يا وزير خارجية قطر: «تعالى أفهمك»
الأحد، 02 يوليو 2017 11:00 ص
قرأت ما يلى: أعرب وزير الخارجية القطرى الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، عن استعداد بلاده للتفاوض مع دول الحصار، (قاصدا: السعودية والإمارات والبحرين)، إذا كان لديها «رغبة حقيقية فى الحوار وأدلة تدعم مطالبها».
جاء هذا فى تصريحات له عقب إجرائه مباحثات مع نظيره الأمريكى ريكس تيلرسون، بواشنطن، نقلتها قناة الجزيرة القطرية يوم الثلاثاء الماضى.
واعتبر أن «ما تم تقديمه من دول الحصار مجرد ادعاءات غير مثبتة بأدلة وليست مطالب».
وبيّن أن بلاده متفقة مع واشنطن على وجوب «أن تكون المطالب عقلانية».
جاءت تصريحات آل ثانى، عقب تصريحات لوزير الخارجية السعودى عادل الجبير من واشنطن أيضا أكد خلالها أنه «لا تفاوض مع قطر بشأن قائمة المطالب»
هذا الرجل يقول نفس هذا الكلام طول الوقت بلغة مختلفة أحيانا ومتشابهة معظم الوقت، فى فترة يقول: «لا توجد مطالب محددة» وحين تأتى المطالب المحددة يقول: «هى ليست مطالب وإنما ادعاءات غير مثبتة»، ولو قدمت له الأدلة سيقول: «هذه الأدلة ليست أدلة مادية هى مقولات مرسلة» وهكذا...
هذا الرجل تلميذ ممتاز فى مدرسة سفسطائية من النوع الرديء، كما كان يقول سقراط على ضعاف الحُجة وهواة الهروب من النقاش الجاد والتلاعب بالكلمات من أمثال جلاكون وثيرمايكس وبروتاجوراس.
ولكن هناك احتمالا أنه فعلا لا يفهم ما هو المطلوب منه ولا حجم الجُرم الذى ارتكبته بلاده، فقلت أحاول أفهمه.
أولا: أنصحك يا سيد محمد عبدالرحمن أن تقرأ المبادئ الستة للمدرسة الواقعية فى تحليل العلاقات الدولية لصاحبها هانز مورجانثو (Morgenthau)، أنتم تمارسونها بميكافيلية شديدة لكنكم كمَن ظل يحفر بئرا دون أن يفكر كيف سيخرج منها، والآن جاءت لحظة التحدى.
ثانيا: تجنب المبالغة فى الحديث عن حقوق الإنسان والقانون الدولى وحشد الدعم الضوضائى من أصدقائكم وأصدقاء قناة الجزيرة، لأن القضية ليست مثالية أخلاقية كما تصورونها، أنتم كنتم وما زلتم بعيدين كل البُعد عن أى قيم أخلاقية، هذه معركة كلامية لن تفيد فى شىء.
ثالثا: لا توجد «أزمة خليجية» إنما هناك «أزمة قطرية»، وهذا هو السبب الذى جعلكم تطلقون على مقاطعتكم «حصارا»، وإذا أصررتم على استخدام هذا المصطلح، إذن فلا مانع عندى: أنتم محاصرون بسبب سوء تقديركم لقدراتكم ولقدرة من ظننتموهم فريسة سهلة لحربكم المادية والمعنوية ضدهم بدءا بجيرانكم.
رابعا: أنتم تستنزفون وتخسرون وتعانون وفى حالة دفاع عن النفس والدول العربية الأخرى المقاطِعة (أو بتعبيركم المحاصِرة) لكم يبنون مجتمعاتهم ويتقدمون فى مسيرتهم وتزداد تحالفاتهم وتقوى روابط التعاون بينهم، أما أنتم فاستمروا فى اللف والدوران على بقية العواصم كى تحلفوا لهم بأن المطالب ليست مطالب، وأن المطالب ادعاءات، وأن الادعاءات بلا اثباتات وهكذا.
خامسا: أنتم تعرفون ماذا تفعلون، أنتم تعرفون مَن تأوون، أنتم تعرفون مَن تمولون، أنتم تعرفون مَن تهاجمون، أنتم تعرفون كيف أن أصابعكم وأذرعكم تعبث فى دول كثيرة فى المنطقة، أنتم تعرفون ولكنكم لستم جادين ولا تصدقون أن مَن كانوا مفعولا بهم هبّوا كى يكونوا الفاعلين.
إن كنتم «عِبْط» فهذا شأنكم، وإن كنتم «تستعبطون» (أى تدعون العَبَط) فالمشكلة مشكلتكم، استمتعوا بعواقب ما جنت أيديكم وسيكون الغد أصعب لكم أكثر مما هو أصعب لنا.