هل تشارك مصر في التحالف العربي الأمريكي الجديد؟

الأربعاء، 17 مايو 2017 04:55 م
هل تشارك مصر في التحالف العربي الأمريكي الجديد؟
قوات رماح الشمال.. مناورات سعودية أمريكية
تحليل : محمد الشرقاوي

مع اقتراب زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى خارج بلاده منذ توليه الحكم في يناير الماضي، إلى المملكة العربية السعودية، زادت التكهنات حول إطلاق حلف عسكري من العاصمة الرياض، وهو ما يعد بمثابة «ناتو عربي إسلامي سُني».

المملكة السعودية تبدي اهتمامًا بالغًا بتلك الزيارة، ومن المحتمل حضور 17 من رؤساء الدول العربية والإسلامية للمشاركة في لقاء القمة الذي سيجمعه بالرئيس ترامب في العاصمة السعودية الرياض المزمع عقده في 22 مايو الجاري.

ومن بين المدعوين، قادة وزعماء دول مجلس التعاون الخليجي، والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، وملك المغرب محمد السادس، والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي.  

ترامب ومحمد بن سلمان
ترامب ومحمد بن سلمان

 

ناتو العرب

الحديث عن تحالف «عسكري سني» ليس جديد، ففي فبراير الماضي، كشفت «وول ستريت جورنال» عن مباحثات تدور بين إدارة الرئيس دونالد ترامب وإدارات عدد من الدول العربية لحشد حلف عسكري معاد لإيران يزود إسرائيل بالمعلومات الاستخباراتية.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن التحالف المحتمل سيضم بلدانًا بينها السعودية والإمارات ومصر والأردن، على أن تلتحق به دول عربية أخرى في وقت لاحق من تشكيله.

وذكرت الصحيفة أن الحلف المنتظر سوف يقوم على غرار الناتو من حيث مبدأ الدفاع المشترك، الذي يعتبر الاعتداء على أي بلد عضو فيه، اعتداء على الحلف ككل، وأن العمل مستمر في الوقت الراهن على صياغة النظام الداخلي لهذا الحلف.

المنطقة العربية شهدت أحلافًا عسكرية على مر العصور، كان الموقف المصري فيها جليًا بعدم الدفع بقوات واقتصار الأمر على مشاركات فنية وقيادة غرف عمليات إن لم يكن بالرفض، خاصة في الفترة التي تلت ثورات الربيع العربي، وكان أخرها التحالف العربي للقضاء على انقلاب الحوثيين في اليمن، والذي دشنت له المملكة العربية السعودية في 25 مارس 2015، ومستمر حتى الآن.

 

مناورات رعد الشمال .. عربية مشتركة
مناورات رعد الشمال .. عربية مشتركة

 

حلف بغداد

المشاركة المصرية في حرب اليمن، تم اقتصارها على الدور الاستشاري والدعم المعلوماتي، ورغم تردد معلومات عن الدفع بقوات عسكرية غير أن القيادة المصرية لم تؤكد ذلك.

من بين التحالفات التي كان الموقف المصري فيها بالفرض «حلف بغداد» وهو أحد الأحلاف التي شهدتها حقبة الحرب الباردة، حيث تم إنشاؤه عام 1955 للوقوف بوجه المد الشيوعي في الشرق الأوسط، وكان يتكون إلى جانب المملكة المتحدة من العراق وتركيا وإيران وباكستان.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة فكرة إنشاء هذا الحلف حيث وعدت بتقديم العون الاقتصادي والعسكري للأعضاء، ولكنها لم تشارك فيه بشكل مباشر وإنما وكلت بريطانيا بالقيام به، انضمت العراق لهذا الحلف بعد القمة العربية التي جرى الاتفاق بموجبه على معاهدة الضمان الاجتماعي.

ووقفت مصر موقف الرافض كليًا لهذا الحلف بجوار المملكة السعودية، فالسعودية كانت تخشى من اكتساب الهاشميين القوة، بسبب الخلاف التاريخي بين الهاشميين وآل سعود، أما مصر فكانت ترى في الحلف تقوية لموقف بريطانيا في الشرق الأوسط، وتهديدًا لأمنها فوقتها كانت على خلاف حاد مع بريطانيا وتبعات الاحتلال البريطاني.

وفي ديسمبر 1954 هددت مصر بالانسحاب من الجامعة العربية، وبالرغم من هذا وقعت بغداد وتركيا في يناير 1955 على بيان التعاون العسكري المشترك، وكان لهذا البيان أثر سيء في بعض العواصم العربية (خصوصاً القاهرة والرياض)، وقد وجه الرئيس المصري جمال عبد الناصر الدعوة إلى رؤساء الحكومات العربية للاجتماع في القاهرة لتبادل وجهات النظر والموقف من هذا البيان.

وفي 22 يناير 1955 اجتمع في القاهرة رؤساء الحكومات العربية بناء على دعوة الرئيس المصري، وبحثوا الخطوط الرئيسية للسياسات العربية، والتعاون الاقتصادي والمساعدات الاقتصادية والعسكرية ومشروع الاتفاق العراقي-التركي.

واتخذ رؤساء الحكومات العربية توصيات بتركيز السياسات الخارجية وفق ميثاق الجامعة العربية ومعاهدة الدفاع المشترك، والتعاون الاقتصادي، وميثاق الأمم المتحدة، وأن لا تقر أحلافاً غير ذلك، كما أقرت التعاون مع الغرب شرط حل القضايا العربية حلًا عادلًا، وإتاحة القوة اللازمة للبلدان العربية كي تحافظ على سلامتها وكيانها من أي عدوان، بدون أن يكون في ذلك انتقاص من سيادتها على أن مناقشة مشروع الاتفاق العراقي- التركي أسفرت عن تباين عميق في الآراء.

الرئيس الراحل جمال عبدالناصر
الرئيس الراحل جمال عبدالناصر

 

السيناريو يتكرر

سيناريو «حلف بغداد» عاد إلى الصورة مرة أخرى، فعلى مدار الأشهر الماضية ارتفعت وتيرة المحادثات حول تحالف عسكري جديد برعاية أمريكية، سيتم الإعلان عن تشكيله في مايو الجاري أثناء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المملكة السعودية.

واشنطن بوست أكدت في تقرير لها اليوم الأربعاء، أن ترامب سيطرح رؤيته للهيكل الأمني الإقليمي المعروف بـ«ناتو العرب» خلال زيارته إلى السعودية.

وأوضحت الصحيفة، أن هدف التحالف الإسلامي هو محاربة الإرهاب ومواجهة إيران.

هناك مؤشر يجيب عن من الداعي للحلف العسكري الجديد؟.. المؤشر هو مواجهة إيران، فوقف التوغل الإيراني في المنطقة يصب في صالح المملكة العربية السعودية وأمريكا، وأيضًا الدول العربية الرافضة للتحركات المذهبية في سوريا واليمن وعلى رأسها مصر والأردن.

ومن المؤكد حسب تقارير إخبارية، أن القمة الأردنية المصرية المنعقدة اليوم الأربعاء في القاهرة ستتناول تلك المسألة، غير أنه لم تنشر أي تقارير وبيانات عن ما أثمرت عنه الزيارة.

قوات رماح الشمال.. مناورات سعودية أمريكية
قوات رماح الشمال.. مناورات سعودية أمريكية

 

الأردن تشارك

المملكة الهاشمية أعلنت عن قرب عمليّات عسكريّة مشتركة مع قوّات خاصّة أميركيّة وبريطانيّة ضدّ مقاتلي داعش في جنوب سوريا، بعد اجتماع الملك عبدالله مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض في 5 أبريل الماضي.

وتناولت المحادثات عددا من المواضيع، لكنّها تمحورت حول المعركة التي تقودها الولايات المتّحدة الأميركية ضد التنظيم الإرهابي، وإنشاء مناطق آمنة في سوريا، ودور الأردن في الاثنين.

وألمح الملك، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست في اليوم نفسه، إلى استعداد الأردن للتصدي للمخاطر التي تهدد حدود المملكة الشمالية، قائلاً إنه لن يتم التساهل مع اللاعبين غير التابعين للدولة الذين يأتون من الخارج باتجاه حدودنا.

وكانت القوات الأمريكية نشرت مجموعات من القوات الخاصة الأمريكية للمشاركة في معركة الرقة السورية على الحدود الأردنية، إضافة إلى قوات داعمة لها في الكويت، في حال بدء المعارك.

العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني

 

خطة ترامب

وتقول «واشنطن بوست» الأمريكية، إن ترامب سيعلن أيضًا، كجزء من خطته، عن واحدة من أكبر صفقات السلاح في التاريخ، لافتةً إلى إجراء إدارة ترامب والسعودية من وراء الكواليس مفاوضات مكثفة بقيادة مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وبحسب الصحيفة، فإن أحد أهداف إدارة ترامب الرئيسية هذه الأيام تتمثل في وضع إطار ومبادئ للناتو الإسلامى السني، ما يمهد الطريق أمام هيكل تنظيمي شبيه بحلف الناتو.

وقال الباحث بمركز التقدم الأمريكي بريان كاتوليس: «يتطلع العديد من الشركاء الأمنيين للولايات المتحدة لمثل هذه الخطوة منذ سنوات.. قيمة هذا الاتفاق تعتمد على نتائج ما ينتج عنه- من خلال تحقيق مزيدًا من الاستقرار، وحل النزاعات في دول مثل اليمن وسوريا، وتحقيق تقدمًا في مكافحة الجماعات الإرهابية في أنحاء المنطقة».

ورأت الصحيفة أن الجزء المؤكد في فكرة «ناتو العرب» هو حزمة الأسلحة الكبيرة للسعودية التي سيعلن عنها ترامب في الرياض بقيمة تتراوح ما بين 98 مليارًا إلى 128 مليار دولار أمريكي.

المراقبون يؤكدون أن الموقف المصري من التحالفات العسكرية ثابت لا يتغير على مدار تاريخها الحديث والمعاصر، من منطلق مصالحها القومية وثوابتها الوطنية؛ لذلك من المستبعد أن تشارك مصر في تحالف عسكري جديد، خاصة إذا كان تحالف أساسه الصراع المذهبي في المنطقة. 

 

دونالد ترامب
دونالد ترامب
 
 
اقرأ أيضًا: 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق