لكل شعب حكاية: الفلاح الروسي والغضب
الأحد، 28 مايو 2017 11:29 ص
تختلف الشعوب في لغتها وعقيدتها وسياستها، لكنها تقترب من بعضها البعض في الثقافات والعادات، التي تعد جسرًا للتواصل ما دامت البشرية، وبمناسبة شهر رمضان الكريم، يقدم «صوت الأمة» لجمهور القراء، تحت عنوان «لكل شعب حكاية» مجموعة من هذه الحكايات الشعبية، من التي تشيع ثقافة التسامح والحوار، والتي تتشابه في بعضها مع الحكايات أو العادات لدينا في مصر.
يرصد «صوت الأمة» هذه الحكايات المنتقاة من سلسلة ثقافات الشعوب، التي أصدرها مشروع كلمة للترجمة، التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والسياحة، ولذا فإننا نقدم للقراء حكاية «ديميان الفلاح» وهي حكاية شعبية روسية، من بين الحكايات التي جمعها فيرا دي بلومينتال، في كتاب «الجبل الذهبي.. حكايات شعبية من روسيا»، ونقلتها إلى اللغة العربية المترجمة مايسة عواد.
في روسيا، كما غيرها من دول العالم، تتلاشى الحكايات الشعبية أمام ما تفرضه الروح العملية للتقدم الحضاري. فتجد الشاعر الرعوي المحب للسفر أو الحكواتي، والـ«نيانيا» المخلص، الحاضن المحبوب للعديد من الأجيال، ينقرضون جميعهم، ومعهم الحكايات والأساطير. وتندثر معهم آخر أصداء أفراح الأمة ومعاناتها الأولى، وآمالها ومخاوفها. وأي دارس للفلكلور يدرك أنه قد آن الأوان للإسراع في جمع هذه الحكايات الآخذة بالاندثار وحفظها من أجل أجيال المستقبل.
حكاية ديميان الفلاح الروسي
منذ وقت ليس ببعيد، وربما بالمصادفة منذ زمن عابر، لا أعرف بالتأكيد، عاش في إحدى القرى، فلاح. وكان هذا الفلاح عنيدًا سريع الغضب واسمه ديميان. كان بطبيعته قاسيًا يريد أن يسير كل شيء على هواه. فإذا تكلم أحدهم أو تصرف بعكسه، يطون جوابه حاضرًا في قبضتيه.
أحيانًا، على سبيل المثال، كان يدعو أحد جيرانه ويقدم له أشياءً لذيذة للأكل والشرب. وكان الجار – حفاظًا منه على عادة قديمة – يدعي أنه غير راغب في الطعام. عندها يبدأ ديميان بالشجار صارخًا: «عليك أن تطيع مضيفك!». وذات مرة زاره رجل داهية. فقام صاحبنا ديميان وملأ المائدة بأفضل ما لديه وفرح لأنه توقع الوقت الجيد الذي سيمضيانه.
التهم الضيف كل شيء بسرعة. وأذهل ذلك ديميان ومع ذلك أخرج قفطانه. وقال لضيفه: «اخلع عنك جلد الماغز. وخذ ارتد قفطاني الجديد».
بينما عرض عليه القفطان فكر ديميان في قرارة نفسه: «أراهن على أنه لن يتجرأ هذه المرة على الموافقة، وإلا فسألقنه درسًا».
لكن الضيف ارتدى بسرعة القفطان الجديد، وشده على جسده بواسطة الحزام، هز رأسه ذا الشعر المجعد وأجاب: «شكراً لك يا عم على الهدية. كيف أجرؤ على عدم القبول بها، فعلى الضيف أن يطيع مضيفه».
كانت أعصاب ديميان تفلت منه شيئًا فشيئًا، وأراد بأي ثمن أن تسير الأمور كما يريد. لكن ماذا عساه أه يفعل؟. أسرع باتجاه الإصطبل وجاء بأفضل حصان لديه وقال لضيفه: «أهلاً بك. أهديك أعز أملاكي». وفي قرارة نفسه أخذ يفكر: «سوف يرفض هذه المرة، وسوف يأتي دوري».
لكن الرجل لم يرفض، وأجاب مبتسمًا: «في بيتك كلمتك هي الناهية»، وقفز بسرعة على ظهر الحصان وصرخ بالفلاح ديميان: «وداعًا يا معلمي. لم يدفعك أحد إلى الفخ سوى نفسك» ومع هذه الكلمات انطلق الرجل.
لاحقه ديميان بنظراته وهز رأسه، وقال: «حسنًا. سأقلع عن هذه العادة».
موضوعات متعلقة
لقراءة الحلقة الأولي : «الخروف الأسود»... أسطورة أيرلندية قديمة