«سياحة الدهبيات النيلية».. سحر الطبيعة بين الأقصر وأسوان (صور)
الأربعاء، 12 يوليو 2017 04:35 م
ما إن تضع قدميك داخلها فتشعر بنسمات الهواء الصافية للتواجد في قلب نهر النيل، وتسمع دغدغة المياة بجسد المركب الذي تستقله وهو يتحرك جنوبا أو شمالا، وتشعر أنك دخلت في اللازمان واللامكان، في رحلة السحر ومشاهدة الجبال التي أرساها الله بعظمته على جانبي شريان الحياة، ثم تنتقل للزراعات الرائعة التي بدأ التاريخ بزراعة الاجداد القدماء المصريين لها علي ضفت نهر النيل، ثم توارثها الأجيال من بعدهم للإستفادة من الخير الأعظم لمصر والمصريين، تلك سياحة الدهبية النيلة أو الفنادق العائمة التي كانت في الماضي تسير بأعداد كبيرة للغاية بين ساحرتي الجنوب الأقصر وأسوان.
ولكن مع مرور الزمن ودخول السياحة لنفق ضعف الإقبال والهجمة السياسية الدولية علي مصر ورفض بعض الدول قدوم رعاياها لمصر بلد الأمن والآمان، إنخفضت تدريجيا تلك الرحلات الساحرة ووصلت لأعداد بسيطة للغاية بالكاد تصل من 30 لـ50 مركب فقط بعد أن كانت تعمل في وهج السياحة قبيل عام 2010 حوالي 250 مركب ودهبية نيلية بين الأقصر وأسوان.
وفي هذا الصدد يقول الطيب عبد الله حسن المرشد السياحي صاحب الرحلات المميزة بالسائحين من مختلف بلدان العالم، إن الله حبي وأهدي مصر بنهر النيل العظيم «إترعا» في الفرعونية القديمة، ولذلك استغلت الشركات السياحية تلك الرحلات النيلية المميزة التي تسحر السائحين بمشاهدة الجزر النيلية والسلاسل الجبلية والزراعات علي صفتي نهر النيل بمياهه الزرقاء اللامعة مع أشعة الشمس، فهو من أروع المناظر الطبيعية الساحرة التي يلهث خلفها السياح من مختلف دول العالم للإستمتاع بها.
ويضيف الطيب عبد الله أنه مع دخول شهر أكتوبر حتى نهاية شهر أبريل، كانت تلك الفترة من العام بالأقصر تشهد إقبال كثيف علي ركوب الذهبيات النيلية التي كانت جميعها تمتلئ عن آخرها بالسائحين من الداخل والخارج، فيقبل عليها المصريين من العاصمة ومختلف المحافظات لقضاء عطلة نهاية العام الدراسي برفقة أبناؤهم، وكذلك يقبل المصريين مع الاجانب لقضاء احتفالات الكريسماس وشم النسيم، ولكن مع مرور الزمن قل الإقبال علي الدهبيات والحجوزات إنخفضت للغاية بسبب قلة توافد السياح علي مصر بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية.
ويقول الحاج محمد عثمان الخبير السياحي، إنه مع تكرار الأزمات السياحية في مصر، تعرضت أعداد كبيرة من الدهبيات النيلية للخروج من الخدمة وتسريح عمالها والموظفين والويترات والخدمة والمطاعم، مما تسبب في ضرر كبير بالعاملين بهذا الجانب من القطاع السياحي، ولكن خلال العام الماضي والمقبل إرتفعت أعداد الحجوزات مجدداً علي المراكب النيلية والدهبيات، في صورة مبشرة بغد أفضل للعاملين بالسياحة.
ويضيف الخبير السياحي وعضو لجنة التسويق السياحي، ان كل مركب كان يعمل فيها مالا يقل عن 15 عامل، منهم من يعمل بالقاطرة وآخرون يساعدون السائحين المصريين والأجانب في الحصول علي أجواء من الهدوء والراحة خلال إقامتهم بالدهبية، وآخرون يقومون عمال للمغسلة يعطرون ملابس النزلاء، وعمال الغرف الذين يحددونها بالأسماء وليست الأرقام، ومع توقف حوالي 200 مركب نيلي عن العمل وخروج عدد كبير منها من الخدمة، تضرر أكثر من 3000 عامل وموظف وتركوا أعمالهم خلال السنوات الخمسة الماضية.
ويقول الشاب بدوي عبد النبي إبن مدينة الأقصر، أن كان يعمل في السابق بمركب نيلي لمدة 7 سنوات قبل الثورة، وكان خلال الشهر الواحد لا يقل أجرة عن 4 آلاف جنية، بخلاف الإكراميات والتيبس من الأجانب الذين كانوا يتوافدون بالآلاف يومياً علي محافظة الأقصر، لركوب الدهبيات والتوجه لمحافظة أسوان عبر نهر النيل، ولكن مع تغير الزمن والإضطرابات السياسية في مصر خلال الفترة الاخيرة، توقف العمل في المركب الذي كان يعمل به، وترك العمل نهائياً.
ويضيف بدوي عبد النبي أنه متزوج ولديه 3 أطفال ويجب عليه ألا يقصر في مأكلهم وملبسهم يوميا، فإضطر للعمل في إحدي المقاهي بالأقصر لتعويض خسائر السياحة، ويتقاضي 900 جنيه في الشهر بالكاد يدفع منها الإيجار للمنزل ثم مصاريف الأكل، وعبر أن يشعر بالحسرة الكبيرة علي ضياع عملة بالمراكب النيلية بعد الأزمات الاخيرة بمصر، مناشداً السياحة بضرورة إدراج المراكب في أي رحلة أو مجموعة سياحية تصل للأقصر من جديد لعودتهم لاعمالهم ولو بصورة أقل من الماضي.
أما أشرف فرج، الخبير السياحى، فيقول إن أعداد الفنادق النيلية العائمة التى كانت تعمل ما بين الأقصر وأسوان بلغت 255 فندقاً عائماً، يعمل منها حالياً فقط ما بين 18 إلى 40 فندقاً، نظراً لتأثر الحركة السياحية بالأوضاع السياسية التى مرت على مصر منذ عام 2011 ، لافتاً إلى أن أعداد الفنادق العائمة تزداد فى العمل خلال فترة إجازة نصف العام والموسم السياحى الشتوى.
وأشار الخبير السياحى، إلى أن أكثر الجنسيات الأجنبية المقبلة على الرحلات النيلية ما بين أسوان والأقصر هم الألمان والإنجليز واليابانيون والصينيون نظرا لارتباط هذه الجنسيات بالسياحة الثقافية الموجودة فى صعيد مصر من معابد وحضارة فرعونية قديمة.
وأكد أشرف فرج، أن هناك مشاكل تواجه السياحة النيلية ويناشد المسئولين لحلها، ومنها أن العيوب الفنية للرحلات النيلية تزداد خلال فترة الشتاء وتحديداً من شهر نوفمبر وحتى فبراير، بسبب نقص منسوب المياه فى نهر النيل، مما يؤدى إلى تكرار وقائع شحوط البواخر على بر النيل.
واستكمل الخبير السياحى الحديث عن مشاكل الرحلات النيلية قائلا: منذ تدهور الوضع السياحى بعد عام 2011 ، والسياحة لم تتعافى بشكلها الكامل حتى اليوم، مما تسبب فى ارتفاع المديونات والالتزامات لدى العاملين فى السياحة أدت فى النهاية إلى عزوف عدد كبير من العاملين فى القطاع إلى ترك المجال والعمل فى المجالات الأخرى، ومع ذلك يعانى العاملون حالياً من إلزام الحكومة لهم بسداد أقساط ورسوم بشكل كامل دون مراعاة الوضع الحالى للركود السياحي.
واستطرد أشرف فرج: أصحاب البواخر النيلية يتحملون آلاف الجنيهات الإضافية، مقابل توفير 15 طن سولار شهريا لتشغيل البواخر النيلية، بجانب رفع أسعار السفر من تذاكر طيران وقطارات على المصريين الذين يعدون بمثابة انفراجة سياحية داخلية تعوض العاملين فى القطاع السياحى عن السياحة الأجنبية، مناشدا الحكومة بالوقوف بجانب القطاع السياحى ومساندة كافة الجهود لعودة التدفق السياحى للنسب الأولى قبل عام 2011 ، مشيرا إلى أن ما ينفقه السائحون من عملة أجنبية أثناء زيارتهم لمصر قادراً على حل مشكلة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى.
اقرا ايضا
«لحظات حرجة» تعيشها اﻷسر المصرية قبيل إعلان نتيجة الثانوية العامة