أحمد عبد اللطيف في حوار حول رواية «حصن التراب»: السلطة تكتب التاريخ والذاكرة الشعبية تكشف الأكاذيب.. محاكم التفتيش الإسبانية رسخت حكمها على جثث المسلمين.. وسعيت لتجسيد مآسي الموريسكيين

السبت، 05 أغسطس 2017 07:56 م
أحمد عبد اللطيف في حوار حول رواية «حصن التراب»: السلطة تكتب التاريخ والذاكرة الشعبية تكشف الأكاذيب.. محاكم التفتيش الإسبانية رسخت حكمها على جثث المسلمين.. وسعيت لتجسيد مآسي الموريسكيين
الكاتب أحمد عبد اللطيف - رواية حصن التراب
بلال رمضان

يتناول الكاتب أحمد عبد اللطيف، في روايته «حصن التراب» الصادرة عن دار العين للنشر، في القاهرة، حكاية عائلة موريسكية، ممن بقوا في إسبانيا تحت الحكم المسيحي بعد سقوط المملكة الإسلامية وخيروا بين اعتناق المسيحية، أو ترك إسبانيا، وكيف تعرض المسلمون بعد التنصير إلى محاكم التفتيش إلى أشد أنواع العذاب، بعدما كشفت التقارير أنهم كانوا يمارسون الشعائر الإسلامية فيما بينهم سرا، ويرفضون شرب الخمر وأكل لحم الخنزير.

وفي «حصن التراب» يعتمد أحمد عبد اللطيف على مسائلة من يكتب التاريخ، ومن يستمع إلى أصوات من لا يكتب التاريخ عنهم، إذا ما آمنا بأن التاريخ يكتبه المنتصرون؟.

حول هذه الرواية كان لـ«صوت الأمة» هذا الحوار مع الكاتب أحمد عبد اللطيف.. وإلى نص الحوار:

في البداية.. لماذا كتبت عنوان رواية حصن التراب على هيئة هاشتاج؟

فكرت أن ذكر "حكاية عائلة موريسكية" على الغلاف سيحيل إلى رواية قديمة، فأردت أن ألفت إلى حداثتها، سواء حداثة النقطة التي أتناول منها المسألة أو حداثة التكنيك الذي سأستخدمه.

الهاشتاج أيضًا مرتبط باستخدام التكنولوجيا الحديثة داخل العمل، أقصد اعتمادها على لينكات لأفلام ولموسيقى. بمعنى آخر، هذه رواية عن الموريسكيين ومعاناتهم في القرون الوسطى، لكنها من منظور اليوم، وعلى ضوء القراءات الجديدة لقضيتهم.

إن كان على الراوي أن يحفظ تاريخ العائلة، فلماذا عليه أن يجعله سرًا لا يطلع عليه أحد؟

لأن هذه كانت حياة الموريسكيين. تخيل أقلية دينية تعيش تحت سلطة متعسفة فرضت عليها تغيير دينها وتضعها تحت الرقابة، ثم تلجأ لمحاكم التفتيش الطائفية لترسخ أركان حكمها على جثث المسلمين.

الحياة السرية باتت أسلوب حياة الموريسكيين وتخوفاتهم من الرقابة والعقاب أدى لخلق هامش من الحيطة تحول مع الوقت للمتن نفسه. الحفاظ على السر، إذن، في حالة البطل كان نوعا من اتباع التقاليد حتى بعد زوال أسبابها.

لاحظ أن ذلك تغير مع لقاء الأم، إذ بهذا اللقاء التفت إلى أنها صارت قضية إنسانية وليست موريسكية فحسب.

ولماذا جاء الراوي أو السارد الأساسي والمترجم للرسائل مجهول الاسم والزمن؟

إحدى منطلقات الرواية هي البحث عن الجذور. نحن أمام بطل لا يعرف هويته بعد أن تشردت عائلته في كل العالم. تجسيد هذا الضياع كان في غياب اسم البطل وزمنه، رغم أن هناك إشارات للزمن الحديث في بعض المواضع.

«الذاكرة ضد التاريخ»... ما الذي أردته من الاعتماد على هذه الفكرة؟

الذاكرة لها حدان: التاريخ والحكاية الشعبية. أظن أن السلطة هي القادرة بما تتمتع به من كتابة التاريخ، وحفظه والتأكيد عليه. في مقابلها نجد الذاكرة الشعبية كتاريخ غير رسمي. مسألة التاريخ نفسها ليست محسومة، هو في النهاية مجرد رواية واحدة من مئات الروايات، لكنها استطاعت الاستمرار لأن هناك قوة تضمن لها الحياة.

في قصة الموريسكيين تتعدد وجهات النظر، وأنت ككاتب يمكنك بحسك السليم أن تدرك أين الأكذوبة، وأن تشيد تاريخًا آخر من نثريات الحكايات الشعبية أو المخطوطات التي كتبت بعيدا عن عين السلطة.

التقديم والتأخير في زمن الرسائل المترجمة داخل حصن التراب.. لماذا؟

بنية الرواية تخالف البناء التصاعدي أو الزمن الكرونولوجي، وهو اختيار فني يؤكد على الإيهام. العثور على المخطوطات لا يجب أن يكون بترتيب كتابتها، ولا ترجمتها يجب أن تحترم هذا الترتيب.

هدفي كان كتابة رواية يثير الشكل فيها نفس التوتر الذي يثيره المضمون، كأن الشكل، في لغته وتكنيكه، العتبة الأولى للدخول لمضمون جدلي ومتوتر.

وماذا عن التشابه والاختلاف بين بداية الرواية ونهايتها موت الأب والابن.. ما الذي أردت قوله؟

أتصور أن البحث عن الجذور هاجس إنساني، وأتصور أن الموت نفسه حنين لجذور الإنسان. لكن رحلة الكشف لا يجب أن تنتهي دومًا بالوصول، ليس الوصول للقبلة النهائية، بل الوصول للحقيقة. نحن في النهاية خلاصة كل أسلافنا، ونحن أبناء هويتنا مهما دخلت علينا متغيرات. نحن ماضينا، وطفولتنا تحديدًا. ربما كنت اريد أن أقول شيئًا شبيهًا بذلك.

وإن كان الهدف من الرواية هو إعادة قراءة التاريخ.. فلماذا تدخلت الفانتازيا؟

لا أسميها فانتازيا، أحب تسميتها بالخيال. كيف يمكن قراءة التاريخ من دون خيال؟ كيف يمكن أن تملأ الثغرات؟ كيف يمكن أن تتصور حياة بشر لم يكتب التاريخ عن تفاصيلهم اليومية؟ ثم كيف يمكن أن تضمن أن من كتب التاريخ نفسه لم يخضع للخيال؟.

في اللغة الإسبانية لفظ historia يعني حكاية، ولفظ Historia يعني تاريخ. الفارق بين الكلمتين مجرد شكل الحرف الأول. ألا تعتقد أن التاريخ مجرد حكاية؟ أنا أعتقد بذلك، مجرد حكايات استمدت أصلها من الواقع، لكنها حرفته بحسب أيديولوجية المؤرخ، غير أننا مضطرون أن نقرأه كحكاية حقيقية في المرة الأولى، ونتساءل عن مدى الحقيقة فيه في المرة الثانية، وأن نعتقد أنه يضم حقائق وأكاذيب في الثالثة. وأنا كتبت رواية تاريخية، تعتمد على الحكاية بقدر ما تعتمد على التاريخ، متبعًا نفس الحيلة: الإيهام بالواقع. أثناء ذلك، كان الخيال، بوصفه القادر على فهم الواقع، يملأ الثغرات ويجسد المآسي.

إضاءة حول الكاتب أحمد عبد اللطيف

حصل أحمد عبد اللطيف على الليسانس في اللغة الإسبانية وآدابها من كلية اللغات والترجمة، وحصل على الماجستير في الأدب المقارن من جامعة أوتونوما دي مدريد بأسبانيا.

ترجم أحمد عبد اللطيف من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية ما يقرب من عشرين كتابًا، أما عن أعماله الإبداعية، فصدر له رواية «صانع المفاتيح» 2010، «عالم المندل» 2012، «كتاب النحات» 2013، وفازت المركز الأول لجائزة ساويرس لفرع الرواية لشباب الكتاب للعام 2015، كما صدرت له رواية «إلياس» 2014.

رواية حصن التراب للكاتب أحمد عبد اللطيف
 

اقرأ أيضًا..

كتب جديدة: تركيا والثورات.. التعليم المشكلة والحل.. مناخ الاستثمار مقارنة بماليزيا.. سياسات مصر الثقافية في أفريقيا.. الصراع الأمريكي الكوبي.. نجيب محفوظ ناقدا.. و16 إصدارًا خلال أيام

 

الحلقة 4 من مسلسل Game Of Thrones.. «دراكارس» كلمة السر

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق