بعد 10 سنوات

مبادرات طبية وقانونية وإعلامية ودينية لمحاصرة الجريمة

الخميس، 15 يونيو 2017 01:44 ص
مبادرات طبية وقانونية وإعلامية ودينية لمحاصرة الجريمة
ختان - أرشيفية
هيثم الشرقاوي

بعد 10 سنوات على وفاة الطفلة بدور من جراء جريمة ختان الاناث في 14 يونيو 2007، نتوقف لنسأل ماذا حدث خلال هذه السنوات، وماذا تبقى أمامنا للقضاء على هذه الجريمة.
 
 
صارت هذه الذكرى الأليمة يوما وطنيا لمناهضة هذه الجريمة البشعة، بمبادرة من البرنامج القومي لمناهضة ختان الإناث، الذي يتبناه المجلس القومي للسكان، بمشاركة كافة الجهات الحكومية والقانونية والأهلية والمؤسسات الدينية والأكاديمية المعنية بتنفيذ الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة المعنية الأخرى. 
 
 
بدور وغيرها من ضحايا ختان البنات دفعن حياتهن ثمنا لعادة ذكورية سقيمة استمرت آلاف السنين، تنتهك وتشوه أجساد الفتيات المصريات، وتكرس وضعية أدنى للمرأة في المجتمع، من خلال منظومة من الاعتقادات الوهمية بأن ختان البنات هو الوسيلة للسيطرة على رغبات المرأة والحفاظ على عفتها وشرفها.  
 
موت هؤلاء الفتيات البريئات بهذه الطريقة القاسية، أيقظت ضمير المجتمع وجعلته يدرك أن كل مؤسساته الاجتماعية  مسئولة عن هذه الجريمة البشعة، وليست الأم أو الأسرة وحدها، والتي دائما ما نلقي عليها عبء المسئولية  الأساسية. 
 
 
كلنا مسئولون : الأسرة والمؤسسات الدينية والقانونية والإعلامية والصحية والتعليمة.
 
 
كانت هذه هي الخطوة الأولى للتصدي لهذه الجريمة، والعمل بروح الشراكة الوطنية المتكاملة، وأن تتحمل كل هيئة مسئوليتها الكاملة، كانت المفتاح لتكوين مناخ اجتماعي وثقافي قادر على تشجيع الاسرة المصرية وإقناعها بالتوقف عن ختان البنات، وتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان الإناث التي ينسقها البرنامج الوطني لمناهضة ختان الإناث بالمجلس القومي للسكان. 
 
 
فعلى مدى أكثر من عشر سنوات وضعت الحكومة المصرية برنامجاً وطنيا لمناهضة ختان الإناث، وقدمت مشروعين قانونين لتجريم ختان الإناث عامي 2008 و2016، وافقت عليهما المؤسسة التشريعية "مجلس النواب"، وإصدرت القانونين تباعا.
 
 
الأول عام 2008 المادة "242 مكرر" من قانون العقوبات الذي اعتبر ختان الاناث جنحة. ثم وافقت على تغليظ العقوبة في أغسطس 2016 ليصبح ختان الاناث جناية يعاقب عيها بالسجن من 5 إلى 7 سنوات، وإذا نتج عنها وفاة أو عاهة مستديمة يعاقب عليها بالسجن المشدد (المادة 242 مكرر، 242 مكرر أ من قانون العقوبات)، وبذلك تأسست قاعدة قانونية وثقافية مهمة مؤداها أن ختان الإناث جريمة ضد المرأة، وليس عادة أو عرفا مقبولاً.
 
 
وتعتبر جريمة ختان الإناث ذات طبيعة خاصة، لأنها تتم من خلال تواطؤ كامل بين الأسرة والشخص الذي يقوم بختان البنت (سواء كان طبيبا أو أي شخصا آخر)، لذا فالإبلاغ عن الجريمة والتحقيق فيها ليس أمرا سهلا، ومن هنا فان الدور الذي لعبته النيابة العامة في الدفاع عن حقوق الفتيات - ضحايا ختان الإناث - ضد هذا التواطؤ بين الأسرة والجاني، يعتبر دورا استثنائيا.
 
 
باشرت النيابة التحقيق في عدد من قضايا ختان البنات وقدمتها إلى المحاكمة الجنائية بقانون ختان الاناث، منذ أول قضية شهيرة قضية الطفلة سهير الباتع عام 2013 وانتهاء بقضية ميار 2016 .
 
 
والآن وبعد تغليظ العقوبة تقوم الآن النيابة العامة بالتحقيق في عدد من القضايا المختلفة في أربع محافظات، طبقا للقانون الجديد الذي يعتبر ختان البنات جناية.
ورغم الجهد الكبير الذي قامت به وزارة الصحة والسكان العام الماضي من أجل تقديم مشروع تغليظ عقوبة ختان الإناث إلى مجلس النواب، فان الدور الأكبر الآن لوزارة الصحة هو تشديد الرقابة على الفريق الطبي (الأطباء وفريق التمريض) الذي يتركب هذه الجريمة، ومحاسبة المخالفين بشكل جدي، وكذلك نشر التوعية بمناهضة ختان الإناث من خلال خدمات الرعاية الصحية الأولية التي تقدم للأسر. 
 
 
وتعتبر مبادرة "أطباء ضد ختان الإناث" التي قام بها مجموعة من أساتذة كليات الطب المصرية حركة مدنية وأكاديمية هامة لمناهضة ظاهرة تطبيب ختان الإناث التي انتشرت بشكل كبير، حيث تتم حوالي 80% من حالات ختان الإناث على يد الفريق الطبي. 
 
وأعدت المبادرة مؤخرا منهجا حول مناهضة ختان الإناث، لدمجه في مناهج قسم النساء والتوليد بكليات الطب المصرية، وقد تبنى هذا المنهج خمس كليات طب تقوم بتدريسه لطلابها.
 
كما تقوم بإعداد كوادر من الأطباء قادرة على تقديم المشورة للأسرة للامتناع عن ختان بناتها.
 
ومؤخرا ترعى مؤسسات صحفية كبرى حملة "كفاية ختان بنات" بالتعاون مع البرنامج القومي لمناهضة ختان الإناث بالمجلس القومي للسكان، من خلال نشر فيديوهات وإعلانات وأفلام وثائقية وتقارير حية، ترصد أراء المواطنين على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي لهذه المؤسسات الصحفية.
 
 
وتناولت هذه المواقع الوثائق التي تتناول ختان الاناث من كافة الجوانب الاجتماعية والقانونية والصحية، وتقدم نماذج من الأسر المصرية الإيجابية التي امتنعت عن ختان بناتها، ووصل عدد المتابعين والمشاهدين لمواد هذه الحملة إلى 2 مليون مشاهد في الشهر الأول منها. 
 
 
وتلعب الجمعيات الأهلية دورا كبيرا في الاتصال الجماهيري المباشر من خلال العمل في القرى المصرية وتقديم مواد التوعية. 
كذلك أكدت المؤسسات الدينية، الإسلامية والمسيحية، موقفهما الديني الرافض لممارسة ختان الإناث المنتهكة لحقوق النساء في الكرامة الإنسانية والصحة الجسدية والنفسية السليمة، حيث أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى جديدة في يونيو 2016 لتدعيم فتاواها السابقة، بأن ختان الإناث حرام شرعاً، وتدعو الأسرة المصرية للتخلي عنه. 
 
 
وفي الوقت نفسه وافقت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب على تغليظ العقوبة على جريمة ختان الإناث وإعتبارها جناية في حق الفتاة المصرية. كما  أكدت الكنيسة المصرية رفضها لهذه الممارسة العنيفة من منظور مسيحي يكرم جسد الإنسان "الرجل والمرأة" ضد العنف والإساءة.
 
 
وبعد عشر سنوات من الاحتفال باليوم الوطني لختان الإناث، وطبقا للمسح الصحي 2015 فان نسبة انتشار ختان الإناث في الفئة العمرية من 15 –  17 سنة قد وصلت إلى 55% من الفتيات في هذا السن عام 2015 مقارنة 74%  طبقا "للمسح الصحي السكاني لعام 2005".
 
 
وفي عام المرأة المصرية 2017، فان مانريده لحمايه المرأة المصرية هو أن تصل  كل طفلة وطفل مصري لحقه في تعليم يدعم نشر المعرفة العلمية والثقافة المدنية، وينمي قدراتهم على  التفكير العلمي والابداعي، ودعم حقوق المرأة الصحة والاجتماعية، حتى يتمكن الجيل الجديد من القضاء على كافة الممارسات العنيفة ضد الفتيات وعلى رأسها ختان البنات، وصولا إلى مجتمع يليق بالمرأة المصرية.
 
IMG-20170614-WA0000 (1)
IMG-20170614-WA0000 (1)
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة