في حوار المصارحة الأخير (2).. جابر نصار لـ«صوت الأمة»: أنا صنايعي.. وجامعة القاهرة كانت تسير بثقافة «اللي يلم الفلوس يأخذ منها»

الخميس، 03 أغسطس 2017 07:55 م
في حوار المصارحة الأخير (2).. جابر نصار لـ«صوت الأمة»: أنا صنايعي.. وجامعة القاهرة كانت تسير بثقافة «اللي يلم الفلوس يأخذ منها»
الدكتور جابر نصار
ابراهيم محمد

حصيلة أخرى يخرج بها الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق، وأستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالجامعة، في حوار المصارحة الأخير الجزء الثاني، لكشف خبايا ملف الإصلاح الإداري بالجامعة، وكيف تلقى أول كشف بالمكافأة له وماذا كان رده؟، وكيف كان القانون السلاح الأول لردع الفاسدين وكواليس حل الأزمات.. فإلى نص الحوار في الجزء الثاني..

 

لو كنت رئيس جامعة القاهرة الآن .. هل كنت ستوافق على وجود أكشاك الفتوى؟

هذا السؤال يُسأل عنه رئيس جامعة القاهرة الحالي، ولكن الذي استطيع التحدث فيه هو تجربتي، وما حدث بالفترة الخاصة بي، لذا الأسئلة الافتراضية تُسأل لرئيس حالي وليس سابق، ولكن ما أؤكد عليه أننا يجب أن نقف دعمًا للرئيس الحالي لجامعة القاهرة، فأنا الآن في موضع الأستاذية في صفوف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة فلي حدود في الحديث والإجابات.

 

كيف استطاعت جامعة القاهرة أن تحارب الفساد بها؟

هذا الملف هام للغاية، كل ما حدث في الجامعة كان بسبب وجود أموال لدي، فإذا لم يكن لدي أموال فلم أكن استطيع أن أفعل شيء، هذا الملف والملفات الأخرى قائمين على نقطتين ذات أهمية كبيرة، أولهما الفكر والثانية التي لا يعرف عنها أحد شيء، ولا يتصور أنها كانت السبب في مساعدة الجامعة على النهوض وهي استقلالية الجامعة.

 

اليوم لو كنت أفكر بصورة نمطية، دون استقلال لم أكن استطيع أن أفعل أي شيء من ذلك، الدستور عندما نص على استقلال الجامعات أمر مهم، وأنا كأستاذ قانون دستوري أؤمن باستقلالية الجامعات، إنما أنا إدرك أن هذا الاستقلال أن يصنع هذا المجد يجب أن ندرك أن هذه الحقيقة.

 

في الحقيقة أيضًا، أنني لا أحب أن أطلق على هذا الملف الفساد الإداري، ولكن أطلق عليه الإصلاح  الإداري والمالي، لأنني عندما توليت أمر جامعة القاهرة وضعت خط بيني وبين ما سبق، ولم أتحدث عما سبق نهائيًا، وأن ما حدث في الماضي قبل مجيئي قُلت أنه حدث لسبب أجهزة رقابية أو نيابة أو قضايا كسب غير مشروع، لذا لا أتحدث عن السابق، ولكن أتحدث عن فترتي وما حاولت أن أفعله.

 

أما عن كيفية العمل على ملف الإصلاح الإداري، فنحن عملنا بمثل الرجل الذي كان يسير في الطريق، عندما تواجهه عقبة يزيحها، وهذا ما حدث في الملف لم نضع أي خطة لعملية الإصلاح الإداري والمالي، ففي البداية عندما بدأنا بمنطق تطفية الحرائق، ولذلك عندما وجدنا الجامعة بدون أموال قولنا السبب، أتضح أن السبب هو أنماط ممارسات مالية غير متوافقة، بدأنا في الإصلاح مثل نظام المكافآت وضبط المكافآت.

 

كان هناك أنماط للممارسة السلطة المالية فاسدة، هذه الأنماط الفاسدة موجودة من عشرات السنين، وهذه أمانة، ويمكن أن نقول أنها منذ أواسط الثمانينات، كان هناك ثقافة «ان اللي يلم الفلوس يأخذ جزء منها»، وهذه أول حالة، على سبيل المثال الموظف أمام الشباك يحصل الأموال من الطلبة ويعطيها للبنك وهناك شكاوى من الطلبة أيضًا، وعلى الرغم من ذلك الموظف يأخذ نسبة من تلك الأموال، وهذا فساد، لأنه يعمل وله راتبه فلماذا يأخذ أموال ليست من حقه، وده ما تم منعه، وكل ما يحدث منع كان هناك ما يخرج ويقول أنه قرار مجلس جامعة سنة 1980، وبالعودة إلى القرارات لا نجدها، والكارثة الكبرى أن ما يحصله هؤلاء الموظفين تأتي بنسبة 25%، فما بالك في إدارات أخرى كبرى.

 

أما عن المكافآت، كان هناك نمط بإعطاء المكافآت للجميع، فإذا كانت هناك مكافأة للعمال نظير أمر ما، تجد أن المكافأت تبدأ من رئيس الجامعة وصولًا لهم، وكان هذا غير طبيعي.

 

وكانت أول مكافأة تعرض علي مكافأة الإدارة الهندسية، وكانت المشكلة كيف أجد لها الأموال، وكانت تبلغ حينها قرابة مليون و400 ألف جنيه، ومن ثم أخذت الأوراق الخاصة بها إلى المنزل للإطلاع الجيد عليها، وجدت كل مكافأة الشئون الهندسية 180 ألف جنيه، وباقي المليون و400 جنيه مكافأت إدارات ثانية، وبالسؤال إذا كانت المكافأة خاصة بالشئون الهندسية فما دخل باقي الإدارات؟، ومن ثم تم تغيير القواعد المتبعة وكانت النتيجة أنه تم توفير أموال طائلة.


أول مكافأة تم عرضها على الدكتور جابر نصار ذاته.. كيف كانت؟

في ظل الأزمات التي كنت أعيش بها وخاصة التعليم المفتوح، الذي كانت ميزانيته 3 مليون دولار فقط، و«مكنش فيه ولا جنيه»، وكان مطلوب مني أن أحول مليون دولار لإعطاء الأساتذة رواتبهم، وغيرها من المشكلات.

 

كان أول مكافأة عرضت علي عند بدء تسجيل التعليم المفتوح، ولم يكن لدي أموال وكنت في أزمة حقيقية، وأريد أن أوضح فيما بعد لماذا كانت الجامعة مديونة، ولماذا في العام الأول لدي، على الرغم من أن الجامعة لم تكن مديونة من قبل وهذه حقيقة هامة.

 

نعود للمكافأة، وجدت أن هناك كشف عُرض علي به منصب رئيس الجامعة، وله مكافأة بعد تسجيل التعليم المفتوح، وبالسؤال ماذا يحدث، وجدت الإجابة إن اللائحة تنص على أن رئيس الجامعة له 3 جنيهات على كل طالب يسجل بالتعليم المفتوح، وكان عدد الطلاب المسجلين بالتعليم المفتوح 90 ألف طالب، وهم يسجلون 4 مرات في العام، بالإضافة إلى المطالبة مكافأتين أولهما فائض ميزانية، والثانية مكافأة التسجيل، وكانت الإجابة لهم من قبلي: «هو رئيس الجامعة عمل ايه في التسجيل».

 

المشكلة لم تكن تلك فقط في ذلك، بل كان نصيب نائب رئيس الجامعة 2 جنيه على كل طالب، وعميد الكلية بالتعليم المفتوح جنيه ونصف، مقابل كل طالب يسجل بكليته، وغيرها من البنود، ونجد أنه على سبيل المثال يتم تحصيل 40 مليون جنيه، من التعليم المفتوح، يتم توزيعهم مكافأت ولا نجد الأموال مرة أخرى، ومن ثم قرار بمنع مثل تلك المكافأت، وكان نتاج ذلك فائض 22 مليون جنيه من التسجيل الأول فقط، وكان هذا المبلغ في ذلك الوقت هائل.

 

وليس هذا فقط مثال هناك أمثلة عديدة مثل شوارع مستشفى قصر العيني، التي وجدتها غير مؤهلة للسير بها، وبالسؤال عن سبب ذلك وجدت أن المقاول ترك العمل منذ شهر يناير قبل قدومي في أغسطس، وبسؤال عميد الكلية عن السبب كانت الإجابة أن العمال لهم مليون و700 ألف جنيه مستحقات.

 

كلية التربية النوعية وجدت خط صرف صحي مفتوح ولا يوجد به مواسير، ومياه الصرف تسير في هذا الخط، ولحل تلك المشكلة تم وضع خشب للتعدية، والسبب المقاول ترك العمل لأن له أموال 120 ألف جنيه، وغيرها من الأمثلة.

 

وجدنا أيضًا مكافأة فائض الميزانية وهذه أفة من آفات المال العام، وجدت أن الجامعة في العام الجامعي 2012-2013 حققت 48 مليون جنيه فائض، وبالسؤال أين تلك الأموال، الإجابة كانت أن الجامعة صرفتهم، وأن الموظفين هم الذين حققوا ذلك، وكان ردي على ذلك: «بما أن الفائض على الورق فإذا المكافأة على الورق».

 

كل هذا وكانت الجامعة محاصرة من الإخوان، وكنا في العشر الأيام الأولى من تلك المحاصرة، كما أن مكافأة فائض الميزانية 10%، موزعة كالتالي: 5% لرئيس الجامعة ونوابه والأمين العام، و5% للموظفين، والورق موجود، والحقيقة أن الموظفين رافعين قضية ضدتي بمجلس الدولة بسبب عدم إعطائهم مكافأة الفائض.

 

وكان ردي كيف أعطي مكافأة والفائض ليس موجود بالأساس، وأن هذا الفائض فائض ميزانية وليس موارد ذاتية.


كم عدد القضايا التي تقدمت بها للنيابة؟

كثير في الحقيقة، المهم أننا فعلنا عملية الإصلاح بهذا الشكل، تم توفير الأموال للجامعة، الحقيقة أنهم يريدون إلغاء قرار رئيس الجامعة، بعدم صرف فائض بميزانية الجامعة، هذه قضية إدارية ليس بها حبس.

 

أما مسألة حصر عدد القضايا لم تكن في ذهني، حيث أننا عندما تواجهنا قضية يتم يتحويلها، أنا رجل قانون والنيابة لديها سلطة الحفظ، فعندما يكون الإداري فاهمًا للقانون فيمكنه أن يتأسى بتلك السلطة، مثل هناك موظف يجمع بين وظيفتين وبالعودة للحسابات نجد أنه عليه 700 ألف جنيه، يتم العرض عليه بدفع ما عليه دفع كان بها وتتم المصالحة، وإذا لم يكن يحول الأمر للنيابة والتحقيق.

 

ماذا عن كواليس قرار حظر النقاب؟

كنت مقرر عام في لجنة الخمسين، وفي ذلك الوقت كان الدكتور يونس مخيون، يأتي إلى التأسيسة بلجنة الخمسين، لإبداء رأيه إذا وجد خلاف مع السلفيين في شأن ما، وكان لهم مؤسس في التأسيسية كحزب النور، فكان لي معرفة بالدكتور يونس مخيون منذ ذلك الوقت.

 

نحن درسنا قرار إلغاء التدريس بالنقاب، لم يخالف القانون ولا الدستور، ولا يعتبر اعتداء على الحريات وراهن الجميع على إلغائه قضائيًا، ولم يلغى؛ لأن إدارات كثيرة في جامعات أو مؤسسات اقتربت من تلك القضية وخسرت قضائيًا، وكنت حريص دائمًا على ألا أخسر قضائيًا لأني "صنايعي"، وكان القرار لعلة.

 

وبعد نشره وجدت في اليوم التالي رسالة على هاتفي الدكتور يونس مخيون، يعاتبني على هذا القرار، ومن ثم تم الحديث المتبادل وقلت له من الممكن الحديث بالحجة قالي اتفضل، فقلت:  «النقاب واجب أم فرض أم مباح»، فقال: «مباح»، فقلت له: «أصل من أصول الدين والفقه أن يستطيع ولي الأمر تقييد المباح»، وعلى سبيل المثال في بعض دول الخليج الذي تزوج من مواطنة يعطوه تسهيلات، وإذا تزوج إمراة من دولة أخرى بيتم منعه من التسهيلات، وهذا تقييد المباح لأنه منع المواطن من حق أن يتزوج من أراد، وكان رده: «نعم ولكن الظروف السياسية ووضع البلد لا تسمح بهذا»، قلت: «مشكلتي الأساسية أن داخل الجامعة عملية تعليمية،هل ترتضي أن ترسل لى ابنك أو ابنتك لتعلم لغة الإنجليزية أو الإيطالية أو العربية ويصح تعليمها على يد منتقبة»، فقال: «لا يجوز»، وردي: «هذا ما أردته»، وقال لي: «بس كده.. طيب بين في القرار هذا»، فكان ردي: «باين وواضح.. كتبت هذا لاعتبارات العملية التعليمية».

 

وكان هناك مداخلة على أحد القنوات التليفزيونية مع عبد المنعم الشحات قال: «إنه إذا تعلق القرار بالعملية التعليمية فنحن موافقون»، وفي ذلك الوقت وقع السلفيون مع الإخوان وشنوا حربا متبادلة عم أسموه بـ«نقاب الشفايف».

 

  ماذا عن تفاصيل إحالة أعضاء هيئة التدريس من الفريق الرئاسي للرئيس المعزول محمد مرسى إلى التحقيق؟

وضع الدكتورة باكينام الشرقاوي كان سليمًا من الناحية القانونية، فهي لم تجمع بين وظيفتين ولم تتقاضى راتبين من الجامعة والرئاسة، وكانت معارة رسميًا من الجامعة لرئاسة الجمهورية، ولكن ما اتهمت به هو التحريض على العنف داخل الجامعة فقط.

 

وتمت إحالة كل من خالف لمجلس تأديب، وإذا تم تحويل أحدهم لمجلس التأديب فلا يوجد لرئيس الجامعة سلطة في ذلك، ونحن لم يكن بيننا وبين أحد ممن خالفوا القانون في جامعة القاهرة أي توازنات إخوان أو غير إخوان، نحن طبقنا القانون على الجميع، وتم تطبيقه على حسن الشافعي، يوم اهتزت البلد جميعها لحسن الشافعي، الذى لم يقترب منه أحد غير جامعة القاهرة وهو لازال كما هو رئيس لمجمع اللغة العربية، وتم تطبيق نفس القاعدة على أكثر من 200 أستاذ، واستعادت الجامعة أكثر من 200 مليون جنيه ولو أن حسن الشافعي أعاد الأموال لكنا تصالحنا معه.

 

موضوعات متعلقة:

عمرو موسى: جابر نصار يستحق التحية وهو يغادر منصبه برغبته

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة