456 ساعة فاصلة تحسم مصير التيار الإصلاحي في «تمثيلية الديمقراطية الإيرانية»
الإثنين، 01 مايو 2017 07:02 م
قبل 456 ساعة فقط على انطلاق الانتخابات الإيرانية، تواصل الأزمات الداخلية تفاقهما، في ظل علاقات متوترة مع الجيران، ومع الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يلقي بظلاله على تحركات الأجنحة المتصارعة ما بين إصلاحيين، ومحافظين، ومتطرفين يقودهم المرشد الأعلى علي خامنئي.
وجاءت الضربات المتلاحقة التي تلقاها التيار الإصلاحي الإيراني، بوفاة الزعيم الأبرز في التيار علي أكبر هاشمي رافسنجاني، الرئيس الأسبق لإيران، ومعها منع الزعيم المحسوب على التيار الإصلاحي أيضا، محمد خاتمي، من الظهور، ومنع وسائل الإعلام من استخدام اسمه، أو صوره؛ لتعزز من فرص رجال المرشد للسيطرة على الحكم.
ولا يمنع زيادة فرص هذه السيطرة، القرار الذي اتخذه مجلس صيانة الدستور، خلال الفترة الماضية، بمنع الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من خوض السباق الانتخابي الحالي، إذ إن المرشحين الخمسة إلى جوار الرئيس الحالي، حسن روحاني، الذي من المقرر أن يدخل الصراع بعد موافقة مجلس صيانة الدستور، يمكنهم بكل يسر أن يؤدوا الأدوار المتطرفة التي يريدها المرشد الأعلى، من الرئيس الجديد.
والمرشحون الستة لخوض الانتخابات المقر لها 19 مايو الحالي، هم حسن روحاني، إبراهيم رئيسي، محمد باقر قاليباف، إسحاق جهانجيري، مصطفی هاشمي طبا، ومصطفی میرسالیم، وفق الترتيب الذي أقره مجلس صيانة الدستور، المسؤول القانوني عن الانتخابات الرئاسية.
تمثيلية الديمقراطية
وبالنظر إلى الأوضاع السياسية، والاقتصادية، التي ستجري فيها هذه الانتخابات، يمكن بسهولة وصف الأمر بأنه ليس سوى تمثيلية، يسعى من خلالها الملالي إلى إقناع العالم بأن بلاده تنعم تحت سيطرته، بانتخابات نزيهة، وناخبين يملكون اختيارهم بالفعل، لا سيما إذا علمنا بالتقسيمة التي ستجري عليها الانتخابات.
وبحسب المراقبين فإن وضع الرئيس الحالي، والمرشح لمدة أخرى حسن روحاني ضمن التيار الإصلاحي، يعد "دعابة سخيفة"؛ لأسباب عدة أهمها أنه لم يتخذ طوال فترة رئاسته الأولى، أي إجراء يدل على ميوله الإصلاحية، كما أن تاريخه الذي يكتظ بالجرائم في حق الشعب، كواحد من أبرز من اعتمد عليهم الخوميني في ترسيخ دعائم ثورته عام 1979؛ يجعله بعيد كل البعد عن الفكر الإصلاحي المعترف به دوليا.
ولا يختلف الأمر كثيرا، بالنظر إلى باقي المرشحين الإصلاحيين، إذ إن الخلفية العسكرية التي جاءوا منها، وما يتسم به الحرس الثوري الإيراني، والجيش النظامي هناك من شدة وبطش، وارتكاب للجرائم بحق المدنيين، يجعله أياديهم ملطخة بكل ما ينفي عنهم وصف الإصلاحيين.
وإذا كان هذا هو حال المرشحون الثلاثة المحسوبون على التيار الإصلاحي، "حسن روحاني، إسحاق جهانجيزي، مصطفى هاشمي طبا"، بخليفاتهم العسكرية، وأعمارهم التي تجاوزت الستين أو كادت، فإن الأمر على الجانب الآخر أشد وطأة، إذ إن المرشحين الثلاثة الآخرين يقدمون أنفسهم بوضوح على أنهم محافظون، لذا فإن "إبراهيم رئيسي، ومحمد باقر كليباف، والعجوز مصطفى ميرساليم"، يجعلون الناخب الإيراني، الراغب في أوضاع أفضل، كالمستجير من الرمضاء بالنار، وهو ما يؤكد أن الانتخابات الرئاسية في إيران ليست سوى تمثيلية ديمقراطية، لا واقع لها.
أزمات دولية متفاقمة
المثير في ملف الانتخابات الإيرانية المقبلة، بحسب المراقبين، أن أيا كان ما ستسفر عنه، فلن يكون للرئيس الجديد أي أثر يذكر على العلاقات الدولية المتفاقمة، سواء دوليا مع الولايات المتحدة الأمريكية، بشأن الملف النووي، أو إقليميا بسبب الأوضاع في سوريا، واليمن.
واكتسبت إيران، بعد التطورات الأخيرة، عداوات عدد كبير من الجيران، فضلا عن بعض القوى الدولية التي تتبنى وجهة النظر الأمريكية، وهو ما ينذر بمزيد من التدهور الداخلي؛ في ظل عدم قدرة الرئيس الجديد على فعل شيء يذكر إزاء السياسات المعاندة التي يتبعها المرشد، المتحكم الحقيقي في الشؤون الخارجية للبلاد، لا سيما إذا وضعنا في الاعتبار ضعف دور البرلمان لصالح مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي يسيطر عليه خامنئي.
وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية، في مقدمة الدول التي تعيش إيران معها علاقات متوترة وبخاصة بعد مجيء الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي أفصح غير مرة عن رغبته، في إلغاء الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه باراك أوباما مع الإيرانيين.
ويعزز من فرص هذا الاحتمال، ما يتردد حاليا عن استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم سرا، لصنع قنبلة نووية، بعيدا عن أعين المراقبة الدولية، ومجلس الأمن، بالتعاون مع زعيم كوريا الشمالية، المغضوب عليها من واشنطن.
كوارث داخلية
أما على الصعيد الداخلي فتعيش إيران أوضاعا حقوقية، واقتصادية، واجتماعية كارثية، وهو ما ليس منتظرا أن يتحسن في ظل الرئيس المقبل أيا كان اسمه؛ لإيمانهم جميعا بالعنف، والقسوة في مواجهة الجماهير، انطلاقا من خلفيات عسكرية، وتطرف ديني يتسمون به.
وعلى صعيد المناوئين للنظام، فإنهم يعيشون تحت وطأة محاكمات جائرة، ومذابح من الإعدامات ينفذها ضدهم النظام يوميا، فيما يعيش أكثر من 60 % من الشعب في فقر مدقع، وغياب للخدمات، التي باتت محصورة في الأحياء المهمة من العاصمة طهران، والأحياء الرئيسة بالمدن الدينية، مثل: قم، ومشهد.
من هم المرشحون الـ6؟
حسن روحاني
هو الرئيس الإيراني الحالي، ولد في مدينة سرخة التابعة لمحافظة سمنان عام 1948، من عائلة معروفة بالتدين والنضال التاريخي، وبدأ تعليمه الديني عام 1960 في الحوزة العلمية بمدينة سمنان، ومن ثم انتقل إلى مدينة قم عام 1961 ليحضر حلقات الدراسة لكبار علماء الدين، وبموازاة دراسته الحوزوية أكمل روحاني دراسته الأكاديمية حيث حصل على البكالوريوس في القانون من جامعة طهران عام 1972، ثم انتقل إلى الخارج لاستكمال دراسته، حيث حصل على الماجستير والدكتوراة من جامعة غلاسكو كالدونيان عام 1995 و1999.
دخل روحاني المجال السياسي صغيرًا، وكان الإمام الخميني مثله الأعلى، وفي عام 1965 بدأ في إلقاء الخطب المناهضة لحكومة الشاه، الأمر الذي أدى إلى اعتقاله عدة مرات ومنعه من إلقاء أي خطب علنية، ما دفعه إلى مغادرة البلاد، لكنه لم يتوقف عن إلقاء خطبه ومحاضراته العلنية أمام الطلاب الإيرانيين في الخارج، وعقب قيام الثورة الإيرانية عام 1978 وسقوط نظام الشاه، شارك روحاني في إعادة تنظيم الجيش الإيراني والقواعد العسكرية، وانتخب عام 1980 عضوًا في مجلس الشورى الإسلامي، وظل في البرلمان الإيراني لخمس ولايات متتالية ما بين 1980 و2000، وكان خلال ولايتين نائبًا لرئيس المجلس، كما ترأس لجنة الدفاع ولجنة السياسة الخارجية، وما بين 1980 و1983 ترأس لجنة الرقابة على الجهاز الإعلامي الوطني.
تنقل روحاني في العديد من المناصب العسكرية خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث قاد قوات الدفاع الجوي، ومع نهاية الحرب حصل على أوسمة عدة؛ تقديرًا لدوره، ومع تشكيل المجلس الأعلى للأمن القومي، شغل منصب ممثل قائد الثورة في المجلس، ثم أصبح أمين المجلس لمدة 16 عامًا بين 1989 و2005، كما عين مستشارًا للرئيسين رفسنجاني وخاتمي، للأمن القومي لمدة 13 عامًا، وفي عام 1991، عين في مجمع تشخيص مصلحة النظام كرئيس للجنة السياسة والدفاع والأمن في المجمع، وفي الانتخابات التشريعية عام 2000، انتخب روحاني ممثلًا لمحافظة سمنان في مجلس الخبراء، وفي عام 2006 مثل طهران في المجلس.
يمتلك روحاني شعبية كبيرة ليس فقط على الصعيد الداخلي في بلاده، إنما على الصعيد الدولي والإقليمي أيضًا، حيث يُعرف بدبلوماسيته التي أهلته لخوض مفاوضات شاقة استمرت لعدة سنوات مع دول أوروبية وغربية كبرى، لينتزع في النهاية اعترافا رسميا بحق بلاده في امتلاك برنامج نووي سلمي، ففي عام 2003، تولى حسن روحاني بطلب من الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، مسؤولية الملف النووي، حيث مثل إيران في المفاوضات مع الجانب الأوروبي، يعاونه في ذلك فريق دبلوماسي كبير، حتى تمكن – بعدما أصبح رئيسا- في منتصف يوليو عام 2015 من توقيع الاتفاق النووي التاريخي، ليُلقب في نهاية المفاوضات الشاقة بـ”الشيخ الدبلوماسي”.
إبراهيم رئيسي
سياسي ديني مُقرب من المرشد الأعلى، علي خامنئي، يرى فيه الكثيرون “حجة الإسلام والمسلمين”، ويُحسب على التيار المبدئي، وهو مدعوم من الجبهة الشعبية للقوى الثورية المبدئية، ويعتبر من النجوم الصاعدة في معسكر المحافظين، ومن أبرز المنافسين لروحاني.
ولد رئيسي في حي نوغان بمدينة مشهد عام 1960، ودرس الشريعة الإسلامية وحصل على دكتوراة في الحقوق، وتولى منصب النيابة العامة عام 1980 في مدينة كرج غرب طهران، ثم أصبح مدعي عام المدينة في العام ذاته، وفي عام 1985، تولى منصب نائب المدعي العام في طهران، وفي عام 1988 كلفه قائد الثورة الإيرانية “الخميني” بالبت في المشاكل القضائية بلرستان وكرمانشاه وسمنان، بالإضافة إلى العديد من الملفات القضائية المهمة، وبعد رحيل الخميني، تم تعيين رئيسي في منصب المدعي العام في طهران، بأمر رئيس السلطة القضائية، وبقي في هذا المنصب منذ عام 1989 حتى 1994، ومن ثم تولى منصب رئيس دائرة التفتيش العامة في إيران حتى عام 2004.
كان رئيسي منذ عام 2004 حتى 2014 المساعد الأول لرئيس السلطة القضائية، وفي عام 2014، تولى منصب المدعي العام في إيران حتى عام 2016، وفي نفس العام، عين في منصب “سادن الروضة الرضوية” وهي مؤسسة تتخذ من مشهد مقرًا لها، حيث يوجد ضريح الإمام الرضا، ثامن الأئمة المعصومين، بقرار من المرشد الأعلى، علي خامنئي، ويدرس رئيسي حاليًا مادة خارج الفقه في مدرسة نواب بمدينة مشهد، كما يدرس نصوص الفقه وقواعد فقه القضاء وفقه الاقتصاد في الحوزات العلمية في طهران وجامعات إيران، ولديه العديد من الكتب في الحقوق والاقتصاد والعدالة الاجتماعية.
على الصعيد الداخلي، قال رئيسي إنه سيعمل للحد من نسبة البطالة المتفشية في البلاد، أما على المستوى الدولي، أعلن موقفًا معتدلًا، مؤكدًا أنه يسعى إلى التواصل مع كل الدول شرط الاحترام المتبادل، ما عدا إسرائيل التي لا تعترف إيران بوجودها.
محمد باقر قالیباف
يعتبر من أبرز الوجوه السياسية على الساحة الإيرانية، حيث يشغل منصب عمدة طهران منذ عام 2005، وفي عام 2008، حصل على المرتبة الثامنة في تصنيف رؤساء بلديات العالم، وفي عام 2013، اختير وبإجماع الأصوات ليكون عمدة طهران للمرة الثالثة على التوالي، ويُحسب قاليباف على التيار المبدئي وهو مدعوم من الجبهة الشعبية للقوى الثورية المبدئية.
ولد محمد باقر قاليباف في منطقة طرقبة التابعة لمدينة مشهد في أغسطس عام 1961، وحصل على شهادة الدكتوراة في الجغرافيا السياسية من جامعة “تربيت مدرس” في العاصمة طهران، كما أكمل دورة قيادة الطائرات في شركة إيرباص بفرنسا، ويعتبر من طياري شركة “إيران أير”، وشغل منصب عضو الهيئة التدريسية في كلية الجغرافيا البشرية بجامعة طهران، وعينه المرشد الأعلى قائدًا للقوات الجوية في الحرس سابقًا، كما أنه شارك في الحرب العراقية الإيرانية ثم عمل رئيسًا للشرطة الوطنية.
ويُحسب قاليباف على المحافظين، لكنه ينادي ببعض أفكار التغيير والإصلاح، حيث كان مرشحًا لانتخابات الرئاسية عام 2005، لكنه لم يحصل على أصوات تؤهله للتقدم في السباق، وامتنع عن الترشح في الدورة الانتخابية التالية عام 2009، ليترشح مجددًا في انتخابات 2013، التي فاز فيها الرئيس حسن روحاني، وحل قاليباف في المركز الثاني بحصوله على 6 ملايين صوت، وكان حينها صاحب برنامج انتخابي واضح شعاره “آن الأوان لإسكات الشعارات والبدء بالتطبيق العملي”، ويرتكز على حل مشكلات البطالة والسكن والزواج، والإدمان.
إسحاق جهانجيري
سياسي إيراني بارز أيضًا على الساحة السياسية، ولد في سيرجان التابعة لمحافظة كرمان في يناير عام 1957، وحصل على دكتوراة في الإدارة الصناعية، ويشغل حاليًا منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية في حكومة حسن روحاني، وشغل منصب وزير الصناعة والمناجم في عهد الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، كما كان عضوًا بمجلس الشورى الإسلامي لدورتين متتاليتين، خلال الفترة من 1984 إلى 1992، ويحسب جهانكيري على التيار الإصلاحي، وهو قريب من تيار الاعتدال الوسطي.
مصطفى ميرسليم
يعتبر أول مرشحي الانتخابات الرئاسية، ولد في العاصمة الإيرانية طهران عام 1947، وحصل على شهادة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من جامعة بواتييه الفرنسية، وتولى منصب وزير الثقافة في الولاية الثانية من رئاسة الرئيس الأسبق، هاشمي رفسنجاني، من عام 1993 وحتى 1997، كما كان عضوًا في مجمع تشخيص مصلحة النظام، ويُحسب مير سليم على التيار المبدئي ويتبنى بعض الآراء الوسطية.
مصطفى هاشمي طبا
من مواليد العاصمة الإيرانية، طهران، وتولى العديد من المناصب السياسية، أبرزها وزيرا أسبق للصناعة والمناجم، وكان أيضًا الرئيس الأسبق للجنة الوطنية الأولمبية، كما تولى منصب مساعد الرئيس الإيراني لمنظمة الشباب والرياضة في حكومة، هاشمي رفسنجاني، ويحسب هاشمي طبا على التيار الإصلاحي.