وجع الفراق

الأحد، 06 أغسطس 2017 09:00 ص
وجع الفراق
صورة أرشيفية
داليا عيسى

لا أدرى لماذا تذكرت- وأنا أقف فى شرفة بيتى- تلك الأيام الخوالى التى كنت أقف فيها مع شقيقتى (وجارتى فى الوقت ذاته) نحتسى القهوة ونشاهد الأولاد وهم يركبون حافلات مدارسهم؟ مرت الآن عشرة أعوام منذ سافرت هى وزوجها وأبناؤها إلى إحدى بلاد الخليج سعيا وراء الرزق، ظللت أنتظر- كل هذه السنوات- أن نعود إلى عاداتنا القديمة لكنى اكتشفت أن لا شىء يعود كما كان، فقد كبر أبناؤنا وقاربوا على دخول الجامعات، ومضى العمر وتغيرت أنا، وتبدلت هى، لن أعود لأطل من شباك مطبخى لأرى إن كانت موجودة فأذهب لنتبادل حديثا سريعا قبل أن ننهمك فى حياتنا اليومية. 
 
مضى العمر بعيدا عن شقيقتى الوحيدة. فى كل مرة يعودون استقبلهم استقبال المودعين، أعلم أن الإجازة قصيرة وأن العمر يمر، فى كل عام تسافر أحس أنى حبيسة الزمن.
 
أصعب ما فى الغربة هو الإحساس بفراق الأحبة بأن الغربة فرقتنا لا أفراح تجمعنا ولا حتى أحزان. 
أصبحت الآن أكثر تحملا وقدرة على الصبر ويرعبنى أنى قد تعودت على البعد، لكن مهما تعودنا يظل فى القلب وجع الفراق. 
مغتربة أنا كأختى، فوطنك هو الذى يسكنه أهلك وأحبتك، فإذا رحلوا اغتربت فى بلادك وما أقساه اغتراب! 
من ذَا الذى اقتلع المصريين من جذورهم وأجبرهم على الرحيل؟
 
نعم للمصريين جذور، شعب سكن الوادى والدلتا لأكثر من سبعة آلاف عام لم يبرحه حتى لصحراء بلاده، مرتبطا بالأهل والأصدقاء فمن الذى ضيق الرزق بين يديه وأجبره على الرحيل لصحراء الآخر وبعثره كحبات الرمل فى بلاد الله؟
أيا كان، فبمرارة السنين وآلام الحنين لن تسامح قلوبنا المنهكة من قسوة الفراق كل من شارك فى اقتلاعنا من أرضنا وسفر محبينا لا لمتعة ولكن للشقاء، الآن ونحن على أعتاب فراق جديد لن أقول وداعا، لكن سوف أقول إلى اللقاء، ولعله لقاء قريب لا فراق بعده، فحالى كحال الشاعر عبد العزيز جويدة الذى قال: 
لن تستطيع سنين البعد تمنعنا.. إن القلوب برغم البعد تتصل 
لا القلب ينسى حبيبا كان يعشقه.. ولا النجوم عن الأفلاك تنفصل. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة