سيارة بيزاريني.. «الأسطورة الحية»

الأربعاء، 02 أغسطس 2017 12:00 م
سيارة بيزاريني.. «الأسطورة الحية»
سيارة بيزاريني
شريف على

يعد الإيطالي جوتو بيزاريني أسطورة في عالم السيارات ذات الأداء العالي خاصة في أوروبا حيث عمل كسائق اختبارات ومهندس و صاحب شركة لإنتاج السيارات وكان القوة الدافعة وراء الكثير من الموديلات الرائعة التي لن ينساها التاريخ و منها فيراري 250 GTO وتيستا روزا أيزو ريفولتا GT و أيزو جريفو و AMX3 وهو أيضا مصمم محرك V12 الذي استخدمته لامبورجيني في موديل 350 GTV والعشرات من النماذج التجريبية التي تحمل إسمه وأهمها كومبيتيتسيوني P538 ودوكا دا أوستا وجي تي سترادا 5300.

ولد بيزاريني لعائلة إيطالية ثرية من ملاك الأراضي في منطقة كويركيانيللا أشتهرت بأنها تنجب الكثير من المهندسين. وأستمر هذا التقليد خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية عندما أرسل جوتو الشاب إلى جامعة بيسا، وهناك كان مشروعة الأساسي هو إعادة تصميم سيارة مستعملة من موديل فيات توبولينو القديم. ونجح الشاب في إعادة تصميم المحرك وتغيير موضعه لتحقيق أفضل تناسب للوزن بين المقدمة والمؤخرة. وبالفعل تخرج بيزاريني من الجامعة كمهندس ميكانيكي عام 1953.

أتجه الشاب حديث التخرج للعمل في ألفا روميو، وهناك أراد الإلتحاق بقسم المحركات ولكن بدلا من ذلك تم إلحاقه بقسم تطوير الشاسيهات قبل أن ينتقل إلى قسم التجارب. كان بيزاريني يرغب في القيام بإختبارات القيادة بنفسه ليعرف التأثير الذي تحدثه التعديلات على التصميم. وبالفعل إتصل بسائقي السباقات وإختبارات القيادة داخل الشركة من أمثال جوفانباتيستا جويدوتي و كونسالفو سانيسي الذي شارك ضمن فريق الشركة في سباقات الفورميلا-1 عامي 1950-1951. وعلمه هؤلاء مع أوراتسيو ساتا كبير مهندسي ألفا روميو في تلك الفترة ما يحتاجه كي يحقق طموحاته في هذا المجال. وسرعان ما صار بيزاريني سائق اختبارات يتمتع بخلفية في الهندسة الميكانيكية ساعدته على معرفة السبب وراء الأعطال وإختراع الحلول للتغلب على ذلك.

في عام 1957 تلقى بيزاريني مكالمة هاتفية من أحد أبناء عمومته و كان صديقا لكبير مهندسي فيراري و أخبره أن أحد سائقي الإختبارات لدى فيراري توفي وأنهم في حاجة لمن يحل محله وكان شرط الشركة أن يكون البديل مهندسا و هو ما إنطبق على بيزاريني الذي لم يتردد في قبول العرض. وخلال فترة زمنية قصيرة منحه إنزو فيراري حرية تامة في تعديل أي شئ في سيارات فيراري المشاركة في سباقات الفورميلا-1.

بحلول عام 1960 صار بزاريني رئيس قسم التجارب و التطوير و الرياضة في فيراري و بمساعدة صديقه كارلو كيتي الذي تمكن بيزاريني من إقناعه بترك ألفا رميو تم تطوير محرك 12 سلندر إستخدم في موديلي تيستا روزا و 250 SWB  حيث ؤأى أن موديل 250 كان بدائي بعض الشئ و لهذا قام بتطويهو فعل نفس الشئ في موديلي 250 سبايدر كاليفورنيا و GT 250 و لكن لم تظهر عبقريته بشكل أفضل كما ظهرت في موديل 250 GTO. فبعد هزيمة فيراري في سباق لومان عام 1961، أوكل إنزو فيراري لبيزاريني في سرية تامة مهمة ـطوير سيارة جديدة سمكنها منافسة موديل جاجوار E تايب. ولهذا إختار ثلاثة مهندسين من خارج الدائرة المعروفة بفيراري لمساعدته و قام بتعديلات كبيرة على الموديل المزود بقاعدة عجلات قصيرة وخفض مركز الثل في السيارة كما قام بتغيير موضع المحرك إلى ما وراء المحور الأمامي أما الشكل الخارجي الرائع فلم يكن معتمدا سوى على الغريزة و العين لأنه في تلك الفترة لم يكن لتصميمات الكمبيوتر أي وجود. كان إنزو فيراري يتابع خطوات العمل بشكل شبه يومي حتى تم الإنتهاء من المشروع الذي أفرز سيارة قبيحة لكون بيزاريني مهندسا و ليس مصمما و لبشاعة شكل السيارة أطلق عليها داخل الشركة اسم "الوحش" بالأيطالية. في سبتمبر عام 1961 كانت السيارة الجديدة جاهزة للتجارب على جلبة مونزا و كانت التجربة ناجحة حيث كانت تلك السيارة اسرع من الموديل القديم بعدة ثواني.

و لكن لم تستمر الأحوال كثيرا كما كانت، حيث وقع بيزاريني فريسة لعصبية إنزو فرياري و مزاجه المتقلب. فعندما قام فيراري بطرد جارديني من الشركة، توجه كيتي مع بيزاريني و مهندسين أخرين لإقناعه بالعدول عن قراره و لكن تطور الأمر إلى فصل المجموعة كاملة و وجد بيزاريني نفسه بلا عمل. كان الفصل من فيراري صدمة قوية لبيزاريني الذي قال أن فيراري كان بمثابة والده الثاني كما أن القرار جاء بينما كان بيزاريني يضع اللمسات النهائية على موديل 250 GTO.

قام مهندس الشركة الشاب فورجيري بمساعدة سكالييتي صديق إنزو فيراري بإتمام العمل و كانت النتيجة أسطورية حيث تمكنت السيارة من تحقيق إنتصار رائع في سباق سيبرنج 12 ساعة عندما جاءت في المركز الثاني  ضمن السيارات المشاركة و الأول ضمن فئتها. و بتلك السيارة فازت فيراري ببطولة العلم لثلاثة أعوام متتالية.

نجح الفريق المطرود من فيراري وعلى رأسهم بيزاريني في العثور على مستثمرين وأسسوا معا شركة ATS وكان هدفهم هو الثأر من فيراري في مجال إنتاج السيارات العادية وعلى حلبات السباق. ولكن إختلف الشركاء فبينما أراد كيتي محرك V8 أصر بيزاريني على تزويد السيارة بمحرك V12 ونشب نزاع بين المعسكرين أسفر عنه نهاية الشركة بشكل سريع. إلتحق بيزاريني بعدها بشركة ASA الأيطالية لفترة وجيزة قبل الإنضمام لشركة لامبورجيني و كانت حينها تطور محركا سعة 3،5 لتر بقوة 350 حصانا و أمكن لبيزاريني إنجاز تلك المهمة التي تعد أحد أعماله التي لا تنسى.

سرعان ما أتجه بيزاريني وجهة أخرى بعد إتصاله برينزو ريفولتا وهو رجل صناعة أيطالي كون ثروة من بيع السكوتر والدراجات النارية في ميلانو حيث تعاون بيزاريني مع كبير مهندسي ريفولتا. وأفرز هذا التعاون عن موديل ريفولتا GT 2+2 و كان مجهزا بهيكل من تصميم بيرتوني الأيطالي و محرك كورفيت V8. و كانت السيارة الثانية له مع ريفولتا هي "أيزو جريفو" والتي حفرت إسم بيزاريني خالدا في عالم السيارات الرياضية الفارهة. وكانت المشكلة مع ريفولتا تتمثل في إهتمام بيزاريني بسيارات السباق بينما إنصب إهتمام ريفولتا على السيارات الرياضية العادية أي بالإنتاج والربح وهو ما أدى إلى عقد كبير مع أحد تجار السيارات في الولايات المتحدة. تسبب هذا الخلاف في إستغناء ريفولتا عن بيزاريني بمجرد إنتهاء عقده. بعدها فكر بيزاريني في العمل لحسابه الشخصي وسرعان ما بدأ في تطوير موديل جريفو A3/C في مصنعه الصغير بمدينة ليفورنو الأيطالية وساعد جوجارو جورجيتو كبير مصممي بيرتوني حينها في وضع اللمسات النهائية على شكل الموديل. تم الإنتهاء من تلك السيارة مع بدء معرض تورينو للسيارات عام 1963 والطريف أن الوقت كان ضيقا حتى أن بيزاريني لم يتمكن من طلاء هيكل السيارة المصنوع من الألومنيوم فعرضها للصحافة والجمهور بهيكلها اللامع دون طلاء وكانت تلك السيارة محط أنظار الصحافة والعامة على حد سواء.

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة