغرب، واتخذوا منها مستقرًا، نظرًا لعدم وجود قسم شرطة بالمنطقة، مساحات شاسعة من بساتين البرتقال والزيتون يتمركزون داخلها، بالإضافة إلى اتخاذهم منطقة الظهير الصحراوى بالقرية سكنا لهم.
ويشير المصدر إلى أن العناصر التكفيرية لا يستقلون سيارات خاصة فى انتقالهم لإبعاد الشبهات عنهم، خاصة أن هناك مجموعة كبيرة من السيارات «ربع نقل ودفع رباعى»، تتوقف بجوار كوبرى جلبانة تنقلها وتكون تحت إمرتهم للتجول والدخول إلى أى منطقة، لسهولة الحركة بالنسبة لهم بتلك المنطقة، التى تعد مخبأ كبيًرا ومفتوحًا، يتنقلون منه إلى سيناء ومحافظات القناة والدلتا بصورة سهلة وآمنة.
ويقول مصدر قبلى، رفض ذكر اسمه، إنه شاهد نحو 20 تكفيريًا فى أحد المنازل بـ «جلبانة» خلال جلسة قضاء عرفى، ورفضوا المشاركة فى صلاة العشاء بعدما دعاهم الإمام للصلاة، لكونهم يكفرون أى شخص لا يتبعهم ولا يعتنق فكرهم.
مشيرا إلى أنهم لا يتناولون الطعام ولا الشراب مع المسلمين السنة ولا يشاركونهم الصلاة.
يقول المصدر إن مواطنًا من أبناء قبيلة الأرميلات برفح يدعى «أبو ركاب»، كان قد فر من قريته بعد استهدافه من العناصر التكفيرية هناك، كونه يتعاون مع الأمن، واستوطن «جلبانة» منذ 3 أشهر، إلا أن العناصر المجرمة لاحقته، ورصدت تحركاته وقتلته رميًا بالرصاص بمنطقة غرب جلبانة، وهو ما يؤكد تواجد تلك العناصر بالمنطقة بجانب تمتعهم بسهولة ويسر الحركة بجلبانة.
ورصدت «صوت الأمة»، مجموعة ورش متعددة الأغراض على جانبى الطريق الدولى المار وسط القرية بطول 5 كم، حذر منها مواطن يدعى «عياد. س» قائلا: «هذه الورش من أخطر ما يكون بجلبانة، ويعمل بها حرفيون من محافظات الوادى، فى الظاهر يعملون بميكانيكا السيارات، ولكن غالبية الورش، تعمل بمجال خراطة الحديد واللحامات، مشيرا إلى أن سيارات ربع نقل تتردد على الورش، وتنقل قطع ومواسير حديدية تتجه عبر الطريق المار بترعة المغربى إلى وسط سيناء، ما يؤكد تصنيع أجزاء تستخدم فى الأسلحة، التى تدعم بها العناصر الإرهابية بمناطق العريش والشيخ زويد ورفح».
وأشار عياد إلى أن انعدام الرقابة على تلك الورش، شجع أصحابها على العمل فى تصنيع أى أشياء ممنوعة مقابل الأموال الضخمة، التى تدفعها العناصر التكفيرية، لصيانة السيارات التى تستخدمها فى تحركاتهم بشرق العريش، ملمحا إلى أن الورش تقوم بتصفيح سيارات تستخدم كمفخخات فى مناطق شمال شرق سيناء.
ومن الطبيعى جدا أن ترى سيارات ربع نقل تقل موادا بترولية، خاصة البنزين والسولار، وأخرى تقل أسمدة زراعية وخاصة « النترات»، يتم الحصول عليها من الجمعية الزراعية بالمنطقة بدعوى استخدامها فى الزراعة، حسبما يؤكد مواطن يدعى «حسين. ع»، ويتم تهريب تلك المنتجات عبر صحراء وسط سيناء للعناصر التكفيرية لاستخدامها فى تصنيع العبوات الناسفة، ودعم سيارات تلك العناصر بالوقود، لسهولة الحصول عليه داخل جراكن من محطة الوقود الموجودة على الطريق الدولى داخل منطقة «جلبانة» بعد دفع ضعف قيمة اللتر وتعبئة مئات «الجالونات» بالبنزين والسولار، ونقلها على متن سيارات ربع نقل.
ويؤكد كبير قبيلة المساعيد بجلبانة لـ «صوت الأمة» أن الظهير الصحراوى يمثل خطرًا داهمًا على المنطقة لامتداده مساحة واسعة دون رقابة من الأجهزة الأمنية، وسبق أن داهمت حملات مشتركة من الجيش والشرطة المنطقة فى الفترات السابقة، ضبطت عناصر تكفيرية وخارجة عن القانون.
«جلبانة» أصبحت قبلة لأبناء قبائل مدينتى الشيخ زويد ورفح الفارين من العمليات الإرهابية، وقذائف التكفيريين، خاصة بمنطقة الظهير الصحراوى، ويشير «جمعة. ر» إلى أن العناصر التكفيرية تستغل وجود هؤلاء المنقولين ويتخفون وسطهم بعد فرارهم من الملاحقات الأمنية بمناطق شرق العريش.
ويعود ذلك لتمتع هذه المنطقة بالهدوء الأمنى الشديد، وبعدهم عن عيون الجهات الأمنية، ويختفون لفترات يشاركون خلالها بالعمليات الإرهابية، ثم يعودون للاختباء مرة أخرى، ما يتطلب تكثيف الحملات الأمنية.
خلال تجول محرر «صوت الأمة» بمنطقة «جلبانة» تلاحظ انتشار المحال التى تبيع المواسير الحديدية والبلاستيكية والأدوية والمبيدات، وبعض الأسمدة، تحمل أسماء إسلامية، وبعض أصحابها يطلقون اللحى، وهو ما فسره أحد أبناء المنطقة، قائلا: هذه المحال تعود لعناصر وقيادات إخوانية من محافظات الدلتا، خاصة الشرقية والغربية والبحيرة.
وأكد أنهم هربوا من محافظاتهم وآخرين انتقلوا من شمال سيناء هربًا من الملاحقة الأمنية، واشتروا أراض بمنطقة جلبانة، وأقاموا مشروعات مختلفة مرتبطة بالزراعة، من بينهم قيادى بارز فى «الإخوان»، يمتلك مساحة كبيرة من الأراضى والمحال، وسبق اعتقاله عدة مرات. وقيادى بارز آخر يعمل بمجال بيع الأدوات الزراعية والمواسير الحديدية والبلاستيكية.