في حضرة الأمل
الثلاثاء، 18 يوليو 2017 04:57 م
اقتبست هذا العنوان من تعليق على صورة تجمع بين شابين مع البطل الصغير حمزة يرتدي بذلته العسكرية ويقسم على الثأر لوالدة الشهيد أحمد منسي.
حمزة كما عشرات من أبناء شهدائنا مشروع بطل يولد في رحم المعركة يقول فيهم الشاعر محمود درويش «في المعركة يولد الصغار كبارا فكيف الكبار»، لكن هذا المشروع معرض للأسف للإجهاض والنسيان وتجاوزه مع الوقت، فكما احتلت بطولة الشهيد أحمد منسي واجهات الصحف والأخبار، يفتر بعد حين هذا التعاطف وقد يصل الأمر مع الوقت إلى اعتبار أخبار المعارك ضد الإرهابيين معادة أو مكررة.
لعل أحد الأسباب التي أدت إلى ذلك اقتصار الأخبار والمواجهة مع الاٍرهاب على الأجهزة الأمنية والعسكرية.
والتخلية بين الشعب وبقية مؤسسات الدولة - واعني بها الوزارت والهيئات والأحزاب والنقابات والجامعات والجمعيات وغيرها- من الاشتراك والمشاركة الحقيقية في معركة مصيرية تهم الشعب بكل طبقاته وكأن الدولة في مواجهة الاٍرهاب هي من تحارب على الجبهة فقط في تخلي فاضح عن الجبهة الداخلية التي لا تقل أهمية في حصار الأفكار المتطرفة ومحاصرتها كما الثقافة والتعليم والشباب والفن والرياضة وغيرها من المجالات.
إخراج الشعب من المعادلة وتجاوزه في مجابهة الأفكار المسمومة للإرهاب سوف يؤدي حتمًا إلى الفتور والانصراف عن الشأن العام إلى الخاص والتعاطي مع الأحداث عن طريق البيانات العسكرية المقتضبة التي تصدر كل حين، وتسرب حالة من اليأس والإحباط في نفوس من تستيقظون على حوادث إرهابية دون أن يدروا سببا لاستمرارها، بسبب قلة ما يتاح من معلومات وبيانات أو الاكتفاء بدور المتفرج.
إن معركة الاٍرهاب هي معركة الشعب بأسرة بكل طوائفة ومؤسساته، ومن الخطر عدم إشراك الجميع في استراتيجية شاملة لمواجهة التطرّف يجري تطبيقها على كل المحاور بدءًا من المجتمع المدني إلى الوزارات والهيئات، قد يستطيع الجندي أن يقتل إرهابيا لكنه لن يستطيع أن يقضي على التطرّف، قد يأسر تكفيريًا لكنة لن يستطيع أن يمنع الأفكار الإرهابية أن تنتشر في نفوس الشباب المحبط والبائس، إن مواجهة التطرّف والأفكار المغشوشة للدين يبدأ من الأسرة إلى المدرسة مرورًا بمركز الشباب وقوفًا على دور العبادة والجامعات وهذا لُب عمل المجتمع المدني الذي يمنح المعركة مع الإرهاب بُعد جماهيري وتنويري يمثل القوة الناعمة لأي مجتمع ولن تفلح المواجهات الأمنية وحدها مطلقًا في كسب معركة يتوالد أذنابها في الأزقة والحواري، يعتنقون أفكارهم في زوايا وبيوت غابت وتخلت عنها شمس الدولة من زمن بعيد.
إن واحدة من أولويات المرحلة الحالية التي نواجه فيها إرهاب أسود مدعوم من الداخل والخارج أن نعيد الاعتبار لقدرة هذا الشعب على الانتصار فما كان لثورة 30 يونيو أن تنجح لولا أن هذا الشعب قد استشعر خطر اختطاف الدولة وتغيير هويتها وهو ما نحتاج إليه اليوم.
إن استحضار صورة البطل الصغير حمزة المنسي، في عيون زملائه الأطفال وتقديم نماذج أبطال كٌثَْر قدموا أرواحهم الطاهرة فداءً للوطن في مواجهات مع الاٍرهاب الأسود بداية لمواجهة شعبية وفق رؤية شاملة نتشارك جميعًا في صياغتها وتنفيذها، نحن في حاجة إلى اصطفاف شعبي ينتصر على الاٍرهاب ويبعث الأمل من جديد.