الرئيس دونالد ترامب ومولد «اللغة السياسية الجديدة» و«ثقافة تويتر»
الأحد، 21 مايو 2017 11:29 ص
فيما تتجه أنظار العالم للعاصمة السعودية الرياض التي تشهد اليوم الأحد، لقاء "القمة العربية الإسلامية الأمريكية" بين قادة العالم العربي والإسلامي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتوالى الكتب الجديدة لتعبر عن اهتمام ثقافي عالمي بلغة وأفكار ترامب والتي وصفت في كتاب جديد بأنها تعني "مولد لغة سياسية جديدة".
والكتاب الجديد الذي صدر بالانجليزية بعنوان :"كيف يفكر ترامب ؟ تغريداته ومولد لغة سياسية جديدة" يتناول فيه المؤلفان بيتر اوبورن وتوم روبيرتس سمات اللغة السياسية الجديدة التي ولدت في خضم التغريدات الإلكترونية او تويتات " الرئيس دونالد ترامب.
والكتاب الذي حظي باهتمام الصحافة الثقافية الغربية هو في الواقع دراسة للغة ومفردات الخطاب الذي يستخدمه الرئيس دونالد ترامب عبر موقع التدوينات القصيرة "تويتر" وعمد المؤلفان لتحليل مضمون تغريدات او"تويتات" ترامب.
ويؤكد بيتر اوبورن وتوم روبيرتس في هذا الكتاب أو "الدراسة أن الرئيس دونالد ترامب نجح في استخدام وتوظيف تويتر" لخدمة خطابه السياسي وهي قدرة تبرهن على انه يعبر عن عصره ومجتمعه الأمريكي والتقنيات التي تسود هذا المجتمع وتستحوذ على العقول.
وهذا الكتاب الجاد يأتي بعد أن بلغت المكايدات السياسية حد السعي لتجريد الرئيس دونالد ترامب من القدرة على التفكير واوغل البعض في المكايدات لحد محاولة السخرية من مظهر وجسد رجل حظي بتأييد الناخب الأمريكي ليكون رئيسا للولايات المتحدة .
واذا كان البعض قد اخذ على ترامب نزعته للارتجال فان هذا الكتاب الجديد يوضح أن الرئيس الأمريكي رجل يحسب جيدا خطواته ويدرك مغزى ما يقوله ثم انه اثبت أيضا براعته في التواصل مع الجماهير عبر شاشات التلفزيون ونجح في إقناع الناخبين الأمريكيين بأنه واحد منهم يتصرف بعفوية ولا يخفي نوبات غضبه خلافا للساسة المحترفين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون.
ولعل تحليل المؤلفين في كتابهما لتلك المسألة الذي انتهى إلى أن عفوية ترامب حتى في إظهار غضبه أقنعت الكثير من الناخبين الأمريكيين بالتصويت لصالحه باعتباره الرئيس الأفضل في مجتمع متعدد المكونات والعناصر ويتميز بالتنوع المفرط.
ولعل هذا التحليل أيضا يرد بأسلوب علمي على هؤلاء الذين ذهبوا في سياق المكايدات السياسية والمواقف المناهضة للرئيس الأمريكي الجديد إلى القول بأنه يفتقر للتحكم في انفعالاته الغاضبة وحتى اهتزازاته الجسدية !.
وعبر تتبع دقيق للوسائط الاتصالية التي استخدمها دونالد ترامب في طريقه للبيت الأبيض يوضح الكتاب أن استخدامه لموقع تويتر جاء بعد نجاحه التلفزيوني ليحقق هذه المرة نجاحا اتصاليا هائلا عبر وسيط قال الذين ابتكروه في الأصل انه مصمم "لتوجيه زخات مقتضبة أو رشقات قصيرة من المعلومات التي تبدو غير منطقية".
ويتوقف المؤلفان مطولا أمام استخدام ترامب للتغريدات او التويتات أثناء حملته الانتخابية التي واجه فيها خصوما أشداء بعد الانحياز الواضح لأغلب الصحف الأمريكية الكبرى وشبكات التلفزة الشهيرة لصالح منافسته ومرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون التي حظت أيضا بدعم ومؤازرة غالبية المنابر والدوائر الثقافية في الولايات المتحدة.
والطريف والدال على مدى الانحياز للمثقفين أثناء معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة ان الناقد والكاتب الروائي توماس مالون قال انه لو كان له ان يكتب قصة او رواية عن المعركة الانتخابية الرئاسية الأمريكية في عام 2016 لاختار الكتابة عن مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون بشخصيتها الدرامية الثرية.
بل ان توماس مالون ذهب بخياله الروائي لحد تصور أن هيلاري كلينتون قد حققت بالفعل فوزا انتخابيا ساحقا على منافسها دونالد ترامب غير انها تعاني ليلة هذا الانتصار الكبير من حالة احباط شأنها في ذلك شأن ريتشارد نيكسون بعد ان حقق فوزا كبيرا في المعركة الانتخابية الرئاسية الأمريكية عام 1972 ليسحق منافسه جورج ماكجفرن.
وهذا التفضيل الدرامي لشخصية هيلاري كلينتون كان يعكس في ثناياه تأييد السواد الأعظم من المثقفين الأمريكيين لهيلاري كلينتون ومدى العداء السافر حينئذ لدونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لاختيار الرئيس ال45 للولايات المتحدة دون ان ينال مايتردد عن مخالفات تتعلق باستخدامات البريد الالكتروني لهيلاري اثناء شغلها منصب وزير الخارجية او مخالفات وتجاوزات لبعض مساعديها من هذا التأييد الكبير من جانب المثقفين لمرشحة الحزب الديمقراطي.
وفي مواجهة هذا الموقف العصيب والانحياز السافر على مستوى اغلب وسائل الإعلام والمنابر الثقافية لهيلاري كلينتون وهو موقف ينطوي على نوع من الجفاء للمنطق العادل كان لدونالد ترامب أن يستخدم سلاحه الفتاك "تويتر" الذي تتضمن وظائفه الأصلية حسب من ابتكروه " توجيه زخات مقتضبة أو رشقات قصيرة من المعلومات التي تبدو غير منطقية" كما يوضح كتاب"كيف يفكر ترامب ؟ تغريداته ومولد لغة سياسية جديدة" للمؤلفين بيتر اوبورن وتوم روبيرتس.
وهكذا مضى دونالد ترامب في تلك اللحظات العصيبة في استخدام هاتفه المحمول لبث تغريدات على موقع تويتر تتضمن الكثير من السخرية من مواقف المنحازين لمنافسته هيلاري كلينتون فضلا عن إظهار انه رجل يستقوى برجل الشارع أو المواطن العادي في مواجهة أباطرة الميديا ومصالح المتحكمين في الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية الكبرى.
ويلاحظ مؤلفا هذا الكتاب الجديد أن دونالد ترامب كان "يطلق وابل التويتات في ساعات السحر قبل طلوع الفجر" التي يكون اغلب الناس فيها نيام بينما يعكف هو على "مهمته التويترية" ليطالع الأمريكيون تغريداته في الصباح المبكر.
وبعد انتخابه وتنصيبه رئيسا للولايات المتحدة لم يكف ترامب عن استخدام "سلاح تويتر" بكثافة حتى أن تغريداته الإلكترونية تحمل الكثير من الأوامر التنفيذية كما يستخدم هذا الموقع للتدوينات القصيرة لفضح ما يصفه "بالأخبار الباطلة والأنباء الكاذبة" وكأن موقع تويتر تحول إلى ترسانة أسلحة لدونالد ترامب تضارع في أهميتها ترسانة الأسلحة النووية الأمريكية على حد التعبير الطريف والدال لمؤلفي الكتاب.
وكانت المرشحة الخاسرة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة هيلاري كلينتون قد عمدت مؤخرا لاستخدام موقع تويتر للإعلان عن إطلاق حركة سياسية جديدة باسم " معا إلى الأمام" في محاولة وصفت بأنها تعبر عن أحلامها في العودة بقوة للحياة السياسية بعد هزيمتها الانتخابية أمام دونالد ترامب التي كان "تويتر" احد اهم أسبابها.
وهذا الموقع الشهير للتدوينات القصيرة يمنح الرئيس دونالد ترامب إمكانية التعليق السريع على الأحداث ومجريات العالم وقد اكتشف هذه الخاصية الملائمة لذهنيته قبل فترة طويلة من دخوله البيت الأبيض كما حدث عند وفاة المناضل وزعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا في نهاية عام 2013 حيث علق ترامب فورا لينعي "الشهيد العظيم للضمير الإنساني ويؤكد انه كان على علاقة وثيقة به".
وواقع الحال ان دونالد ترامب صاحب كتاب "فن الصفقة" الصادر عام 1987 والذي بيع منه اكثر من مليون نسخة والذهنية التسويقية البارعة يعبر بطريقته الناجحة في استخدام "تويتر"عن الفلسفة التي سادت تاريخيا في المجتمع الأمريكي وهي "الفلسفة البراجماتية" التي تشير في احد معانيها المباشرة الى ان "نجاح العمل هو معيار الحقيقة" فيما لا يخفي عنوان كتابه او السيرة الذاتية :"التفكير مثل بطل" مفاهيمه للبطولة.
وقد تكون قصته مع "تويتر هي قصة رجل قال :" لدي قدرة على اقتناص الرائحة الجميلة للنجاح" بقدر ماهي قصة رجل نجح في ابتكار لغة سياسية جديدة ومؤثرة بقوة عبر زخات او رشقات على موقع التدوينات القصيرة..حقا كل صعود يبحث عن لغة وقد اختار ترامب "لغة تويتر" في رحلة الصعود المثير !.