«السمطا»..جمهورية السلاح تحت سيطرة أباطرة الكيف
السبت، 29 أبريل 2017 04:50 م
رغم أن الأغلبية الكاسحة من أهالي الصعيد، يتسمون بالجدعنة، والشهامة، فإن التراجع الكبير الذي فرضته الحالة الاقتصادية المتردية، وبخاصة خلال السنوات الأخيرة، فرضت سمات جديدة على هذه المجتمعات القبلية في معظم تقاليدها؛ الأمر الذي بدأت على أثره عصابات تجارة السلاح، والخلايا الإرهابية، تتوغل لا سيما في المنطاق التي يبسط أباطرة الكيف، والمخدرات، نفوذهم عليها.
ويعد نجع السمطا، واحدا من الأمكان التي اجتمعت فيها جميع العوامل السلبية، من فقر، ومرض، وغياب لسلطة الدولة، وخدماتها؛ لتخلق فرصة سهلة، لأباطرة الكيف، وتجار السلاح، ومعتنقي الفكر الكتفيري، تمكنهم من إيجاد ملاذ آمن، يتضافر مع الطبيعة الجبلية، والظهير الصحراوي الوعر لهذا النجع، ومحافظة قنا بأكملها، فيصنع تابلوها مرعبا يهدد الاستقرار الأمني.
نظرا لحالة التآزر التي يعيشها تجار السلاح، والعناصر الإرهابية، الذين لا تتم جرائمهم إلا بالتعاون فيما بين الطرفين، فإننا نسلط الضوء في هذا التحقيق، على رحلة السلاح المهرب من الحدود الليبية، والسودانية، إلى مخابئ السمطا.
السمطا.. حروف من نار
رغم أن نجع السمطا ليس هو الوحيد الذي يكتظ بتجار السلاح، وبالتالي العناصر الإرهابية الخطرة، فإنه يعد الأهم بين كثير من النجوع المحيطة به، والتي تشاركه النشاط ذاته، مثل: "أبوحزام"، و"حمرة دوم" و"البوصة"، و"بهجورة"، و"الحجيرات" و"الكرنك".
ما تسمعه عن نجع السمطا، منذ أن تطأ قدماك قنا، وتعلن عن رغبتك في زيارة هذا المكان، يجعلك تعتقد حروف اسم هذا النجع، المدونة على اللافتة المزروعة في مدخل القرية، كُتبت بالنار؛ ولما لا وجميع ما تسمعه من الأهالي قبل الدخول إلى السمطا، يؤكد أنه من الصعوبة بمكان أن يخرج منها الغرباء، إذا دخلوها على غير رغبة أباطرتها من رجال السلاح، والمخدرات، والإرهاب.
السلاح.. رحلة مشبوهة
وتعبر صفقات السلاح من الحدود الليبية، والسودانية، عبر رحلة مشبوهة داخل الصحراء الغربية، حتى تستقر في مخابئها في الصعيد، لا سيما بالنجوع المشار إليها.
وتتدفق شحنات الأسلحة مختلفة الأعيرة، والأنواع، تحت بصر، وبترتيب، من القبائل الحدودية، التي يمتد نفوذها، ووجود المنتمين إليها، في أعماق الصعيد، وهو ما تستغله هذه القبائل، في إقامة طرق ومسالك صحراوية ممتدة كالشبكة المحكمة، بشكل يضمن وصول صفقاتهم إلى حيث يريدون بعيدا عن أعين الأمن.
وتلعب تلك القبائل دورا بارزا ومهما في تهريب الأسلحة، القادمة من السودان، وليبيا، إلى مراكز تجمعها، ومخابئها في قنا، وذلك بالتعاون مع تجار المخدرات، الذين يحمون تجارتهم المربحة، عبر ترسانات الأسلحة التي يعملون على نقلها، وتبادلها.
ويدخل السلاح إلى نجع السمطا، من دروب الظهير الصحراوي، المتاخم لقنا، عبر شحنات تضم أجزاء هذه الأسلحة، مفككة، على أن يتم إعادة تركيبها، عقب وصولها إلى مكان إخفائها.
ويصل سعر البندقية الآلية، بين تجار السمطا، إلى 35 ألف جنيه، بينما السلاح الآلي الكوري، يتجاوز 22 ألف جنيه، ويرتفع عنه السلاح الإسرائيلي ليصل إلى 25 ألف جنيه، ويصل الرشاش الروسي إلى 20 ألف جنيه، ويتجاوز المدفع الجرينوف 60 ألف جنيه.
وتعد الطبنجات الأسلحة الأكثر رواجًا، لصغر الحجم، والأسعار الرخيصة مقارنة بالبندقيات وغيرها، إذ يصل سعر الطبنجة ألمانية الصنع إلى 15 ألف جنيه، و18 ألف للطبنجة حلوان.
نجع المناسير برا الخدمة
يقع داخل السمطا ولا يوجد فى نجع المناسير، أى أثر لخدمات الدولة، أيا كان نوعها، وكأن هذا النجع لا توجد حكومة مركزية، أو محافظة إقليمية، تهتم بشأنه، وأكاد أجزم أن كبار مسؤولى المحافظة، والحكم المحلي، والتضامن الاجتماعي، والصحة، والتعليم، لا يعرفون بوجود هذا المكان على أرض مصر، وإلا لاستقالوا خجلا وحياءً، من وجود مكان كهذا فى عهدهم.
نجع «المناسير» وصمة عار فى جبين الدولة
لا يمكن وصف الحالة التى يعيش فيها أهالى هذا النجع، إلا بأنها وصمة عار فى جبين دولة خطت للتو إلى الألفية الجديدة، تاركة خلفها بعض أبنائها قابعين فى سنوات الظلام، وتحت الأقدام الثقيلة للجهل، والتخلف.
وينافس الذباب أهالى النجع على كل شيء تقريبا، فهو موجود بأعداد هائلة جدًا، ولا يكاد يترك شبرًا إلا انتشر فيه بالمئات، حتى صار من الصعوبة بمكان، تصوير أى جزء من النجع، بعيدًا عن الذباب.
وتخلو أماكن المعيشة فى النجع من أبسط علامات الآدمية، إذ لا يمكن وصفها إلا بأنها عشش، تشترك فيها البهائم، مع البشر، ولا تخلو عشة، من هذه العشش من الأطفال، الذين يلهون وسط تلال القمامة، والمخلفات، حفاة عراة، حتى أن الدهشة تصيبك عندما يخطر ببالك سؤال، عن كيفية بقائهم على قيد الحياة، رغم الكم الهائل من الأمراض التى من المفترض أنها أصابتهم
أقرأ ايضا :
كيف اخترق «الدواعش» الصعيد؟ (قراءة في عقل التنظيم)
رأس الإرهاب القبيح تطل من قنا.. الفتنة السياسية والقبلية تسقط الصعيد في قبضة داعش