أبلة زوزو
الأحد، 02 يوليو 2017 07:10 ممدحت جاد الكريم
سمراء متوسطة الطول فرعونية الملامح جمال قليل خير من قبح صريح، الملابس دائما وأبدا سوداء فمها الواسع مرتسم عليه ابتسامة ودودة معظم الوقت.
كنا نراها كل يوم جمعة فى منزل الجدة الكبيرة أم الجدات كانت أرملة ولها ولدان فى نفس أعمارنا ولم يكن اسمها زوزو ولكننا لم نعرف لها اسما آخر وربما عرفنا ونسينا.
الحقيقة أن زوزو كانت من النساء قليلات البخت، فقد مات زوجها وتركها مع ولدين، وكل هذا يهون بجانب يوم الجمعة الجدة لها من الأبناء ما شاء الله تسعة وكلهم لا بد حاضرون الاجتماع الأسبوعى المقدس.
فى ذلك اليوم لا ترى زوزو إلا فى المطبخ تعد طعاما أو شرابا والى جوارها إحدى القريبات تساعدها.
كانت زوزو طاهية جبارة تحب أن تأكل من يديها الأكل الفقايرى القرديحى بالذات: فول بقوطة فول مقلى فتة نابت طعمية بيتى بصارة باذنجان مخلل طماطم مخللة والى آخره كان الجميع يحب أكلها.
فهل كان الجميع يحبها هى ذاتها؟
إن شكت أوجاعها لأحد فهى تتمسكن وتستدر العطف.
إن ضاع شيء فأحد ولديها لا بد هو الفاعل وها هو الشيخ قد فتح المندل وقرأ اسمه.
إن أريد السخرية بامرأة فهى شبه أبلة زوزو.
إن أخطأ أحد اليتيمين فله الويل كل الويل ولا أقل من.
هى لئيمة وداهية فيما لا أحد يعرف.
ماتت الجدة الكبيرة وتفرق الكل وحظيت بالشقة بعد جهد جهيد ونزاع مع نفر قليل من الورثة ولم يعد يسمع بها أحد.
أتى الخبر أنها مريضة بجلطة ترقد بين الحياة والموت فى العناية المركزة.
رحلت بعد قليل فى هدوء.
تذكرها أحدهم وهو صائم فكتب قصتها وكان يسأل نفسه دائما ماذا جنت هذه المسكينة؟
لم يسمعها مرة تسيئ لأحد ولو بعبوس فى الوجه ولم تعلم أبناءها أبدا كره أحد ممن قسوا عليهما.
وقف فى شرفة بيته بعد أن انتهى من الكتابة والمغرب يقام للصلاة داعياً لها بالمغفرة وعلو الدرجة موقنا أنها فى دار خير من دارها لدى مليك لا يظلم عنده أحد.