بعد ضربات القوات الجوية.. دور قطر والإخوان في حل أنصار الشريعة
الإثنين، 29 مايو 2017 10:00 ص
بعد ساعات من شن القوات الجوية المصرية عدد من الغارات على مواقع التنظيمات الإرهابية في ليبيا، أعلن تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي في درنة الليبية حل نفسه، الأمر الذي أثار تساؤلات وجدل واسع بشان السبب الذي دفع التنظيم المتطرف إلى اتخاذ هذا القرار.
على الرغم من أن التنظيم الإرهابي لم يبد سببًا واضحًا في بيانه جراء اتخاذ هذه الخطوة ، إلا هناك الكثير من المؤشرات والدلائل التي توضح بما لا يدع مجالًا دوافع أنصار الشريعة لاسيما بعد توجيه الجيش المصري عدد من الضربات الجوية لمواقع الإرهابيين في غضون اليومين الماضين، في أعقاب فتح مسلحين النار على حافلة تقل مجموعة من الأقباط في المنيا.
أكد الجيش المصري أن الضربات التي توجهها القوات الجوية المصرية ضد تجمعات لمتشددين في ليبيا تأكدت مشاركتهم في تخطيط وتنفيذ هجوم المنيا، وقال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل إن ضرب القواعد خارج مصر يمثل بداية، والأمن القومي سيبدأ من خارج القطر المصري.
وظلت درنة على مر الفترة الأخيرة، وخاصة منذ الإعلان عن تأسيس جماعة «أنصار الشريعة» مركز قوة ونفوذ للجماعة داخل مجلس شوري مجاهدي درنة، الأمر الذي كان لافتًا تزامن إعلانها حل نفسها بعد يومًا واحد من قصف الجيش المصري لمعسكرات ومقر قيادة المجلس في المدينة الساحلية.
وجماعة أنصار الشريعة ظهرت على الساحة الليبية في مع إعلان امريكا تورطها في الهجوم الذي استهدف القنصلية الأمريكية في ليبيا عام 2012، وأدى هذا الهجوم إلى مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز و3 أمريكيين آخرين، وصنفت الولايات المتحدة ومجلس الأمن التنظيم كإرهابي في محاولة للحد من تمويله وتسليحه، لكن استمر في درنة حتى استهدفه الجيش المصري في عام 2015 في أعقاب ذبح تنظيم داعش الإرهابي 26 مصري قبطى في ليبيا.
ومع تأسيس «مجلس شورى مجاهدي درنة» في عام 2014، انضوى فيه أنصار الشريعة، وبعد ظهور تنظيم داعش بأواخر عام 2014 وبدايات 2015 في بنغازي، بايعت قيادات بارزة فيه التنظيم، من بينهم «أبوعبد الله الليبي»، وهو مفتي «أنصار الشريعة»، الذي نشر تسجيلاً صوتياً على مواقع للمتشددين، أعلن فيه بيعة الجماعة لـ»أبوبكر البغدادي» وتنظيم «داعش». ومنذ ذلك الحين توالت مبايعات قادة الأنصار لـ«داعش».
تحوير المشهد
ويبدو أن إعلان تنظيم أنصار الشريعة حل نفسه جاء لتحوير المشهد، فبحسب دبلوماسي في الأمم المتحدة لشبكة «سكاي نيوز»، فإن إعلان أنصار الشريعة حل نفسها يهدف «دبلوماسيا وسياسيا إلى نفي المبرر لقصف أي موقع في ليبيا باسم محاربة الإرهاب»، في إشارة إلى أن تغير أسماء الجماعات الإرهابية هو تكتيك تتبعه هذه الجماعات المتطرفة في مواجهة العواصف، كما فعلت جبهة النصرة في سوريا، ففي وقت سابق نصح أسامة بن لادن أتباعه من قبل بتغيير أسماء تنظيماتهم وهو أسلوب يعود أصله إلى جماعة الإخوان ـ الجذر السياسي لكل التنظيمات والجماعات الإرهابية.
وعلى الرغم من أن «مجلس شورى مجاهدي درنة» المشكل حديثًا يضم تحت لوائه عناصر من أنصار الشريعة وتنظيم داعش والقاعدة، قال الدبلوماسي أن الجماعات المصنفة إرهابية دوليا في ليبيا، هي داعش والقاعدة وأنصار الشريعة، أما بقية التنظيمات فليست مصنفة دوليا وإن صنفتها بعض الدول إرهابية.
وقال الدبلوماسي أن هذا القرار يشبه القرارات السياسية للجماعات الإرهابية لغرض عدم استهدافها دوليا دون أي تغيير في نشاطها، ويركز الدبلوماسي على أن بريطانيا، ودول أخرى، يمكنها الآن القول بأن "مجلس شورى مجاهدي درنة" من الفرقاء السياسيين في ليبيا، ولا تجد حرجا حتى في التعامل معه دون انتهاك قرارات مكافحة الإرهاب الدولية.
التحالف مع داعش
وتحالف تنظيم أنصار الشريعة الذي حل نفسه شكليًا مؤخرًا، مع تنظيم داعش الإرهابي ، فبعد تصنيف من قبل مجلس الأمن جماعة إرهابية، قامت بتشكيل تكتل جديد تحت مسمى «مجلس شورى ثوار بنغازي»، متحالفة بعد ذلك مع كتيبة راف الله السحاتي بقيادة إسماعيل الصلابي (شقيق «قرضاوي ليبيا» علي الصلابي المقيم في قطر) وبعض الميليشيات المتطرفة الأخرى.
وبدا واضحًا اندماج بين أنصار الشريعة (القاعدة) وداعش على الساحة، مع ارتفاع حدة الهزائم التي تكبدها كلا التنظيمين في سوريا والعراق وليبيا، وكانت ليبيا بالأخص حيث تداولت مواقع ليبية نشرت عام 2016، وثائق تفيد أن ثمة وثائق سرية كشفت عن تخطيط قادة كبار في تنظيمات داعش و«الجماعة الليبية المقاتلة» التابعة لتنظيم القاعدة، و«الإخوان» في ليبيا، للاندماج في «مجلس شورى موحد».
وذكرت صحيفة الشرق الأوسط، على لسان قيادي في «الجماعة المقاتلة» لزملاء له من قيادات طرابلس إن جماعته «فقدت هيبتها بضعف تنظيم القاعدة، وقوة تنظيم داعش»، وأضاف أن «الوضع صار يستلزم الاندماج مع داعش وأن تكون طرابلس لنا للجماعة المقاتلة والإخوان، وسرت لهم لداعش».
دعم قطر والإخوان لأنصار الشريعة
وتحظي جماعة أنصار الشريعة بمساندة "المؤتمر الوطني العام" المنتهي ولايته في ليبيا الذي يعد احد ابرز الأذرع الإخوانية، حيث دعم المؤتمر الجماعة الإرهابية في بسط سيطرتها على مدينة بنغازي، وفي عام 2014 كشف ياسين عبد القادر الناشط السياسي أن تمويل تنظيم أنصار الشريعة يأتي من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته وبعض رجال الأعمال المرتبطين بعلاقة تجارية مع تركيا، وبعض الدول، وكانت الأموال تحت تصرفهم وحصلوا على الكثير منها».
ويهيمن على المؤتمر الوطني العام الجديد حركة الإخوان المسلمين، العدالة والبناء في ليبيا، و"كتلة الوفاء لدماء الشهداء" التي تتألف من جماعات أخرى أصغر متحالفة مع الإخوان المسلمين.
ويعرف داخل الأوساط الليبية أن هناك علاقة وطيدة بين قطر وكافة الجماعات المتشددة في ليبيا وخاصة الإخوان المسلمون وكل التنظيمات المرتبطة بها، حيث قال المحلل الليبي أحمد التهامي إن «بيان أنصار الشريعة، جاء نتيجة للضغوط التي مورست على هذه المجموعة الضالة، نتيجة الضربات الجوية المصرية على معاقل الإرهاب في درنة»، مضيفًا قطر التي لها تأثير على مثل تلك الجماعات، هي التي دعت أنصار الشريعة لحل نفسها، مشددًا بأن بيان«الحل ما هو إلى كذر الرماد في العيون، فمن مارس القتل والاغتصاب والتعذيب ليس من السهل أن يتخلى عن تلك المبادئ، ولإثبات مصداقية بيانهم، فعليهم تسليم أسلحتهم والخروج من درنة»
ونستنتج من كل ذلك أن الضغوط القطرية والجماعة الإرهابية (الإخوان) في ليبيا، أجبرت تنظيم أنصار الشريعة على حل نفسه، وذلك لسببين الأول أن تكون قطر بعيدة بصورة ظاهرية كل البعد عن دعم التنظيمات الإرهابية في ليبيا وخاصة التي يضربها الجيش المصري مؤخرًا، والثاني كمحاولة لتشويه الحقيقة بأن درنة لا يتواجد فيها جماعات إرهابية على عكس الحقيقة التي تؤكد أن اندماج أنصار الشريعة والقاعدة مع داعش لا يبعد عنها صبغة الإرهاب.