مثقفون: يوسف زيدان «مزيف»..ويدس أنفه فيما لا يعنيه
السبت، 13 مايو 2017 11:16 ص
الكثير من الشخصيات غالبا ما تكون محط أنظار الجميع بسبب تصريحاتها المثيرة للجدل، آخرهم يوسف زيدان الذي دأب على إثارة مسائل خلافية مثل قوله أن القدس لا تمثل قداسة للمسلمين كما خرج علينا مؤخراً لينال من البطل التاريخي صلاح الدين الأيوبي من خلال حواره مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج «كل يوم»، عبر قناة «ON E»، واصفًا صلاح الدين بـ«أحقر شخص في التاريخ» وأن قصة صلاح الدين مليئة بالمغالطات التاريخية.
وأكد زيدان أن صلاح الدين ارتكب أفظع جريمة إنسانية بمنع الفاطميين الذين حكموا مصر 250 سنة من التناسل عندما قام بعزل الذكور بداية من المولود وحتى الرجال في عمر 100 عام في منطقة بعيدًا السيدات، بحيث لا يروا أنثى حتى يقطع نسلهم، كما اعتبر أن قصة «وإسلاماه» التي يتم تدريسها في مناهج وزارة التربية والتعليم تزيد العنف عند الأطفال، بالإضافة إلى حرق مكتبة القصر الكبير .
رواية عزازيل والتى واجه زيدان الكثير من الهجوم والانتقادات بسببها منذ إصدارها عام 2008، رغم حصولها على جائزة «بوكر» العربية سنة 2009، وكذلك جائزة «أنوبي» البريطانية لأفضل رواية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية سنة 2012.
أول الأزمات التي أثارتها الرواية مع الكنيسة المصرية، خاصة وأنها تناولت قصة راهب ولد فى مصر في القرن الخامس وشهد الخلافات بين المسيحيين الأوائل، مما اعتبره البعض تدخلًا في شؤون العقيدة المسيحية، أبرزهم الأسقف بيشوى سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية، الذي قال إن زيدان يريد هدم العقيدة المسيحية الحقيقية، والتدخل في الأمور المسيحية الداخلية.
ولم يتوقف زيدان عند تلك التصريحات فقد علّق على الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج،قائلا أن الإسراء قصة مذكورة في القرآن، ولكن المعراج قصة روجها القصاصون في القرون الأولى،مضيفا «زى ما الناس بتقعد في القهاوي دلوقتى وبيحكوا حاجات»، وهو ما أثار جدلًا كبيرًا وقتها، إلا أنه لم يكن جديدًا في الحقيقة، بل ذكره من قبل في مقال له تم نشره في صحيفة «المصري اليوم» تحت عنوان «أسئلة الإسراء السبعة»، قال فيه “إن المعجزة هي أمر خارق للعادة، تكون للنبي أو الرسول عند تكذيبه وتحديه من قبل معاصريه، فتجرى المعجزة على يديه كدليل على صدق نبوته أو رسالته أو كونه جامعًا بين النبوة والرسالة، وهذا لم يحدث في الإسراء والمعراج، فلم يشهدها أحد المعاصرين للنبي”.
ولم يتوقف زيدان عند ذلك الحد بل هاجم المملكة العربية السعودية من خلال أحد الندوات حيث قال أن منطقة الجزيرة العربية لم تشهد قيام حضارة قبل الإسلام، وأن سكانها كانوا مجرد «سراق إبل»، وأنه لم يوجد بها عالم لغة عربية واحد، وهو ما أثار حالة من الجدل تمت على أثارة شن هجوم حاد علية من بعض دول الخليج وخاصة السعودية، مما أدى لتدخل هيئة السياحة والتراث الوطني السعودية للرد عليه، واصفةً إياه بـ«الجاهل»، مؤكدةً أن من يشكك في ثقافة أبناء الجزيرة العربية وعمق تاريخهم «يجهل أو يتجاهل سبقهم في تطوير الحرف العربي المميز الذي لا نزال نكتب به حتى الآن».
من جانبه قال الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس المتخصص في علم الوثائق إن الهجوم الذي تبناه يوسف زيدان ليس له ما يبرره لأنه غير متخصص، وأن مشكلة التاريخ أنه حمَّال عدة أوجه وبالتالى من الممكن أن نجد أكثر من تفسير لعدة وقائع تاريخية، فهناك فارق بين الاختلاف في تفسير الوقائع التاريخية وبين تشويهها أو تطويعها لغرض في نفس «زيدان» الذي شن هجوماً كبيراً على شخصية القائد العربي صلاح الدين الأيوبي.
وتابع شقرة:«زيدان يهاجم التراث العربي والإسلامي، وكذلك التاريخ المصري والرموز القومية التي لعبت دوراً مهماً في تاريخنا، وسيظل وكذلك رموزاً أخرى جديدة ولن يقتصر هجومه على صلاح الدين؛ لكنه سيمتد في الأيام القادمة إلى شخصيات أخرى في محاولة منه لتزييف تاريخ، تلك الرموز وجميعنا يعلم أنه بعد معاهدة كامب ديفيد هناك أيادٍ تعبث بالتاريخ وتمتد إليه لتزيفه، ونحن نعلم ما حدث من تغيير بعض الآيات فى مناهج التربية والتعليم وهى الآيات التى تتعلق بالصهيونية العالمية بجانب استبدال بعض كلمات مثل الصراع بالمنافسة والتنافس فيما يتعلق بقضايا عروبية مثل فلسطين، وهناك فارق بين الصراع والتنافس والصراع والاستعمار، وهذا ما يمشى عليه يوسف زيدان بخطيٍ ثابتة من هجومه المتكرر والمباغت لتلك الرموز والشخصيات التى غيَّرت وجه التاريخ».
كما أكد الدكتور أيمن فؤاد سيد، أستاذ التاريخ الإسلامي، رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، مدير مركز تحقيق النصوص بدار الكتب والوثائق القومية، أن صلاح الدين الأيوبى لم يحرق مكتبة القصر الكبير مثلما ادعى يوسف زيدان، بل إن صلاح الدين عرض تلك المكتبة للبيع، وذلك بعد أن قال له العلماء والمتخصصون، إن هذه الكتب تسهم في اتساع الفجوة بين المسلمين؛ بسبب احتوائها على كتب ترسخ للفكر الشيعى، فما كان منه إلا أن عرضها للبيع دون المساس بها، فاشترى القاضى الفاضل 100 ألف مجلد، واشترى العماد الاصفهانى 100 مجلد، وأرسلها إلى الشام، واستغرق بيع تلك المكتبة عشر سنوات، وما قيل عن إحراقها كلام غير دقيق على الإطلاق.
من جانبها قالت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن صلاح الدين الأيوبى شخصية تاريخية لها ما لها وعليها ما عليها، غير أن العلم لم يأمر بالتطاول، وحتى فى أدبياتنا الشعبية دائما نقول «اذكروا محاسن موتاكم»، فكيف يكون الحال مع قياداتنا التاريخية وأعلامنا.
وأشارت النائبة البرلمانية، إلى أن القيادات التاريخية للأمة أدت ما عليها ولقت ربها، وليس هناك داع للخوض في سيرتها بهذا الطرح، وعلى هذا النحو، بل ليس لنا أن «ندس أنوفنا» في كل شئ، ونستدعى حقب تاريخية طويت بكل ما فيها دون مبرر، كما يحدث الآن.
وأبدت نصير تعجبها من ما اسمته «فوبيا استدعاء الأمور الجدلية»، قائلة أن الأوضاع لا تحتمل استدعاء أمور تضر أكثر مما تنفع، والخوض فيها لن يقبل نفعا، بل ليس من فقه الأولويات.