في أول أيام عيد الفطر.. الفيوم تستقبل نصف مليون زائر في رحاب الملك فاروق والأميرة فوزية

الأحد، 25 يونيو 2017 12:33 م
في أول أيام عيد الفطر.. الفيوم تستقبل نصف مليون زائر في رحاب الملك فاروق والأميرة فوزية
الفيوم - مصطفى منسي

استقبلت محافظة الفيوم، في أول أيام عيد الفطر المبارك، ما لا يقل عن نصف مليون زائرًا لقضاء الأجازة والتى تأتى تزامنا مع الاحتفال بثورة 30 يونيه.

وشهدت المحافظة خروج المصريين إلى الحدائق والمنتزهات وانتشارهم على ضفاف النيل أو الشواطئ الساحلية.

ويفضل الكثير من أبناء مصر الانتقال إلى محافظة الفيوم لقضاء هذا الأجازة تخليدا لهذه الذكرى التي كان القدماء المصريين يحتفلون بها وجلوسهم أمام مياه بحيرة قارون للاستمتاع بالطبيعة الخلابة التي تحاط بالأشجار والزراعات.

وفى العصر الحديث كان الملك فاروق يحتفل بهذا اليوم في قصره بمدينة الإسكندرية حيث يعد القصر مراسم المهنئين لجلالة الملك بعيد الفطر المبارك، ولارتباط شقيقته الأميرة فوزيه بالفيوم التي كانت تحبها حبا فريدًا دون باقي إخوتها، يأتي لقضاء باقى أجازه العيد في قصره بالفيوم نزولا على رغبة شقيقته التى كانت تستمتع بجلوسها في قصرها الشهير والذى يقع على ضفاف بحيرة قارون، ثم يقوم الملك فاروق بممارسة هواية الشهيرة وهى رحلاته في بحيرة قارون لصيد البط والطيور المهاجرة النادرة، ثم يعود فى ذات اليوم لقصره الواقع على ضفاف بحيرة قارون والمعروف حاليا بالأبُرج والذي يشتهر بأفضل لسان داخل البحيرة والذي استقبل فيه الملك عبد العزيز آل سعود ملك السعودية تشرشل رئيس وزراء بريطانيا.

 ورغم حب الملك فاروق وعشقه لأكل اللحوم خاصة الحمام إلا أنه كان يفضل في عيد الفطر تناوله الأسماك المملحة.

وكان الملك يجمع أهله وحاشيته للاحتفال بهذه المناسبة في قصره وكان يستقل مركب خاص للتنزه وقضاء بعض الوقت في جزيرة القرن الذهبي وكذا قصر الملكة فوزية الموجود حتى ألان على ضفاف بحيرة قارون وقد حولته محافظة الفيوم إلى استراحة لها والمعروف حاليا بقصر الملكة فوزية.

ويقول الخبير الأثري أحمد عبد العال، مدير عام آثار الفيوم: لا تزال استراحة «أوبرج الفيوم» تحتفظ بالقاعات التي شيدها الملك فاروق، وتحمل كل قاعة اسم إحدى الشخصيات المهمة، والتي نزل بها، مثل قاعة الملكية وقاعة السفير وقاعة قارون وقاعة تشرشل، وقد تولت وزارتا السياحة والآثار مسؤولية المكان بعد ثورة 23 يوليو، لأنها تقع ضمن الممتلكات الملكية.

ويعود تاريخ أوبرج الفيوم إلى عام 1937، عندما قرر الملك فاروق إنشاء استراحة شتوية على ضفاف بحيرة قارون بالقرب من هضبة الفيوم؛ وذلك لممارسة هواية الصيد، على أن يكون المكان بمثابة استراحة للراحة والاستجمام أثناء فترات الصيد، وتولى المهندس الإيطالي ألبرت زنانيرى مهمة إنشائه.

وتم تشييده على الطراز الإيطالي الريفي على بعد 70 كيلومترًا جنوب غرب القاهرة، ويضم الأوبرج 50 غرفة من بينها 3 أجنحة، وأشهرها جناح الملك فاروق، الذي كان ينزل به أثناء الصيد، وتحكي جدران هذا الجناح قصة الملك فاروق منذ أن كان طفلًا صغيرًا، حتى وصل للعرش من خلال الصور التي تم تعليقها على الجدران.

كما وثقت الصور زواج الملك فاروق، وعلى السلم الخشبي الذي يربط غرفة الاستقبال بغرف النوم علقت صور للأسرة الملكية التي سبقت عهد الملك فاروق، وكانت الاستراحة مكانًا للحفلات الملكية واستقبال النخب والشخصيات الهامة.

وبعد انتهاء عصر الملك فاروق ظل “الأوبرج” لسنوات عديدة مكانًا لا ينزل به سوى النخبة والأجانب، وتعقد فيه الاجتماعات السياسية.

ولكن لم يستمر هذا الحال طويلًا، فبعد أن تم تأجير الاستراحة من قبل وزارتي السياحة والآثار وتم تحويله إلى فندق، فأصبح يتردد عليه الجميع، وتقام فيه حفلات الزفاف، بعد أن تولت شركة هلنان إدارة الفندق وذلك منذ عام 2005 ولمدة 25 عامًا، وأدخلت عليه بعض التعديلات لكي يواكب العصر، وتم عمل بعض الصيانة للمنطقة المحيطة بالفندق.

وهو الفندق الوحيد خمسة نجوم بمنطقة الفيوم، ويضم خمسين غرفة وأربع قاعات مؤتمرات: الملكية والسفير وقارون وتشرشل، وحافظت إدارة المكان على إجراء التعديلات التي لا تقلل من قيمة الفندق التاريخية، فلم تتدخل في الطراز الأساسي والطابع الريفي الخاصة به، فلا يزال الأوبرج تفوح منه رائحة عبق التاريخ، من الحوائط التاريخية والغرف الملكية، وحمام السباحة وملاعب التنس والاسكواش، ويأتي له الزوار والسياح من كل بقاع الأرض؛ للتمتع برياضة الصيد، حيث يضم مركز صيد كبيرًا، بالإضافة إلى أنه يطل على وادي الريان ووادي الحيتان المميزين برمالهما الذهبية.

كما كانت استراحته مقصد صناع السينما، فقد تم تصوير العديد من الأفلام السينمائية القديمة، منها فيلم “هذا هو الحب”، ومؤخرًا صورت فيه بعض مشاهد فيلم “مسجون ترانزيت” و”سفاري”، ونزل به أشهر الفنانين على مر التاريخ.

وقد ارتبط القدماء المصريين الذين حكموا مصر من خلال الفيوم والتي كانت تعد في العصور الأولى العاصمة قبل تسميتها بمصر.

ولا يزال المصريين حريصون على ما كان يفعله جدودهم القدماء المصريين فى مثل هذه المناسبات فكانوا يتناولون فى عيد الفطر المبارك الأسماك المملحة مثل الرنجة والفسيخ والسردين والليمون والبصل، وصارت تلك المأكولات مظهرا ثابتا من مظاهر الاحتفالات بعيد الفطر المبارك.

ومنذ نهايات العصر الفرعوني وبدايات العصر القبطي، وبات تناول تلك الأطعمة من العادات الباقية في مصر حتى اليوم تتناقل بطرق مختلفة فهناك من المصريين في هذا الزمن الحديث يفضلون تناول هذه الأكلات بجانب البيض المسلوق والطعمية ويفضل البعض قضاء هذا اليوم في المنتزهات وضفاف بحيرة قارون والسواقى وحديقة الحيوان ووادى الريان للاحتفال والعائلي، رغم الظروف الاقتصادية للأسر المصرية إلا أنهم يعتبرون أجازة عيد الفطر هى أجازة الفسيخ والخروج خلاف أجازة عيد الأضحى الذى يفضل البعض عدم الخروج لانشغالهم بالأضاحي وتناول اللحوم.

ويضيف الخبير الأثري احمد عبد العال مدير عام أثار الفيوم إن تاريخ الفيوم القديم ارتبط بجلب الفسيخ من مركز إسنا وكانت الأقصر أول مدينة تعرف صناعة الفسيخ في التاريخ، وذلك ضمن طقوس احتفالاتهم بعيد "الشمو" والمعروف اليوم باسم "شم النسيم" منذ عصور الفراعنة.

وكان المصريون القدماء يستخدمون سمك قشر البياض في إعداد الفسيخ، وتعد إسنا من المدن الشهيرة في صناعة وتقديم الأسماك المجففة كقرابين للآلهة داخل المعابد، حتى صار هذا السمك رمزا للمدينة في العصر البطلمي وصار اسمها "لاثيبولس" أي مدينة سمك قشر البياض.

وعرف المصريون القدماء عدة أنواع من الأسماك التي رسموها على جدران مقابرهم مثل سمك البوري والسوبيط والبلطي والبياض، كما عرفوا البطارخ منذ عصر الأهرام، وفي أحد الأعياد كان جميع أفراد الشعب يأكلون السمك المقلي أمام أبواب المنازل في وقت واحد.

وكانت مظاهر الاحتفالات بعيد الفطر المبارك تقام دائما على ضفاف النيل ووسط الحدائق والساحات المفتوحة، وهو الأمر الشائع لدى جموع المصريين حتى اليوم، وإن الأقصر وغيرها من المدن القديمة عرفت الخروج الجماعي إلى الساحات الخضراء وشواطئ النيل قبل آلاف السنين، وإن احتفالات المصريين في العصر الحديث بعيد الفطر وعيد الأضحى لا تختلف كثيرا عن احتفالات أجدادهم الفراعنة بمثل الاحتفال بيوم شم النسيم.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة