انفراد.. 8 آلاف وثيقة تكشف مؤامرة داعش في مصر.. مناهج التطرف (الحلقة الرابعة)
الخميس، 04 مايو 2017 11:50 ص
تواصل «صوت الأمة»، نشر أسرار أكبر مخطط تآمرى أعده تنظيم «داعش»، لاستهداف الأمن القومي المصري، وتكشف عنه 8 آلاف وثيقة رسمية ننشر محتواها على حلقات متتالية، تتضمن بنود المؤامرة التي أحبطها قطاع الأمن الوطني.
تأسيس داعش في مصر
في الحلقة الأولى، تناولنا تفاصيل مبايعة قيادات جماعة أنصار بيت المقدس المتواجدين خارج سيناء، لأمير «داعش» أبو بكر البغدادي، والاتفاق على تأسيس نواة تنظيمية داخل مصر، وأزمة توفير أماكن التدريب.
انفراد.. 8 آلاف وثيقة تكشف أكبر مؤامرة لـ «داعش» في مصر.. التأسيس (الحلقة الأولى)
مرتزقة داعش فى مصر
وفي الحلقة الثانية، تناولنا أسرار تشكيل 21 خلية عنقودية ضمت 151 إرهابيا، وقرار إرسال المقاتلين للتدريب في سوريا وليبيا.
انفراد.. 8 آلاف وثيقة تكشف أكبر مؤامرة لـ«داعش» في مصر.. «مرتزقة» (الحلقة الثانية)
المخابرات التركية وداعش
وفي الحلقة الثالثة، كشفت قيادات التنظيم المحلى عن استقبالهم فى معسكرات داعش بدولتى ليبيا وسوريا، حيث خضعوا لدورات تحت إشراف قيادات مقربة من دائرة أبو بكر البغدادى، وعلى اتصال بالمخابرات التركية.
انفراد.. 8 آلاف وثيقة تكشف مؤامرة داعش في مصر.. التخابر مع تركيا (الحلقة الثالثة)
مناهج داعش
فى حلقة اليوم، نتناول ما كشفت عنه اعترافات قيادات تنظيم داعش، الذين وقعوا فى قبضة الأمن الوطنى داخل مصر، التى تضمنت معلومات تفصيلية عن دورات شرعية خضعت لها العناصر المحلية خلال استضافتها بمعسكرات سوريا وليبيا، ومناهج دينية تم تلقينها بواسطة كبار مسؤولي الملف الدينى فى خلافة أبو بكر البغدادى، فضلا عن الدورات العسكرية.
منهج داعش الشرعى
أقوال كوادر التنظيم فى مصر كشفت عن ماهية برامج التلقين التى يخضع لها المقاتلين فى معسكرات داعش، لخلق عنصر مقاتل يستحل كل الدماء، وينتهج كل الأعراف والقيم الدينية والإنسانية، تحت مزاعم الطمع فى جنات الله والزواج من الحور العين.
يقول «أ. خ. ز»، أحد مسئولى الملف الشرعى والدينى للتنظيم المحلى داخل مصر، أنهم أثناء تواجدهم فى معسكرات تنظيم داعش بالعراق والشام، خضعوا جميعا لدورات التأهيل الشرعى والتلقين الدينى لإعداد جميع العناصر على هدف واحد يسمى «الخلافة الإسلامية» يستطيع الفرد أن يرتكب جميع المحرمات فى سبيل تحقيقه حتى لو كانت دماء المسلمين، ودور العبادة الإسلامية، وهذا يراه عوام المسلمين فى كل الدول التى يسيطر التنظيم الإرهابي على أراض فيها مثل سوريا والعراق وليبيا.
منهج داعش الفكرى
يعتمد المنهج الفكرى لداعش على عدة محاور لتأهيل أفراده حتى يكونوا على أهبة الاستعداد للانتحار باسم الدين، لكن قبل التأهيل تخضع العناصر لعملية مسح عقول، وزرع مفاهيم دينية تتمحور جميعها حول «الحاكمية» لا تعاليم الإسلام الحقيقية، فلا حرمة لأى مخلوق فى سبيل تنفيذ أوامر القيادات المؤلهة.
كتاب ملة إبراهيم
محاور التأهيل الفكرى والشرعى تبدأ بكتاب ملة إبراهيم، الذى يحمل اسم الشيخ أبو محمد المقدسى، أحد كبار منظرى تنظيم القاعدة السابقين، رغم خلافه مع تنظيم داعش إلا أنه كتابه يمثل مرجع تكفيرى لعموم المسلمين تستند إليه جميع التنظيمات الجهادية لبدء مرحلة التلقين الشرعى قبل العسكرى.
كتاب ملة إبراهيم الذى كفر فيه المقدسى حكام المملكة العربية السعودية، ثم صار مرجعا لكل الجماعات التكفيرية، يتحدث عن دعوة نبى الله إبرهيم «عليه السلام»، وأن التوحيد دعوة جميع الأنبياء والمرسلين، ويحمل الكتاب عنوان «ملة إبراهيم.. ودعوة الأنبياء والمرسلين.. وأساليب الطغاة فى تمييعها وصرف الدعاة عنها».
يزعم الكتاب فى صفحاته البالغ 78 انحراف حكام البلاد العربية والإسلامية عن شرع الله، واستبدال شرائع الدين الإسلامى بأحكام ودساتير وضعية، وهو ما يتنافى مع دعوة التوحيد التى أرسل الله من أجلها الأنبياء، وأن توحيد الله يبدأ بالتبرأ من الحاكم والقوات المسلحة ومؤسسات الدولة وإعلان كفرهم.
دينهم التكفير فقط
يبدأ الكتاب الأول فى دورات التلقين الشرعى برسالة إلى الجيوش والحكام والأجهزة الأمنية تقول «إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ)، من هنا تخترق العقول تحت مزاعم تصحيح دعوة التوحيد الإلهى، وأن الدين الإسلامى يقوم على قاعدتين أولهما عبادة الله وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك والموالاة فيه وتكفير من تركه، والإنذار عن الشرك فى عبادة الله والتغليظ فى ذلك والمعاداة فيه وتكفير من فعله.
ويسير الكتاب فى فصوله على نهج واحد يبدأ بالحديث عن دعوة نبى الله إبراهيم، والتوحيد، حتى يصل لآيات الحاكمية، ثم ينتقل إلى مرحلة التطبيق على الواقع واستبدال عبدة الأصنام بالحكام فى الدول العربية، والمشركين والمرتدين بأعضاء الجيش والشرطة والعاملين فى مؤسسات الدولة، تحت مزاعم عدم تطبيق شرع الله، ومن ثم يتنقل الفرد لفرضية تمثل هدف التنظيم، تدور محاورها حول ضرورة الصدام مع السلطات فى مصر والدول العربية لإسقاط حكامها.
إدارة التوحش
عقب الانتهاء من تلقينهم محتوى كتاب ملة إبراهيم، ومسح عقول العناصر ودفعهم لتكفير كل من لا ينتمى لخلافتهم المزعومة، وإنزال أحكام الكفر على كل من امتنع عن مبايعة الخليفة أبو بكر البغدادى، ينتقل المنهج إلى كتاب «إدارة التوحش.. أخطر مرحلة ستمر بها الأمة».
كتاب إدارة التوحش، يمثل مرجعا أساسيا فى أدبيات التنظيمات التكفيرية، حيث ورثه تنظيم داعش عن القاعدة، ويقوم على استغلال دروس التكفير خلال دراسة كتاب ملة إبراهيم، لتلقين العناصر فرضيات سياسية ستمر بها الأمة الإسلامية لإقامة دولة الخلافة.
محتوى كتاب إدارة التوحش يقوم على 3 فرضيات يؤمن بها تنظيم داعش، الأولى تسمى مرحلة جهاد النكاية التى تعتمد على الإرهاب فقط ونشر الذعر والترويع، تحت مسمى دفع الصد عن سبيل الله، والدفاع عن المسلمين المستضعفين فى الأرض، والثانية هى أن تعم الفوضى في البلدان الإسلامية ومن ثم اتخاذ القطر الذى تعم فيه الفوضى ساحة للقتال وإدارة التوحش وتوظيف الظروف لصالح التنظيم، حتى الانتقال للمرحلة الثالثة المتمثلة فى التمكين وتأسيس الدولة الإسلامية.
ويكشف القيادى بتنظيم داعش «م. ج. ز» فى أقواله أمام الجهات الأمنية والقضائية المختصة، أن دورات التلقين الشرعى التى خضع لها المقاتلين المصريين فى سوريا وليبيا، اعتمدت على تكفير الحاكم لعدم تطبيقه شرع الله، وتكفير رجال الجيش والشرطة والعاملين فى مؤسسات الدولة، ومن ثم استحلال دمائهم وأموالهم.
نشر الفوضى
مرحلة جهاد النكاية فى مصر التى لقنها عتاولة التكفير فى تنظيم داعش للعناصر المصرية، تحدثت عن ضرورة القتال لنصر المستضعفين حتى يصلوا لمرحلة التمكين، وتستهدف مرحلة النكاية إنهاك قوات الجيش والشرطة بعمليات إرهابية وانتحارية متتالية، تعمل على تشتيت جهودها وجعلها لا تستطيع أن تلتقط أنفاسها، الأمر الذى ستظهر نتائجه على المدى الطويل، وجذب شباب جُدد للانضمام للتنظيم بتنفيذ عمليات إرهابية مثل تفجير المنشآت الأمنية، واغتيال كبار القادة فى الجيش والشرطة، وخلق مسرح عمليات فى المناطق الخارجة عن السيطرة الأمنية، واتخاذ الظهير الصحراوى فى مصر ملاذا أمنا للمقاتلين والانطلاق منها نحو الأهداف.
