كرم مراد.. صوت يخطفك من عالمك
الأحد، 09 يوليو 2017 09:00 صوليد كامل
بمناسبة اليوم العالمى للنوبة أتذكر كرم مراد الصوت المصرى النوبى الأصيل، صوت يخطفك من عالمك، ليأسرك فى عالمه، صوت عبارة عن خلطة سحرية تشاركك أفراحك بقدر ما تشاطرك أحزانك فتعيش معه أفراحك بمنتهى البهجة وتعيش معه أحزانك بمنتهى النبل، صوت يذكرنى بمنظر سريان النيل لما كان فيه نيل، وبمشهد دوران الساقية لما كان فيه ساقية، وبرائحة خبيز أمى جاية من الجنة.
لكن كرم زى كل الموهوبين فى بر المحروسة، موهبته وحدها لا تكفى لكى تنجح وتعبر شاطئ أحلامه.. لا بد أن تكون أدواته حاضرة.. وأدواته عبارة عن شبكة عنكبوتية من العلاقات والاتصالات المصلحجية المنفعجية بأصحاب النفوذ ورؤوس الأموال ورعاة المواهب، أن يكون مجاملا لدرجة الرياء.. ومنافقا لدرجة أن يحتقر نفسه، أن يقدم ما يطلبه المستمعون وليس ما يريد هو أن يقدمه للناس، يعنى الجمهور هو الذى يتحكم فى ذوق الفنان، وليس الفنان هو اللى يرتقى بذوق الجمهور، أسوار عالية لا بد أن يتسلقها كل صاحب موهبة يبحث عن النجاح ويسعى إلى تحقيق أحلامه ليصل بها إلى فضاءات أرحب من حوانيت فضائياتنا الضيقة البائسة التى تستضيف كرم لتسأله هذا السؤال الغبى الممل المكرر الذى ينم عن منتهى البلاهة والسطحية «كلمنا عن النوبة يا كرم؟».
ولأن كرم مراد شأن أغلب النوبيين، لا يجيد تسلق تلك الأسوار..فاكتفى مجبرا لا بطلا بالغناء فى أوساط المثقفين وحفلات توقيع الأدباء والروائيين ومعارض الفنانين التشكيليين.. ليسمعه نفر قليل ممن يقدرون المواهب بأعداد لا تتناسب مع حجم موهبة وجمال وعذوبة صوت كرم مراد.
غنى يا كرم حتى لو لأعداد قليلة، ليستمتعوا بصوتك الشجى كما كنت تمتعنا أيام زمان فى جلساتنا وسهراتنا الخاصة.. فأنت فى بلد ينجح فيها أنصاف الموهوبين الذين يملكون أدواتهم، ولا عزاء فيها للموهوبين، وحشتنى رنة أوتار عودك يا كرم.