الحب في الوحل
الثلاثاء، 09 مايو 2017 11:15 م
نعيش كل شيئ وعكسه.. واقعا وحلما.. تطاردنا أشباح خطايانا لتدعونا لنشوة الحرام، ونحن في قمة جهاد نفسنا الأمارة بالسوء تقربا إلى الله، نتشدق في الصفحات العامة للتواصل الاجتماعي وجروبات الواتس والماسنجر بإجمل مايؤكد حبنا للفضيلة والقيم وطاعة الله، ونبحث في رسائلنا الخاصة جدًا عن من يقاسمنا الخطيئة ولحظات ترضية الشيطان، نعيش الإيمان وحب الشيطان ونتجمل بالفضيلة ونمارس الرزيلة في آن واحد، ازدواجيتنا المرضية ندمن التكيف معها، ولم نعد نستشعر حرجا في ممارستها، فطفحت الشوارع بشباب يطلقون اللحي ويقرؤون آيات القرآن واصحاحات الإنجيل وهم يرتدون البنطلونات الساقطة وسروالاتهم الداخلية لا تسترعوراتهم الخلفية، وفتيات يرتدين الحجاب الكذاب (7 طبقات وقبة) مع بلوزات تكاد تتمزق من ضغط ما تحتها من لحم يكذب أي ادعاء للفضيلة و«استرتشات» تحدد كل ما تحتها من خريطة اللحم الرخيص.
ازدواجيتنا المزمنة تتجسد واقعا في التصاعد المرعب لنسب الطلاق حيث رصد الجهاز المركزى للإحصاء، طلاق 40% من حالات الزواج التي تمت في الخمس سنوات الماضية، بما يعني أن هناك 20 حالة طلاق في الساعة الواحدة، بما يعادل 170 ألف حالة سنويًا، وهناك أكثر من 9 ملايين طفل يتم تربيتهم بعيداً عن الأبوين، وتلقت محاكم الأسرة 89459 دعوى طلاق و90 ألف دعوى خلع خلال عام 2016، ولا أحد يستطيع حصرعدد عوانس مصرمابين 35 و45 عاما وعدد الخالعات وخريجات الزواج العرفي، حتي أصبحت فوضي العلاقات «الروماجنسية» تزكم الأنوف في كل خطوة.
نسب الطلاق المرعبة، نهاية صنعتها بدايات مهلهلة لعلاقات عاطفية تتجلي فيها كل معاني الإزدواجية، فلاعمرللعواطف لأنها تولد مبتسرة،فأصبحنا نحب بنصف احساس وربع اخلاص وما تيسرمن مودة، وهناك دائما قوائم للرجال المطلوبين في دوائر كل فتاة وامرأة، يتبدل ترتيب كل منهم صعودا وهبوطا حسب تغير هدف اللحظة والمرحلة، والسلاح الأرخص والأكثر فاعلية، العواطف المشبعة بدراما المسلسلات التركية، والكثيرمنهن الآن يعشن بنظرية عواطف «خالتي أم لطفي» لديهن «زربيقيد ويطفي» ويغير المحطة كمان والمشكلة أن هذا الزر«بيعلق كتير» ويقف علي موجة صوت «خد وقتك وفوت قبل ما تترزع شلوت».
عبرت خالدة الذكرآمال ماهرعن هذه الحالة بأغنيتها التاريخية «يلا بالسلامة وخد الباب وراك» فهل فقدنا بوصلة الخيروالحق والفضيلة مع تشبع دمائنا بالمتناقضات؟.. وهل أغرقت خطايانا طريق العودة للتصالح مع النفس ولم يعد أمامنا إلا السباحة في الوحل لنتنفس ونعيش؟.