بعد مرحلة النكاية وتنفيذ العمليات الإرهابية ضد قوات الجيش والشرطة فى مصر، واتخاذ مناطق ذات طبيعة وعرة مثل الصحراء الغربية، وشبه جزيرة سيناء، مسرحا للانطلاق وتنفيذ العمليات، وخلق معركة مع الأجهزة الأمنية، يستهدف التنظيم الانتقال إلى المرحلة الثانية وهى نشر الفوضى، واستغلال الظروف الأمنية فى تأسيس إمارات وولايات تتبع تنظيم داعش الأم داخل مصر بخلاف ما يسمى بـ «ولاية سيناء».
التأكيد على التكفير
اعترافات مسؤول الملف الشرعى للتنظيم فى مصر، أكدت أن دورات التلقين تضمنت التأكيد على الأفكار التكفيرية فى عقول العناصر بعد دراسة كتاب إدارة التوحش، بتناول سلسلة مقالات تحمل مسمى «الإيضاح والتبيين فى حكم من شكك فى كفر الطواغيت والمرتدين»، تتحدث عن أن إعلان تكفير الجيش والشرطة فى مصر والدول العربية من أعظم أركان توحيد الله، لينتقل إلى حكم المشاركة فى الانتخابات البرلمانية والعملية الديمقراطية باعتبارها شركا بالله، واستبدال لشريعة الإسلام بقوانين ودساتير وضعية، وأن البرلمان يشرع من دون الله ويناطح الله فى ملكه، ما يستوجب القتال ضد النظم المطبقة للديمقراطية باعتبارها أنظمة وحكام مرتدين عن دين الإسلام، ومن ثم أيضا تحريم الانضمام للجيش والشرطة بوصفهم أجهزة الردة.
تكفير الشيخ محمد حسان
وأوضح المتهم خلال استجوابه، أن قيادات داعش فى سوريا كلفوا المسؤول الشرعى عن إعداد المقاتلين المصريين، بتلقينهم محتوى سلسلة مقالات تحمل مسمى «سراب الترجعات وأسراب المتساقطين»، مضمونها يقوم على تكفير جميع العلماء والمشايخ والأئمة الذين لا يعملون تحت راية خلافة البغدادى، ووصفهم بالمرتدين أيضا.
وقال إن التنظيم أعلن كفر شيوخ الدعوة السلفية فى مصر، وفى مقدمتهم الشيخ محمد حسان، وأقنع العناصر المصرية بأن محمد حسان له محاضرات سابقة على شبكة الإنترنت قرر فيها أن وصف العمليات الاستشهادية بالانتحارية كذب على الله، وأنها عمليات مشروعة، ثم انقلب على نفسه، ليؤكد مسؤول التلقين الشرعى فرضية تكفير الدعاة فى مصر وضرورة التحذير منهم واستهدافهم.
الإرهاب فى سيناء
تلقت العناصر المصرية فى معسكرات الإرهاب لداعش محاضرات شرعية وتاريخية، لتبرير ما يحدث من سفك للدماء وعمليات إرهابية فى سيناء، تضمنت تلقينهم بأن سيناء وفلسطين والشام هى أرض ملك المسلمين ليست ملك للحكومات أو القوميات، فتحها أجدادهم من الصحابة والتابعين، وأنه ليس لكافر أو مرتد مكان فى هذه الأرض.
وتناولت المحاضرة ضرورة طرد غير المسلمين من العريش وسيناء، بفتوى شرعية أصدرها تنظيم داعش، بأنه لا يجوز أن يطأ تراب هذه الأرض إلا مسلم أو ذمى أو معاهد، أما غيرهم فلا يجوز تواجدهم ووجب قتالهم فى مقدمتهم الجيش والشرطة والمتعاونين معهم.
للتأكيد على فكرة وجوب قتال الأجهزة الأمنية، وتنفيذ عمليات الاغتيال، وشرعنة إراقة الدماء والتفجيرات، تم تدارس كتاب «الباحث فى حكم قتل أفراد وضباط المباحث»، وإحياء سنة الاغتيال، يعتمد منهج الكتابين على وصف الرسول محمد «صلى الله عليه وسلم»، أنه أول من نفذ الاغتيال فى الدولة الإسلامية بأن أمر باغتيال كعب بن الأشرف، مستقطعين جزء من آية قرأنية وردت فى سورة التوبة «وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ»، لترسيخ عقيدة الاغتيال بأنها أمر إلهى.
هنا توقف التلقين الدينى بأن وصل التنظيم إلى زرع وترسيخ مفاهيم دينية خاطئة فى عقول ونفوس العناصر الخاضعة للدورات الشرعية، لينتقلوا بعد ذلك لتلقى الدورات العسكرية على كيفية تصنيع واستخدام المتفجرات والأسلحة وتنفيذ عمليات الاغتيال، وإدارة حرب المدن وتحويل الشوارع إلى ساحات قتال.
تابعونا فى الحلقة الخامسة.. «أسرار دورات داعش العسكرية للعناصر المصرية».