جابر طايع: الصوم تهذيب للنفس وتربية على السلوك القويم
الأربعاء، 07 يونيو 2017 11:04 صكتبت منال القاضي
عقد الملتقى الفكري الإسلام الذي ينظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف حلقته الثامنة، مساء أمس الثلاثاء بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) برعاية الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وناقش الملتقي التأكيد على ترسيخ مبادئ المواطنة وغرس روح الولاء.
وتحت عنوان: «الصوم بين المراقبة وتزكية النفس»، حاضر كلا من: «الدكتور سيف رجب قزامل عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا السابق، والشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف».
في بداية اللقاء رحب قزامل بالحاضرين، مشيدًا بدور وزارة الأوقاف في تجديد الخطاب الديني والنهوض بالدعوة، مثمنا دور وزير الأوقاف في عودة ملتقى الفكر الإسلامي في رحاب مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه).
وأكد " سيف رجب قزامل أن شهر الصيام هدفه تذكير بمنهج رسالة الإسلام خاتمة الرسالات السماوية، والتي جاءت لتبين أن الغاية من بعث الرسل وحدانية الله (عز وجل) وتزكية النفس وتطهير البدن وتصفية القلب.
وأضاف «أستاذ الشريعة»، أن المنهج الإسلامي احتوى علي المناهج السماوية السابقة وصدق على ما فيها من السمو بالنفس ومكارم الأخلاق، لأن الهدف هو الارتقاء بالنفس والروح، فالصوم شرع لتهذيب النفس وتربيتها على السلوك القويم والصراط المستقيم، حتى يقوى الإنسان على نفسه وشيطانه وعلى أداء مهمته في الحياة، ولن يُتم مهمته إلا إذا ملك إرادته، وحينما يمسك عن الطعام والشراب يتحكم في زمام نفسه.
كما يزيد في الأجر ويغفر الذنب، ففيه إذعان وخضوع لله، فإذا ارتقى الإنسان بلغ بصومه درجة السمو الروحي والصفاء القلبي وساعتها يستطيع التحكم في حواسه ويكون مع الله بجميع جوارحه، فتطهر جوارحه من الكذب والزور، وقد نبه النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذا فقال: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».
وفي سياق متصل أشار«قزامل» إلى أن لب الرسالة في هدفها الأسمى تحقيق الغاية التي خلق الله الخلق لأجلها وهي: «عبادة الله»، مضيفا «أن من أهدافها أيضا رفع الحرج ونفي المشقة، وأن شرائع الإسلام دليل على يسره ووسطيته، مستشهدا بقول الله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)».
كما أفاد "عميد الشريعة" أن الصوم يقرب من الله ويضيق على الشيطان ويبعد عنه، داعيا المسلمين أن ينعموا في هذا الشهر بعبادتهم وصومهم، وأن يعيشوا مع القرآن الكريم منهج ربهم، ففيه العلاج لكل أغراضهم، والحلول لكل مشاكلهم، فلو عشنا مع القرآن لوجدنا الاستقرار والسعادة في الدنيا والآخرة.
ومن جانبه أكد الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف أن مراقبة الله تعالى من أهم القيم السامية والأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام، فهي طريق الإخلاص الذي هو أساس قبول العمل عند الله (عز وجل)، والحق سبحانه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه، مشيرًا إلى أن الله (عز وجل) حثنا على مراقبته في كل أحوالنا وتصرفاتنا، فقال سبحانه : {ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، موضحًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عبر عن المراقبة بالإحسان كما ورد في حديث جبريل (عليه السلام) حين سأله قائلاً : (فأخبرني عَنِ الإِحْسَانِ؟. فقَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)، فالمراقبة هي ثمرة علم الإنسان بأن الله سبحانه وتعالى ناظر إليه، رقيب عليه، مطلع على عمله، سامع لقوله في كل وقت وحين، قال تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}
فإذا راقب الإنسان ربه في كل أحواله انضبط سلوكه وتصرفاته، وحسن عمله واستقامت حياته، سواء رآه الناس أم لم يروه، وسواء أثنوا عليه أم لا، فلا يظلم نفسه ولا يظلم غيره، حتى وإن غابت عنه رقابة البشر، فمراقبة الله تعالى في السر والعلن تعصم الفرد والمجتمع من الزلل.
كما أشار رئيس القطاع الدينى إلى أن شهر رمضان مدرسة تهذب السلوك وتسمو بالأخلاق إلى أحسنها، فالصيام يربي النفس على مراقبة الله (عز وجل) في السر والعلن، حيث يغرس في نفس الصائم الصبر على طاعة الله سبحانه وتعالي، ويعلمه قوة الإرادة، وضبط النفس، ففي كثير من الأوقات يكون الطعام والشراب بين يدي الصائم بعيدًا عن أنظار الناس، ومع ذلك يمتنع عن تناولهما خوفًا من الله (عز وجل) وخشية منه سبحانه، وعلمه بأن الله تعالى يراه، ومطلع عليه في سره وعلانيته، وهذا ما فسره الحديث الشريف : (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إلى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله تَعَالَى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي).
كما أكد طايع أننا جميعا ونحن في شهر الصوم أن نستشعر مراقبة الله تعالى في السر والعلن، فلا ينتظر أحدنا رقابة البشر، بل يراقب كل منا ربه فيما ولاه عليه، لتحيا قلوبنا، وتستيقظ أرواحنا، وتستقيم حياتنا، فتنهض الأمة وترتقي، فإن سعادة المجتمع وتقدمه مرهونة بيقظة ضمائر أبنائه ومراقبتهم لله (عز وجل
وفي ختام كلمته أكد أنه إذا مات الضمير وانعدمت المراقبة لله (عز وجل) نتج عن ذلك فساد في الأخلاق والمعاملات، فما الذي يمنع الموظف أن يرتشي ؟! والكاتب أن يُزَور؟! والطبيب أن يهمل في علاج مريضه ؟! والمعلم أن يقصر في واجبه ؟! والتاجر أن يغش ويحتكر في تجارته ؟! … وهكذا في كثير من جوانب الحياة، لذا وجب علينا جميعًا أن نراقب الله تعالى، ولنحذر أن نكون أجسادًا بلا ضمائر حية متصلة بالحق والخير والمعروف، حتى تتنزل علينا رحمة الله تعالى ومغفرته في هذا الشهر الكريم.
موضوعات متعلقة
مدير أوقاف القاهرة: نحمي الفقراء من الإخوان والسلفيين بالقوافل الدعوية وتوزيع مساعدات