فرتكة الهوية
الأحد، 14 مايو 2017 09:05 صمدحت جاد الكريم
من حوالى ثلاث عشرة سنة دعيت إلى فرح شاب وفتاة زميلين فى العمل.
كانا فقراء كأغلب الشعب الذى يضمنا جميعا.
قاما ليحتفلا وسط المدعوين وراقبت المنظر من بعيد كان طبيعيا أن يرقصا ويغنيا غناءً شعبياً.
ما لم يكن طبيعيا فى نظرى هو طريقة رقص العريس لقد ابتعدت عما هو مألوف من رقص الرجال.
الفتى لم يكن من الفتية الناعمة الطرية كان رجلاً بمعنى الكلمة ولكنه حين رقص لم يكن يعبر عن رجولته كالمعتاد.
هز صدر وحركات غير مألوفة.
لم يغب المشهد عن عينى من وقتها وبدأت أتابع رقص الرجال والنساء حتى خرج الرقص عن كونه فنا تعبيريا بلغة الجسد موقع على موسيقى إلى حركات لا تعبر عن أى شىء مطلقا.
لا تصدق؟
حسنا شاهد أى مغن شعبى فرتكة ومن ورائه فرقته الراقصة واجعل التليفزيون صامتا ركز على حركات الفرقة ما الذى سوف تراه؟ لا شىء جنون لا فرق بين رجل وامرأة!
ما زلت لا تفهم؟
كرر الشىء نفسه مع أى راقصة قديمة فرقة رضا أو سهير زكى أو محمود رضا.. أى فن شعبى هل رأيت الفرق؟
الراقص فى الحالة الثانية يعبر عن شىء ما، جسده متوحد مع الموسيقى حتى إن غابت الموسيقى عن سمعك لسمعتها بعينيك!
هذا «اللا شىء» الذى رأيته فى الحالة الأولى هو نتيجة مباشرة لتآكل الهوية الثقافية لمصر.
هذا التآكل سترى أعراضه فى كل شىء..
ستسمع القرآن بأصوات مقرئين الخليج فى كل مكان بدلا عن كبار المقرئين المصريين، بل وسترى فى كثير من المساجد من يقلد طريقتهم فى القراءة.
فى الأمثال الشعبية.
فى الملابس حدث ولا حرج.
فى الطعام أكلات اندثرت ولم نعد نأكلها ولا يعرف طريقة طبخها أحد.
فى السلوك الموروث ومعاملات البشر فى العام والخاص.
ألعاب الأطفال فى الشارع.
فى مواعيد فتح الأعمال والمحال.
فى لقب المعلم فى المدرسة مستر بدلا من أستاذ.
كل شىء.
أنا لست متخصصا فى علم الاجتماع والنفس، ولكن ما أراه لا يبشر بخير.
مدير حسابات