فى ذكرى إقامة تمثال الحرية بنيويورك..البشر عادة لا يقيمون التماثيل إلا للموتى
الثلاثاء، 04 يوليو 2017 04:08 م
«البشر عادة لا يقيمون التماثيل إلا للموتى»، هكذا وصف الأديب البريطاني الساخر جورج برنارد شو تمثال الحرية، ليعبر بذلك عن انعكاس مسماها مع سياسات الولايات المتحدة، التي تهلك كل من يخرج عن المسار التى رسمته.
قصة تمثال الحرية
وفي ذكرى أقامة تمثال الحرية، نروى قصة تمثال الحرية الذي اعتبرته الولايات المتحدة مَعلمًا وطنيًا وأثرًا قوميًا لها في 15أكتوبر 1924، بعدماأعلنته الأمم المتحدة – بعد نحو ستين عامًا - موقعًا من مواقع التراث الإنساني العالمي عام 1984.
فقبل أكثر من 118 عامًا كانت الصداقة بين الشعبين الفرنسي والأميركي، في أوجها، لأن الفرنسيين وقفوا إلى جوار الأميركيين في نضالهم ضد الإمبراطورية البريطانية - المنافس التقليدي لهم - والتي كانت تتمسك بالسيادة على مستوطنات أميركا باعتبارها من مستعمراتها ووقفت في وجه كل محاولات استقلالها، واعتبرت إعلان الاستقلال في 4 تموز (يوليو) 1776 «وثيقة خيانة».
وبادل سكان الولايات المتحدة «الوليدة»، يومها هذه المشاعر الفرنسية المتعاطفة معهم بمثلها، لا سيما أن هناك مقاتلين فرنسيين ذهبوا إلى أميركا للقتال معهم في سبيل الحرية والاستقلال، ولا شك أن اندلاع الثورة الفرنسية في 1789 أدى إلى تنامي علاقات الصداقة بين الثورتين.
كان من الطبيعي أن يفكر الفرنسيون في شيء كبير وله قيمة يشاركون به في مناسبة احتفال الأميركيين بمرور مائة عام على استقلالهم، أي في عام 1876.
ولكن واحدًا بعينه فقط من كبار الشخصيات الفرنسية، وهو المؤرخ والمفكر الفرنسي البارز إدوار دي لابولاي، هو الذي شغله هذا الخاطر مبكرًا، ورأى أنه لا بد من الاستعداد له قبل حلول التاريخ المذكور بفترة كافية، فاقترح في عام 1871 على مجموعة من زملائه وأصدقائه إعداد مشاركة فرنسية متميزة في احتفالات الولايات المتحدة الأميركية بذكرى استقلالها المائة.
كان من بين الحاضرين بارتولدي الذي كان يحتفظ بتصميم التمثال ولا يجد الجهة المناسبة لوضعه موضع التنفيذ؛ فاقترح تنفيذ فكرته الخاصة بتمثال الحرية، وبعض المصادر تجعل لابولاي نفسه هو صاحب الاقتراح من البداية وتغفل تمامًا - ربما عن قصد - قصة عرض التصميم أولا على الخديوي إسماعيل ليقام التمثال على مدخل قناة السويس في مصر.
قصة تغير مساره من قناة السويس لـ نيويورك
زار النحات الفرنسي بارتولدي مصر و أخذ رحلة نيلية من القاهرة لأسوان، نتج عنها عشقه لمصر، فعاد إلى فرنسا و رسم تصميم تمثال الحرية، و أخذه إلى الخديوي إسماعيل في مصر، في أعقاب افتتاح قناة السويس للملاحة (1869)، واقترح عليه أن يوضع على مدخل القناة ليكون رمزًا لحرية الملاحة أمام العالم، وباعتبار أن التمثال يمثل مصر وهي تحمل شعلة الحرية لأن التاج الذي يعلو رأس المرأة له سبعة أسنة (تبدو كأنها سبعة أشعة)، ترمز للبحار السبعة التي تطل عليها قارات العالم لأن كل دول العالم كانت بتنظر لمصر بأنها ملكة العالم كله.
و لكن الخديوي إسماعيل رفض التمثال، ما تسبب في إحباط الفرنسي بارتولدي، وتوجه للبحث عن دولة أخري توافق علي شراء التمثال ، واستمر هذا الحال ١٥عامًا، في باريس إلى أن سافر أمريكا، ورأى جزيرة مهجورة واتخذ قرار وضع التمثال عليها، إلا إن واجهته مشكلة جديدة، وهي فقر الحكومة الأمريكية، وعدم امتلاكها ثمن التمثال (٦٠٠ ألف دولار)، و لكن الحكومة الفرنسية قررت دفع ثمن التمثال كهدية لأمريكا تعبيراً عن الصداقة ما بينهم، إلا إن التمثال، يجب وضعه علي قاعدة، و أمريكا لا تمتلك مال حتى تبني القاعدة الخرسانية، فقد سارع الكاتب و الصحفي الأمريكي جوزيف بوليتزر لنشر افتتاحية في صحيفته The World جعل عنوانها «العار الوطني»،.. قال فيها إنه سيكون من العار على نيويورك والولايات المتحدة أن تقدم لها فرنسا هدية فتكون عاجزة عن إقامة قاعدة لها.
ولم يتوقف الأمر هنا، قامت الحكومة الأمريكية بعمل حملة قومية في كل الدولة، ليتبرعوا لبناء القاعدة الخرسانية، مقابل كتابة إسم المتبرع في لوحة الشرف في الجريدة الأمريكية الكبرى، و أخيراً بعد ٤ أسابيع تم جمع ٢٥ ألف دولار و بدؤا التنفيذ.
لون تمثال الحرية
لم يكن تمثال الحرية الشهير، المقدم من فرنسا للولايات المتحدة عام 1885، أخضر اللون، بل كان نحاسيًا لامعًا. وكشف فيديو جديد عن التفاعلات الكيميائية الناتجة من الأوكسجين وتلوث الهواء، الذي أدى إلى تغير لون تمثال الحرية الموجود في نيويورك، من النحاسي إلى الأخضر.
ويوضح الفيديو الذي نشرته الجمعية الكيميائية الأمريكية، أن التمثال والذي يبلغ طوله 93 مترا، بُني على مدى 9 سنوات بأجزاء نحاسية تغطي رأس الهيكل الحديدي، وجاء ذلك وفقًا لـصحيفة «دايلي ميل».
وذكرت دائرة خدمات الحديقة الوطنية، أن التمثال يتكون من 30 طنًا من النحاس، أي ما يكفي لصناعة 435 مليون بنس، ويقول الراوي في الفيديو: «تحول تمثال الحرية ببطء من اللون النحاسي اللامع إلى البني، ومن ثم إلى الأزرق والأخضر».
اقرأ أيضًا:
معهد «سميث -صونيا»: تمثال الحرية الأمريكي مستلهم من «الفلاحة المصرية»