رئيس برلمان كردستان الأسبق: حب مصر في دمنا (حوار)
الإثنين، 05 يونيو 2017 12:56 ص
>> طريق الاستقلال يجب أن يكون عبر الحوار والتفاوض.. ولانريد دولة قلقة تعيش مستقبلها في حروب.
>> بغداد تعاملنا بنظرة "فوقية" وهذا غير مقبول.. وأوضحنا للجيران أن دولتنا لكرد العراق .
>> حب مصر "متأصل" عند الكرد.. والعلاقة معها أهم من بغداد ..وننتظر أن تكون أكثر "جرأة" في دعمنا
أكد عدنان المفتي، رئيس برلمان إقليم كردستان الأسبق، أن سياسات التهميش والإقصاء من الحكومات العراقية تجاه الكرد، أدت إلى وصول العلاقة بين الطرفين إلى هذه المرحلة المتوترة، وإلى أن يرغب الشعب الكردي في الاستقلال عن العراق.
وانتقد النظرة الفوقية، التي تنظر بها بغداد تجاه أربيل، وأنها غير مقبولة. وشدد على أن من حق الشعب الكردي أن يقرر مصيره، وإذا قرر الاستقلال فعلي الآخرين أن يستمعوا له.
وقال «المفتي» في حواره مع صوت الأمة" في أربيل، إن طريق الاستقلال يجب أن يكون عبر الحوار والتفاوض، فهم لا يريدون دولة قلقة تعيشها مستقبلها في الحروب وتنفق ميزانياتها عليها.
وطالب رئيس البرلمان الكردستاني، الدول العربية بدعم حقوق الشعب الكردي، بحكم العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين.
وأكد أن حب مصر متأصل عند الكرد وأنها كانت دائمًا" ملجأ" لهم، وعليها أن تكون أكثر جرأة في الوقوف بجوار حقوق الشعب الكردي، خاصة أن العلاقات مع مصر أهم من بغداد عند جانب كبير من الكرد.
· ما الذي أوصل العلاقة بين بغداد وأربيل إلى هذه المرحلة من التوتر؟ـ شاركنا في كتابة الدستور العراقي، ثم في العمل السياسي، وشاركنا في السلطات الاتحادية بدءًا من رئيس الجمهورية، وفي البرلمان العراقي وفي الحكومة العراقية، وعملنا كل ما نستطيع لينجح الحوار ونستمر في بناء العراق الديمقراطي، الذي رسمه دستور العراق، ولكن تراجع الجهد والخطوات لأسباب كثيرة منها أولًا الإرهاب، الذي انتشر بشكل مخيف وخطير في العراق، وثانيًا الإرث الثقافي المشّوه في العراق، ومسألة حقوق الشعب الكردي، صحيح أن الدستور يقول إن العراق مبني على الشراكة، ولكن هناك نظرة مختلفة وظالمة مستمرة إلى الآن، بغداد تنظر إلى أربيل نظرة فوقية من خلالها تم اختلاف الرؤية للدستور كل طرف يفسره بالطريقة التي يراها تحقق مصالحه، فنشأت الخلافات حول المواد الدستورية خاصة حول السيادة والميزانية والنفط والثروات وصولاً إلى أن الحكومة الاتحادية من طرف واحد ودون أن ترجع إلى البرلمان العراقي والدستور قطعت الميزانية عن الإقليم منذ عام 2014 .صحيح أننا كنا بدأنا نصّدر النفط من الإقليم ولكن هذه المسألة بحاجة إلى شرح.
في الفترة الأخيرة بعد أن أصبح داعش جارًا لإقليم كردستان، وخضنا معارك معه وقدمنا آلاف الشهداء، فإن الاستحقاقات التي ولدها وجود داعش والمعارك التي خضناها غيّرت من ملامح العلاقة مع بغداد برمتها، من ناحية الأزمة المالية التي يعانيها الإقليم وقطع الميزانية عنه، بحيث أن الوضع المعيشي للسكان بدأ يتدهور، صحيح أن هناك جانب في هذا يقع علينا، من حيث عدم الانتباه إلى احتمال مواجهة مثل هذه الأزمات، والناس هنا يحملّون حكومة الإقليم المسئولية ومعها في نفس الوقت الحكومة الاتحادية في بغداد، التي قطعت الميزانية عن الإقليم، كما أن انخفاض أسعار النفط زاد من هذه الأزمة، ومن جانب آخر المعارك التي تخوضها البيشمركة ضد داعش، خلقت حالة أخرى عند الناس، بأننا عدنا لنكون دون سند، ولم تعاوننا الحكومة العراقية كما هو حقنا عليها، يعني حتى قوات البيشمركة، التي هي جزء من الجيش العراقي، لايتم معاملتها مثل باقي القوات في الجيش العراقي، لا من حيث التسليح ولا صرف الرواتب، ومثلاً الحشد الشعبي الذي يقاتل داعش صدر له قانون في البرلمان العراقي ولديه ميزانية، بينما البيشمركة التي تقاتل داعش قبل الحشد الشعبي، لكن إلى الآن الحكومة الاتحادية لا تلزم نفسها بصرف ميزانية البيشمركة. ووصل الحد إلى أن المادة 140 من الدستور العراقي التي تنص على كيفية إنهاء سياسات التعريب التي مارستها الأنظمة السابقة على مناطق كركوك وخانقين وسنجار، لم يتم تنفيذها، وتداعيات الحرب على داعش والتطورات الأخيرة والعلاقات السلبية مع بغداد كلها أدت إلى تباعد بين الطرفين، والناس هنا في كردستان يفكرون في مستقبلهم، والأهالي في المناطق المشمولة بالمادة 140 يطلبونا بتفعيل المادة
· ألا ترى أن مسألتي رفع العلم الكردي في كركوك والتصريحات حول اجراء استفتاء تقرير المصير زادا الأمور توترًا؟ـ مجلس محافظة كركوك اجتمع، وباعتبار أن أكثريته من الأكراد قرر أن يخطو خطوة لتحريك تفعيل المادة 140 من الدستور، برفع العلم الكردستاني فوق المباني الحكومية، وهذا أدى إلى ردود أفعال لم نكن نتوقعها بهذه الطريقة من بغداد، واجتماع البرلمان العراقي واتخاذ قرار برفض هذه الخطوة والمطالبة بإنزال العلم الكردستاني.
وفي نفس الوقت كان هناك مسألة إجراء الاستفتاء حول مصير إقليم كردستان المطروح منذ أكثر من عامين، فمع الاقتراب من الاستحقاق الانتخابي للبرلمان الكردستاني، مسألة الاستفتاء طُرحت بشكل ملح لأن السؤال في الشارع هو مع كل هذه الأزمات إلى أين نسير؟ بعد داعش ماذا سيحدث في كردستان هل سنرجع إلى نفس السياسة، سياسة الانفراد بالسلطة من بغداد، وقطع الميزانية والتعامل مع الإقليم كأخ صغير، هذا غير مقبول، ولهذا مسألة الاستفتاء مطروحة.
· ماذا فعلتم لمواجهة هذا التوتر في العلاقات؟ـ بعد قرار محافظة كركوك زاد التوتر في العلاقة بين الإقليم وبغداد، لذا قررنا في كردستان بدءً بالاجتماع بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، أن نتحرك باتجاهين، الأول باتجاه الأحزاب الأخرى في كردستان، حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية والأحزاب الأخرى الموجودة في الساحة الكردستانية والمشاركة في البرلمان ومع المكونات الموجودة في كردستان من التركمان والمسيحيين، أن نشرح لهم وأن نعمل معًا نحو تحقيق مطالب الشعب الكردي، وفي نفس الوقت التوجه لبغداد لشرح موقفنا لأننا في كل الأحوال حتى لو تم الاستقلال نؤمن بضرورة أن يتم ذلك من خلال بغداد وبالحوار معها إلى أن نصل لحالة تفاهم كاملة حتى تبقى العلاقة مع بغداد ومن خلالها مع العالم العربي والعالم كله إيجابية وبناءة ومبنية على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة.
من أجل هذا ذهبنا إلى بغداد في وفد تشكل مني ممثلاً عن حزب الاتحاد ومن الحزب الديمقراطي فاضل ميراني ومن ديوان رئيس الإقليم فؤاد حسين، والتقينا في البداية برئيس الجمهورية باعتباره أيضًا من "الاتحاد" وهو أبدى بعض الملاحظات، ثم التقينا مع رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ومع عمار الحكيم باعتباره رئيس التحالف الشيعي ومع السيد مقتدى الصدر. وبعد ذلك بأسبوعين كان لنا زيارة أخرى لبغداد بناء على دعوة من رئيس الجمهورية ونوابه لمناقشة الأوضاع فيما بعد الموصل ومناقشة تطبيق المادة 140 . وكان مقررًا عقد اجتماع آخر لكنه تأجل.
· ماذا تم خلال هذه اللقاءات؟ـ في كل اللقاءات، تطرقنا إلى السند القانوني لنا من الدستور، ثم إن المادة 140 تسمي كركوك ضمن المناطق المتنازع عليها، وأن طرفي النزاع قانونيًا هما الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، إذن إلى أن تُحسم هذه المسألة مصير كركوك وغيرها من المناطق، فإن للطرفين نفس الحقوق والواجبات، وطالما أن العلم العراقي مرفوع فإن لحكومة الاقليم نفس الحق في رفع العلم الكردستاني، وعندما يتم تنفيذ المادة 140 فإن آخر خطوة لها هي الاستفتاء أي السكان يقرروا مصيرهم، فإذا قرروا أن يبقوا ضمن محافظة تابعة للحكومة الاتحادية فعند ذلك ينزل العلم الكردستاني، ويتم التعامل معها كأي محافظة عراقية أخرى، وإذا قرروا البقاء في الإقليم يبقى العلم الكردستاني بجوار العلم العراقي.
وقلنا لهم أنتم لديكم ملاحظات تذكرونها في الإعلام، فإن لنا ملاحظات كذلك. عندما يتم الحديث عن قطع الميزانية نسمع منكم أننا نصدر النفط وهذا هو السبب. طيب عنما واجهنا كلانا مشكلة انخفاض أسعار النفط لماذا أنتم تستطيعون دفع الرواتب ونحن لا، مع أننا نعلم أن الدخل الناتج من بيع النفط لا يكفي لسد الرواتب وسد احتياجات الحكومة الفيدرالية، لكن معروف أن مبالغ كبيرة تم سحبها من الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، أليس لدينا الحق في نسبة الـ17% المفروض أن ترسلوها للإقليم؟ ثم هناك القرض المقدم من البنك الدولي ومن أطراف دولية للعراق، أليس من حقنا أن نستلم حصتنا باعتبار إذا كنتم تعتبرون كردستان ستبقى جزءً من العراق، أليس في المستقبل العراق سيسدد هذا القرض، فنحن إذا بقينا ضمن العراق سندفع القرض الذي لم نستفد منه، فهذا يخلق شعورًا أن هناك رؤية بأن الإقليم منفصل عن العراق .
كذلك كان قرار البرلمان العراقي بشأن مسألة رفع العلم الكردستاني خطأ كبيرًا، لأنه حسب الدستور العراقي والتفسير من مجلس الشورى العراقي أن البرلمان العراقي لا يستطيع إصدار قانون أو قرار يلزم به السلطة التنفيذية من غير أخذ رأي الحكومة، هذا القرار صدر من مجلس النواب من غير مشروع من الحكومة ومن غير تمريره ضمن السياقات الدستورية والقانونية، كان هناك تعجل، وحتى هناك شكوك بأن العدد لم يكتمل من النواب وأن الكتلة الكردية انسحبت من الجلسة، ورئيس البرلمان نفسه أقر بهذا الخطأ وأن الأمر كان متعجلاً. واتفقنا على إصدار قرار لمعالجة هذا الأمر، على أساس أن مجلس محافظة كركوك يقول برفع العلم إلى حين تنفيذ المادة 140، والبرلمان من جانبه يصدر قرار يفسر القرار السابق أو تجميده ويطالب الحكومة بتفعيل المادة 140، وهذا الحديث تم مع رئيس الوزراء هو أيضًا أقرّ بهذه الإشكالية وطالبناه بتفعيل المادة 140.
لكن بصراحة الاتفاق في هذه الجلسات في الأيام التالية تجد هناك رؤى مختلفة تصدر من هذه الجهة أو تلك تعرقل الاتفاق. ونأمل أن نصل لاتفاق.ولنكن واقعيين هناك رؤية مختلفة حول مسألة الاستفتاء لم أجد في بغداد من يقول ليس لكم الحق في الاستفتاء لأن هذا الحق إنساني ومعترف به في ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على حق الأمم في تقرير مصيرها، لكنهم يقولون في نفس الوقت إن هذا ليس وقته، فنحن سألناهم: ومتى وقته؟ نحن لا نقول إننا في اليوم التالي للاستفتاء سنعلن استقلال كردستان، ولكن نحن نعاني على الأقل من نتائج 3 سنوات من السياسات الخاطئة والتوترات ومن الفشل، ومن ظهور الدولة الإسلامية"داعش" كجيران لنا، والخلافات التي لم نصل لحل فيها، والاحباط واليأس في العلاقة مع بغداد، الدستور يؤكد في بدايته أن بقاء العراق موحدًا هو في الالتزام بهذا الدستور، فأين الالتزام بالدستور؟ لنترك كردستان أين هي العلاقة الصحية بين باقي أطراف العراق، العراق كتكوينات كان أكثر انسجامًا وتقاربًا في زمن الملك وحتى في حكومات بعد ثورة تموز لم يكن هذا الشرخ موجوداً، فلنفكر معًا إذا أردنا الاستمرار معًا هل يكون بهذه الطريقة؟ مستحيل طبعًا.
· هل المواقف الداخلية والإقليمية والدولية مؤيدة لاستقلالكم؟ـ شعب كردستان، إذا قرر الاستقلال فعلى الآخرين، أن يستمعوا له وإن كان لديهم رأي مختلف فنناقشه، وإذا كان هناك اختلاف في تفاصيله فنحن لدينا انفتاح في هذا المجال، وأوضحنا للجيران أننا نتحدث عن استقلال كردستان العراق، والكرد في إيران وتركيا وسوريا، لديهم أحزابهم وهم أدرى بأوضاعهم ومطالبهم وقرار مستقبلهم، ضمن الظروف التي يعيشونها في هذه الدول، نحن لا نتدخل في شئون دول الجوار، ولا نريد منهم أن يتدخلوا في شئوننا، نريد منهم أن يحترموا إرادة شعبنا، وإذا لم يحترموا إرادة شعب فهؤلاء لديهم قصور في طريقة تفكيرهم. كيف يمكن أن تؤيد حق تقرير المصير لشعوب لم تسمع بها نهائيًا في أقاصي الدنيا، ولا تسمح بحق تقرير المصير لشعب تعتبره شقيق تربطك معه علاقات تاريخية ومصالح مشتركة واحترام متبادل. كثير من الكرد ساهموا في بناء دول الجوار إيران وتركيا والدول العربية، أينما ذهبت تجد أن الكرد كانوا مساهمين في بناء الدولة السورية وفي مصر، ولذلك فإن الحد الأقل من الجيرة والمبادئ السامية احترام الآخر.
· إذن الموقف في بغداد ليس موحدًا، وقبل أيام كان هناك تصريحات صدرت عن عمار الحكيم رئيس التحالف الشيعي ينتقد فيها موقفكم وقال إنه إذا أعلنت الدولة الكردية فلن يكون هناك دولة تعترف بها سوى إسرائيل، فما تعليقك على مثل هذه التصريحات والمواقف؟
ـ أنا حزنت عندما سمعت هذا التصريح، لأن السيد عمار صديق وقريب وتعاملنا معه بود وصداقة، معه ووالده وعمه عندما كنا في المعارضة وهناك ثقة واحترام متبادل، وفي أول اختلاف بيننا يقول هذا الكلام! ثم من أين له أن يعرف أن إسرائيل هي التي ستعترف بنا؟ ومن أين له يعرف أنه لن يعترف بنا غيرها؟ ثم لماذا هذا الكلام يقوله في مصر وليس في العراق عندما يلتقي بنا. وعمومًا هو شخص محترم وكلامه هذا ليس نهاية المطاف، ولا أحد يستطيع أن يخفي وجود اختلاف ولكنه يجب أن يبقى في اطار الود والاحترام.
· هل الموقف الكردي موحد في مسألة رفع العلم واجراء الاستفتاء؟ـ كمبدأ رفع العلم وحق تقرير المصير للشعب الكردي، لا يختلف عليه اثنان خاصة من القوى السياسية، رغم الاختلافات الشديدة، إنما عندما يتعلق الأمر بمستقبل شعب كردستان وحق تقرير مصيره، فالكل له نفس الرؤية وكل الأطراف السياسية تؤكد على حق تقرير المصير. والآن أو في المستقبل عند تحقق الاستقلال فالكل سيعمل من أجله. لكن الطريق إلى الاستقلال ينبغي أن يكون بالحوار وبالطريق السلمية والتفاهم، لأننا لا نأخذ حقًا من أحد ولا حساب أحد، نحن على هذه الأرض منذ آلاف السنين لم نأخذ أرضًا غير أرضنا، بل إن أرضنا هي التي اغُتصبت ومع ذلك بقينا على أرضنا وحافظنا على لغتنا وتقاليدنا وتعايشنا مع الشعوب التي نعيش معها وتداخلت مصالحنا ونريد الحفاظ على هذه المصالح، ولا نريد أن تكون دولتنا دولة قلقة أو تعيش مستقبلها في حروب أو تنفق ميزانيتها على الدفاع، نريد أن تكون دولة مسالمة وننجح في اعطاء مثل للتعايش السلمي، لأن كردستان ليس فيها الشعب الكردي فقط فمعنا تركمان وعرب ومسيحيين كلدان وأشوريين وهي شعوب قديمة في المنطقة، نريد أن تكون كردستان نموذجًا للتعيش الأخوي بين المكونات ومجتمع مدني يحترم إرادة السكان والجيران ويتواصل معهم، ونأمل أن تكون رسالتنا للاخوة العرب مفهمومة لأننا نعتبر أنفسنا ثقافتنا إسلامية، وعلى الأقل جيلنا ثقافة عربية، فهذه ممكن نستند عليها لبناء علاقات قوية واستراتيجية، ومطالبنا ألا يتم النظر إلى كردستان على أنها معادية للعرب، لأننا كما قلت لا نطلب شيئًا من العرب لأنفسنا ولا نطالب بالثأر، وكل الحروب التي خاضتها الحكومات السابقة ضدنا ودمرت قُرانا وذبحت واستخدمت الأسلحة الكيماوية، ومع ذلك لا تجد هنا من يعتبر العرب عدوًا له، وكذلك عندما حصلت الهجمات الإرهابية والصراع الطائفي، كردستان احتضنت أكثر من مليوني نازح عربي ومازال موجودًا حوالي مليون ونصف المليون فيها بكل ترحاب ولا يشعرون بوجود عداء ولا كراهية ولا عنصري، ولذلك العرب الأبعد في الدول العربية أعتقد يجب أن ينظروا إلى هذه الأرض نظرة واقعية وتقبل هذا الواقع الجديد ومد اليد حتى تكون هذه الدولة صديقة وقريبة وقوة لهم وليس العكس.
· رأيك في مواقف الدول العربية من حق الشعب الكردي والاستفتاء المزمع؟
ـ النخب المتنورة والمتابعة للقضية الكردية منذ سنوات طويلة أعتقد أنهم أكثر انفتاحًا وقبولًا لحق تقرير المصير، هذه النخبة هي المهمة لأنها ستبنى عليها الرؤية في المستقبل لأنها مؤثرة في مجتمعاتها. وهناك رؤية قائمة على المصالح يمكن أن تكون من هي الحكومة العراقية وعلاقتها مع هذه الدول، تجد هناك دول لديها علاقات سيئة مع العراق ستؤيد كردستان، والمنطقة منقسمة بشكل حاد نتيجة الحروب وما يحدث في سوريا ولبنان واليمن والخليج والعراق، هذا الصراع يؤثر على رؤية بعض الدول العربية، وأتمنى أن تكون هذه الرؤية مبنية على حق الشعب الكردي في تقرير مصيره، وليس على التناقضات الموجودة حاليًا لأن هذه التناقضات ربما ستتغير، ولكن إذا كانت الرؤية سليمة، وقائمة على حقوق الإنسان وعلى حق تقرير المصير هي التي نأمل منها خيرًا، وفي كل الأحوال نحن منفتحين على الدول العربية وهناك قنصليات موجودة في أربيل، ساهمت أن تكون العربية وغيرها لكردستان مختلفة عن السابق، الآن هم يعرفون أن الشعب الكردي يختلف عن الشعب العربي وإن كان شقيقه لكنه يختلف لغة وإرادة وتاريخًا ويتطلع إلى أن يكون له دور وتكون مكانته مثل الشعوب الأخرى الجارة، وكما نحترم الشعوب العربية نتطلع أن تحترم هذه الشعوب إرادتنا.
ـ أنا عشت في مصر 3 سنوات ممثلا للاتحاد الوطني الكردستاني، وقبلها والآن وفي كل الظروف أشعر أن الشعب الكردستاني يتطلع إلى مصر بطريقة مختلفة عن بقية الدول العربية، حب مصر عند الشعب الكردي متأصل بحكم أننا نقرأ ونسمع أن الكرد كانوا عندما يواجهون أي مظالم من الحكومات حتى في زمن الدولة العباسية والامبراطورية العثمانية، كانت مصر ملجأ للأكراد.
نحن بصراحة نأمل في شعب مصر الذي يختلف عن الشعوب الأخرى فلا عنصرية فيه، وهو بحكم تكوينه التاريخي وموقعه كل من يذهب لمصر سنوات قليلة يمكن أن يتحول إلى مصري، وهذا أمر فريد لا تجده في دول أخرى، وهو يولد ثقافة الانفتاح على الجميع، أنا مثلاً خلال تواجدي فيها لم أجد تعسفًا أو كراهية للكرد، ربما عند دول أخرى تجد هذا الشئ، ولذلك عند بعض النخبة يمكن كلمة استقلال تترجم على أنها انفصال ومثل إسرائيل، وأنا أتصور أن مصر قادرة أن تعطي رأيها بشكل جرئ وواضح، نحن في كردستان نعيش منذ آلاف السنين وكنا أصدقاء ونتطلع أن نبقى هكذا وتكون العلاقة مع مصر قوية، بعد العلاقة مع بغداد بالدرجة الأهم هي العلاقة مع مصر وأحيانًا عند بعضنا العلاقة مع مصر أهم من بغداد.