وما ليبيا منكم ببعيد

الجمعة، 07 يوليو 2017 02:01 م
وما ليبيا منكم ببعيد
محمد الشرقاوي يكتب:

مش أحسن من ليبيا!.. للوهلة الأولى يرد أحدهم «كفاية تـ.....»، لكنها الحقيقة التي لا يريد الاعتراف بها. 6 أعوام ومضت، وما زال الجيران يبحثون عن أمن يتمنوه ولو لساعات.

المعارك دائرة في أنحاء الجماهيرية كافة، بين محاولات لفرض السيطرة من قبل القوات العربية الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر، وبين آخرى يمثلها تنظيمي جماعة الإخوان والقاعدة الإرهابيين، وأخرى يمثلها الجيش الوطني التابع لحكومة الوفاق.

فبعدما كان الصراع دائرًا بين أربع منظمات متناحرة تسعى للسيطرة على ليبيا، وتقسيمها، استعان البعض منها بجهات دولية لمساندتها، اختزل الصراع العسكري بين قوات الجيش والميليشيات التابعة للإخوان والقاعدة المدعومة قطريًا، وهو ما جاء على لسان العقيد أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي.

كانت جذور الأزمة تكمن في الحالة التى سادت البلاد عقب تحركات شعبية في 17 فبراير 2011، لإزاحة العقيد معمر القذافي من الحكم وانتهت بمقتله،  في 20 أكتوبر من عام الاحتجاجات في مسقط رأسه بمدينة سرت والتي سيطرت عليها ميليشيات إرهابية لمدة 4 أعوام حتى عام 2015 بعدها سقطت في يد تنظيم داعش، أثبتت الأيام تورط الدولة القطرية فيها.  

ليست «ثورة»! أي ثورة التي انقسم فيها الجيش، وامتلأت شوارع الجماهيرية بإرهابيين لا حصر لهم ولا عدد، هي مجرد احتجاجات مسلحة لميليشات تكالبت على تقاسم الأراضي الليبية، على رأسهم حكومة المؤتمر الوطني العام، وتسمى أيضا «حكومة الإنقاذ»، تقودها جماعة الإخوان المسلمين، ومدعومة من قبل تحالف جهات إرهابية تعرف باسم «فجر ليبيا» مدعومة من قطر والسودان تركيا.

إضافة إلى ميليشيات تنافست لفترة واتحدت مؤخرًا لمواجهة الجيش الليبيي، هي مجلسي شورى مجاهدي درنة وثوار بنغازي ميليشيات قاعدية، وكتائب مصراتة وأجدابيا، وهي ميليشيات إخوانية، وكذلك ميليشيات الطوارق في «غات»، والتي تسيطر على المناطق الصحراوية في جنوب غرب البلاد، كما تنشط أيضًا ميليشيات قبائل التبو والطوارق الليبية في الجنوب و الأمازيغ في أقصى الغرب، و لكنها حتي الآن لا تبدوا مؤثرة بقوة في الصراع الدائر.

الوضع الآن في ليبيا، يبدو مستقرًا في جهات غير آخرى، لكن كان الثمن أرواح مئات الآلاف من الليبين، وهناك المزيد في ظل عدم التوافق السياسي واتساع جبهات القتال من الجماعات الإرهابية لاستنزاف قوى الجيش الذي يحقق انتصارات كبيرة.

لساك مفهمتش يعني أحسن من ليبيا؟.. أه أحسن، في 25 يناير 2011، كانت هناك مخططات لإحلال الفوضى في البلاد، ولو نباهة الشعب ووقوف الجيش لتطور الموقف إلى حرب أهلية كنا سنعاني ويلاتها حتى الآن.

مع تواتر الأحداث بدت هناك بوادر لحرب طائفية، بين قوى الشعب العاملة، وكانت بدايتها «أحداث ماسبيرو»، وحرق كنائس ومقدسات مسيحية، وكل ذلك تم وأده من البداية.

استطاع الجيش تنفيذ التداول السلمي للسلطة في البلاد بـ«سلاسة»، بدأت باستفتاء شعبي تكالبت عليه جموع الإخوان والسلفيين، ثم انتخابات مجلسي الشعب والشورى، ثم انتخابات رئاسية صحيح أنها انتهت بحكم الإخوان، غير أنها كانت إرادة الصناديق.

على مدار عام من الحكم الإخواني، بدا الشحن الديني والطائفي داخل البلاد في مؤشر إلى حرب أهلية، بدأت تزداد حدتها مع تتالي الأيام في العام الأول للإرهابية، غير أن إرداة الشعب كانت بعزل الإخوان في 30 يونيو 2013 - دعّمها الجيش أيضًا، وعمل على تحقيق تداول سلمي للسلطة، برئيس مؤقت ثم دستور وانتخابات رئاسية.

خلال تلك الفترة وإلى الآن، هناك أعمال إرهابية، لكنها لم تعطل المسار الديمقراطي للبلاد، كانت هناك اعتصامات مسلحة، سقط فيها ضحايا غررت بهم جماعة الإخوان وإرهابيين آخرين مسلحين، لم ينصاعوا لمناشدة القوات المشاركة في فض الاعتصامات بالخروج الآمن.

في ظل موجات الإرهاب التي شهدها العالم بداية من عام 2011، قدر الله لمصر أن تصيبها بعض سمومه، لكنها لم تصل حد الحروب الأهلية والانقسامات الشعبية.

يقول أحدهم هنا: إن هناك معارضين رافضين للدول. سيدي هم رافضين لنظام وليفعلوا ما شاءوا، أليس الله بقائل: «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض»، من سنة الحياة «المعارضة» والتدافع بين البشر، لكن الله يحفظ الأوطان إذا قدر لها ذلك.

مرات متكررة حاول الأوغاد الدخول إلى مصر من الحدود الغربية، وهو الذي تقف درع القوات المسلحة بالمرصاد، وحدث مثالًا لذلك مؤخرًا، وشن نسور الجو ضربات مكثفة داخل حدود الجيران، لتؤكد أنها لن تسمح بأي محاولات لتكرار سيناريوهات الإرهاب في المنطقة.

الله حفظ مصر، ندعوه ونشكره. قدر لها استقرار أمني، تتخلله عمليات إرهابية لا تريد لهذا الاستقرار أن يدوم. قدر لها تدوال سلمي للسلطات، عكس دول آخرى في المنطقة، أيًا كانت ما تمخضت عنه الصناديق، هي في النهاية انتخابات تربح أو تخسر فيها، احتكموا إليها حين يأتي موعدها. 

ليبيا 6 أعوام دون أي انتخابات وحكام، دون مناطق آمنة تستطيع السير فيها، وغير هذا الكثير، أبعد هذا كله.. مش أحسن من ليبيا برده!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق