«نعم» لتطوير الأزهر.. «لا» لهدمه

الثلاثاء، 09 مايو 2017 12:00 م
«نعم» لتطوير الأزهر.. «لا» لهدمه
الإمام الأكبر أحمد الطيب
حمدى عبد الرحيم

مشروع قانون يطالب بإغلاق المعاهد الأزهرية 15سنة! .. القضاء الإدارى يرفض دعوى تنادى بعزل الإمام الأكبر.. المحتفلون بعيد العمال يقابلون «الطيب» بعاصفة تصفيق وهتافات ترحيب 
فضيلة الإمام محصن بالدستور وغير قابل للعزل وهو ليس مخاطباً بقواعد اختيار شيخ الأزهر التى سيتم تطبيقها على من يخلف الإمام الحالى
رغم أن المادة واضحة وضوح شمس الظهيرة فإن سيادة النائب محمد أبو حامد يعتزم التقدم بمشروع قانون إلى البرلمان لإعادة تنظيم الأزهر وهيئاته.
استوقفنى فى قانون النائب محمد أبو حامد ما أشار إليه بالتضمين وما ألح عليه غيره بالتصريح، هو أن دراسة العلوم المدنية أو العلمية أمر طارئ على تكوين الأزهر يجب إيقافه، وتلك واحدة من الأعاجيب التى يجب أن تقف فى حلق العاقل مثل شوكة فلا يبتلعها لأن وراء الأكمة ما وراءها.
إن تدريس العلوم غير الدينية فى الأزهر قديم جدًا، بل مرتبط بنشأة الأزهر، فلم يكن هناك تعليم منتظم سوى فى الأزهر الذى كان طلابه يدرسون كافة العلوم، ويكفى أن نشير إلى فضيلة الإمام الأكبر محمد العروسى.
الشيخ الرابع عشر فى قائمة شيوخ الأزهر، الذى تولى المشيخة بين عامى 1818 و1829، حيث سعى إلى إدخال علوم الطب والكيمياء والطبيعة، لتشكل جزءا من المناهج التعليمية للأزهر.
وبعد الشيخ العروسى جاء الإمام الشيخ حسن العطار، الذى تولى مشيخة الأزهر فى الفترة بين 1830 و1834، وكان العطار صاحب مؤلفات فى الفلك والطب والتشريح، وكان تلاميذه من نوعية رفاعة رافع الطهطاوى، ومحمد عياد الطنطاوى، الذى سجل فتوحات علمية فى مصر وخارجها حتى استقر به المقام فى روسيا فبهر الروس.
ومع هذا التبيان يمضى مشروع محمد أبو حامد داعيًا لجعل الأزهر جامعة لثلاث كليات فقط هى اللغة العربية والشريعة والقانون وأصول الدين، أما باقى الكليات فهو يقترح إنشاء جامعة تحمل اسم الإمام الشيخ محمد عبده لتكون حاضنة لها ولا علاقة لها بالأزهر.
إذا حاولت معرفة سبب تلك الدعوة، فلن تظفر بسبب يخاطب العقل ويطمئن إليه الوجدان، أقول ذلك ولا أفتش فى النيات فعلمها عند ربى، ولكن تظل هناك علامات استفهام يجب التوقف عندها.
من علامات الاستفهام أن الشيخ الحالى للأزهر فضيلة الإمام الطيب محصّن بالدستور وغير قابل للعزل، وهو ليس مخاطبًا بقواعد اختيار شيخ الأزهر التى سيتم تطبيقها على الشيخ الذى سيخلف الإمام الحالى، وتلك القواعد تقول: «تختار هيئة كبار العلماء لمنصب شيخ الأزهر ثلاثة من بين أعضائها الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة بشأن شيخ الأزهر عن طريق الاقتراع السرى فى جلسة سرية يحضرها ثلثا عدد أعضائها، ثم تنتخب الهيئة شيخ الأزهر من بين المرشحين الثلاثة فى ذات الجلسة بطريق الاقتراع السرى المباشر ويصبح شيخا للأزهر إذا حصل على الأغلبية المطلقة لعدد أصوات الحاضرين، ويباشر عمله– شيخا للأزهر- باعتماد تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية».
تلك كانت القواعد فلماذا يتحدث قانون أبو حامد عن تحديد ولاية شيخ الأزهر بستة سنوات (هكذا فى الأصل ستة وليس ست سنوات) ويجوز إعادة انتخابه بعد انتهاء ولايته لمرة واحدة فقط، وقبل موعد انتهاء ولاية شيخ الأزهر بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر تبدأ إجراءات انتخاب الشيخ الجديد، طبقًا للإجراءات والشروط الواردة فى المادة الثالثة من هذا القانون.
أما عن تشكيل هيئة كبار العلماء، وهى إحدى هيئات الأزهر المهمة فإن تشكيل أبو حامد لها يجعلها خاضعة للجهة الإدارية بما يفرغها من مضمونها وينزع عنها صلاحياتها، لأنها تضم خليطًا من الناس بزعم أن الجميع علماء لهم حق الفتوى فى أمور الدين والدنيا.
ثم فجأة يتحدث المشروع عن ضرورة إيقاف: «الشروح والتفاسير اللا إنسانية، واللاعقلانية، وتلك التى يُساء ويصعب فهمها».
ما معنى هذه الجملة التى تبدو طائرة، بينما هى على حقيقتها من أحجار زاوية المشروع؟.
سأضرب لك أمثلة عن الأشياء التى سيقال إن العقل يرفضها، ثم فى ضوء الأمثلة ستفهم حقيقة جملة المشروع.
هل يقبل عقلك الآن رحلة الإسراء والمعراج؟.
هل يقبل عقلك أن رجلًا أميًا نزل عليه كتاب هو إعجاز بلاغى؟
هل يقبل عقلك أن رجلًا ولدته فتاة بكر لم يمسسها بشر، ويدعو الناس إلى الله بفصاحة وهو رضيع فى مهده؟.
هل يقبل عقلك أن رجلًا خلق من الطين كهيئة الطير ونفخ فيه فأصبح طيرًا؟.
عقلى أنا وقلبى أنا يقبلان تلك الأمثلة وما هو فوقها، وقد يرفض عقلك أنت هذه الأمثلة، والأزهر يدرّس ويؤمن بهذه الأمثلة، فما الحل؟.
الحل لن يكون سوى بحذف تلك الأمثلة من المناهج، وترك كل إنسان وعقله!.
فهل نحن أمام مشروع تطوير وتنظيم، أم أمام مشروع نسف وإعادة رسم؟.
عملية التطوير لم تقف عند هذا الحد فقد مضت بعيدًا حتى وصلت إلى المطالبة بإيقاف التعليم فى المعاهد لمدة 15سنة تبدأ من يوم تطبيق القانون!
فإن صبر الناس على هذا التعطيل وجدوا أمامهم شروطًا قاسية جدًا منها أن يكون سن التلميذ الذى يحق له الالتحاق بالسنة الأولى الابتدائية 12سنة، وأن يكون حافظًا للقرآن الكريم كله قبل الالتحاق بالدراسة الابتدائية!
 الحقيقة هذا تجفيف واضح لا لبس فيه لمنابع التعليم الأزهرى.
ثم والحال كما ترى يشاء ربك أن يزور بابا الفاتيكان مصر فى واحدة من أنجح الزيارات التى شهدتها البلاد فى الفترة الماضية، ويلقى فضيلة الإمام الأكبر خطابًا يحصد إعجاب الملايين، وفى أجواء الزيارة يحل عيد العمال، ويكون فضيلة الإمام الأكبر أحد المدعوين، فيقابل بعاصفة ترحاب صادق لا نفاق فيه، وتهتز قاعة الاجتماع بهتاف الحاضرين: «أزهر / أزهر»، فيضع صاحب الفضيلة يديه على رأسه فى رد صعيدى للتحية، وكأنه يقول للحاضرين تحيتكم فوق رأسى.
فهل قرأ سيادة النائب صاحب المشروع هذا الالتفاف حول الإمام وأزهره؟.
ثم تنشر الزميلة «اليوم السابع» على صفحتها الأولى فى العدد الصادر يوم الاثنين الأول من مايو أن عددًا من النواب الذى وقعوا على مشروع قانون النائب محمد أبو حامد قد سحبوا توقيعهم، وقال أحد الذين سحبوا توقيعهم وهو النائب حاتم عبد الحميد:  «أنا وقعت للزميل أبو حامد علشان بحترمه وبعزّه، لكن مكنتش أعرف إن القانون يمس شيخ الأزهر».
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق